أشهر 50 خُرافة فى علم النفس «1»
يقدم كتاب «أشهر ٥٠ خُرافة فى علم النفس: هدم الأفكار الخاطئة الشائعة حول سلوك الإنسان» رحلة مشوقة فى عالم «علم النفس»، ويفند عبر صفحاته - عبر استعراض الدراسات العلمية الموثقة - هذه الخرافات، ويوضح احتمالات أسباب انتشار هذه الخرافات على نطاق عالمى واسع وتصديق الناس لها، كما يهدم مؤلفو الكتاب أيضًا إجمالى ٢٥٠ خرافة أخرى فى صورة بسيطة تعتمد على ذكر الخرافة والحقيقة التى تنقضها. وفى الختام يخبرنا الكتاب بثلاثة عشر اكتشافًا جديدًا فى علم النفس يصعب تصديقها على نحو يثبت أن الحقيقة أحيانًا تكون أغرب من الخيال.
الكتاب ألفه أربعة من أشهر علماء النفس فى الولايات المتحدة الأمريكية، هم: سكوت أو ليلينفيلد، وستيفن جاى لين، وجون روشيو، وبارى إل بايرستاين، وترجمه إلى العربية: إيمان أحمد عزب ومحمد رمضان داود.
من بين الأفكار التى يفندها الكتاب ويؤكد أنها مجرد خرافة لا تمت للعلم بصلة:
خرافة: معظم الناس لا يستخدمون إلا ١٠٪ فقط من قدرة المخ.
وهذه الخرافة يروجها العاملون فى مجال التسويق والتنمية الذاتية، معتمدين فى نجاحهم على الآمال العريضة التى يعلقها الأشخاص على الارتقاء بقدرتهم على تحسين أنفسهم، فيروجون لسلسلة لا تنتهى من الخطط والبرامج المبنية على هذه الخرافة أملًا فى إشباع غرور العملاء المحتملين الذين يرون أنهم قفزوا فوق حدود قدراتهم العقلية.
فمع استخدام التقنيات التى تكشف عن العمليات التى تتم داخل المخ، مثل رسم المخ وأجهزة التصوير المقطعى بانبعاث البوزيترون وأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسى الوظيفى، لم يُظهر هذا الرسم التفصيلى للمخ وجود أى مناطق خاملة تنتظر أن تسند إليها مهام جديدة.
ويفند هذه الخرافة التى روجت لها بعض الأفلام السينمائية أن المناطق غير المستغلة فى المخ إما تذبل، أو «تتحلل»، على حد تعبير علماء الأعصاب، أو تستولى عليها المناطق المجاورة التى تستطلع دائمًا أى مناطق غير مستغلة؛ لكى تستعمرها من أجل أن تستغلها فى تحقيق أغراضها الخاصة.
خرافة: الحاسة السادسة ظاهرة علمية ثابتة معترف بها.
تروج بعض الكتب والمواقع على الإنترنت لفكرة وجود مهارات روحية تكمن بداخلنا جميعًا، وتروج لأساليب بسيطة من شأنها أن تطلق سراح هذه القوى الكامنة بداخلنا وتجعلنا نصل بنجاح إلى درجة الحاسة السادسة. عن طريق ممارسة التأمل، بحيث يتمكن المتدرب من تخمين حقائق مدهشة عن الآخر من خلال القوى الخارقة للطبيعة.
لكن التجارب العلمية الدقيقة تثبت أنه لا وجود علميًا للحاسة السادسة، ربما كان السبب الأكثر تأثيرًا فى نشر الاعتقاد فى وجود الحاسة السادسة هو أن تجاربنا الشخصية أحيانًا تكون استثنائية للغاية لدرجة لا يُقبل معها التفسير العادى. فى دراسة أجريت على ١٥٠٠ مواطن أمريكى بالغ زعم ٦٧٪ منهم أنهم مروا بتجارب شخصية تتعلق بالجلاء البصرى، أو الاستبصار، أو التحريك العقلى.
خرافة: يمر معظم الناس بأزمة منتصف العمر فى الأربعينات أو فى أوائل الخمسينات من عمرهم.
يقوم بعض الرجال بتصرفات غير معهودة فى فترة من حياتهم، ويصف المجتمع هذا الوضع بـ«أزمة منتصف العمر»، وهى فترة من سن الأربعين إلى الستين، وتشهد هذه الفترة حالة مثيرة من الاضطراب ومراجعة الذات، إذ يواجه المرء فى تلك السن احتمالات الوفاة، وتراجع اللياقة البدنية، والأحلام والآمال التى لم يستطع أن يحققها.
وهو ما يعبر عنه دانتى أليجيرى فى قصيدته الملحمية «الكوميديا الإلهية»:
فى منتصف رحلة حياتى وجدت نفسى فى غابة مظلمة، واختفى من أمامى الطريق القويم