منتدى التعاون الصينى الإفريقى
وسط ظروف معاناة اقتصادات دول إفريقيا من عدم الاستقرار، وفى الوقت الذى يزيد فيه الغضب الشعبى بسبب العواقب الاقتصادية للديون، وبسبب الاستغلال لثروات القارة السوداء، من قبل الدول الاستعمارية الرأسمالية المتوحشة، وبسبب الصراعات والحروب والاضطرابات، يتم عقد المنتدى الاقتصادى الصينى الإفريقى، فى الرابع من شهر سبتمبر، وذلك انطلاقًا من حرص الصين على أن تكون رفيقة الدرب لقارة إفريقيا، وتنميتها وفق الطريق المستقل الذى تبنيه القارة لشعوبها.
عقدت وزارة الخارجية الصينية مؤتمرًا صحفيًا حول حضور الرئيس الصينى شى جين بينج الجلسة الافتتاحية لقمة 2024 لـ«منتدى التعاون الصينى الإفريقى التاسع»، الذى سيتم عقده على مدى ثلاثة أيام فى بكين، فى الفترة من 4 إلى 6 سبتمبر 2024، تحت عنوان «تضافر الجهود لدفع التحديث وبناء مجتمع صينى إفريقى رفيع المستوى ذى مستقبل مشترك».
سيتم عقد المؤتمر بحضور القادة الأفارقة، وبحضور رئيس الوزراء المصرى الدكتور مصطفى مدبولى ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى، والأمين العام للأمم المتحدة ضيفًا، ومشاركة المنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة بصفة مراقب، لتعزيز التعاون الصينى الإفريقى، وتعميق الصداقة لهدف بناء مسارات جديدة للتضامن والتعاون، لتسريع التنمية المشتركة بين الطرفين.
ولقد أطلقت الصين على هامش مشاركتها فى حوار قادة إفريقيا والصين الذى تم عقده فى أغسطس عام2023، ثلاث خطط فى مجال التعاون المشترك، وهى دعم التصنيع فى إفريقيا، ودعم الصين للتحديث الزراعى، والتعاون فى مجال تدريب المواهب والمهارات بين الصين وقارة إفريقيا.
ويتم عقد منتدى التعاون الصينى الإفريقى كل ثلاث سنوات، بالتناوب بين الصين وإفريقيا، وينقسم منتدى هذا العام إلى منتديات فرعية تخصصية تشمل، منتدى السلام والأمن، ومنتدى التعاون بين الصين وإفريقيا والحكومة المحلية، والمنتدى القانونى الصينى الإفريقى، والمنتدى الوزارى حول التعاون الصحى الصينى الإفريقى.
تأسس المنتدى الصينى الإفريقى فى بداية هذا القرن، ويعتبر المنتدى منبرًا مهمًا للحوار الجماعى، وآلية فعالة للتعاون الصينى الإفريقى، يقوم على أساس علاقات الصين المبنية على الصداقة والاحترام والثقة والمنفعة المتبادلة والمصير المشترك واحترام سيادة الدول.
ولقد أشار وزير الخارجية الصينى وانج يى خلال مؤتمره الصحفى الذى عُقِد على هامش دورة الهيئة التشريعية الوطنية الصينية، فى مارس 2024، إلى وجود تقليد تجاه إفريقيا، بأن يختار وزراء خارجية الصين إفريقيا، لتكون المحطة الأولى فى زياراتهم السنوية للخارج، وأشار إلى أن هذا التقليد متبع منذ 34 عامًا.
وأضاف « إفريقيا والصين تجمعهما الأخوة، ولقد التقيا معًا كتفًا بكتف ضد الاستعمار العالمى، ومن أجل الدفاع عن العدالة والسلام، وتحقيق التنمية فى عالم متغير.
وتحرص الصين على التكامل الاقتصادى الإفريقى، ولذا دعمت الصين بناء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، التى تم الإعلان عنها عام 2019، وتهدف لخفض التعريفة الجمركية، وإزالة الحواجز التجارية، وتعزيز وتنمية التجارة والاستثمار داخل المنطقة، وتحقيق التدفق الحر للسلع والخدمات ورأس المال داخل القارة الإفريقية، وتسهيل الوصول للأسواق الإقليمية، وتعزيز سلاسل الإنتاج الصناعى داخل القارة، ليسهم فى المنافسة العالمية.
إن نمو حجم التبادل التجارى بين الطرفين جعل الصين أكبر شريك تجارى لإفريقيا، ووفقًا لمؤشرالتجارة الصادر عام 2023، ارتفعت قيمة التجارة البينية بين الصين ودول لإفريقيا، من أقل من 14 مليار دولار أمريكى عام 2000، إلى 263 مليار دولار أمريكى عام 2022، ووصل إلى 282 مليار دولار أمريكى عام 2023.
وترتكز الواردات الصينية من إفريقيا على المكسرات والزهور والخضروات والفواكه، أما صادرات الصين إلى إفريقيا، سيارات كهربائية وبطاريات الليثيوم، ومنتجات كهرو ضوئية، هذا بجانب الاستثمارات الصينية فى مشروعات البنية الحتية، والطاقة والمشروعات التكنولوجية.
ويهمنى قبل أن أنهى المقال أن أشير إلى أن العلاقات الإفريقية الصينية تطورت بشكل كبير على مدى العقود القريبة الماضية فى جميع المجالات الاقتصادية والتجارية، بجانب التبادلات الثقافية والتعليم والإعلام وتعليم اللغة الصينية وذلك لتعزيز قوة الصين الناعمة فى إفريقيا. هذا بجانب مبادرة الحزام والطريق التى انضمت لها العديد من الدول الإفريقية وتهدف هذه المبادرة إلى تحسين الاتصال والتجارة من خلال تطوير البنية التحتية.
وبالنسبة لتطور العلاقات الصينية المصرية عملت مصر فى السنوات الأخيرة على التعاون بينها وبين الصين فى عدد من المشروعات التنموية فى منطقة قناة السويس، منها الطاقة المتجددة، ومشروعات فى البنية التحتية، ووسائل النقل، كما أسهمت الصين فى المجال العقارى فى العاصمة الإدارية الجديدة، واستفادت مصر من الخبرات الصينية، فى مجال تكنولوجيا المعلومات والمدن الذكية والذكاء الاصطناعى وتم إنشاء كليات جديدة فى المجال التكنولوجى المتقدم بالتعاون مع الصين.
وانضمت مصر لمبادرة الحزام والطريق التى أطلقتها الصين، وبدأت فى تنفيذها مع معظم دول العالم، ومن المعروف أن لهذه المبادرة دورًا كبيرًا فى محور التنمية بقناة السويس، وتنمية طرق التجارة بين الشرق والغرب.
ويهمنى أيضًا أن أشير إلى المؤتمر الصحفى الذى تم عقده فى 24 يوليو 2024، حيث أكد السيد لياو ليتشيانج سفير جمهورية الصين الشعبية بالقاهرة إلى تطوير وتعزيز العلاقات الصينية العربية، وبالنسبة لمصر قال «تتقدم مصر نحو هدف بناء الجمهورية الجديدة وتسعى إلى التنمية والنهضة، وإننى على يقين بأن الصين ومصر ستسجلان فصلًا جديدًا للصداقة والتعاون».
وأصدر الجانبان بيانًا مشتركًا وأعلنا هذا العام عام الشراكة المصرية الصينية، وأكدا ضرورة دفع العلاقات الثنائية من أجل بناء مجتمع المستقبل المشترك.
كما أكد السيد السفير أن الصين تحرص على تكثيف التنسيق مع مصر فى محافل متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومنظمة شانغهاى للتعاون، ومجموعة البريكس ومنتدى التعاون الصينى الإفريقى للحفاظ على العدالة الدولية والمصالح المشتركة للدول النامية، مع زيادة التبادل السياحى بين مصر والصين وتسهيل إجراءات التجارة بين البلدين وتسويتها بالعملات المحلية، وتعزيز التعاون فى مجالات الإعلام والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والبحوث العلمية والذكاء الاصطناعى.
إننا نأمل أن يدفع المنتدى إلى مزيد من التعاون من أجل خير الشعوب ونُشيد بدور الصين الكبير تجاه القضية الفلسطينية، برفض التهجير القسرى للفلسطينيين من أراضيهم، والإبادة الجماعية التى يقوم بها الكيان الصهيونى العنصرى، والعمل على الإنفاذ الفورى والمستدام للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وأيضًا دور الصين فى مجلس الأمن والأمم المتحدة، فى دعم ومساندة الشعب الفلسطينى، ودورها فى المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وإنهاء الانقسام
إن المنتدى سيكتب فصلًا جديدًا من التعاون الصينى الإفريقى، ومن التفاهم المتبادل، والتقارب والصداقة بين شعبى الصين وإفريقيا، وسيرسل رسالة قوية مفادها بمشاركة إفريقيا والصين فى إصلاح الحوكمة العالمية.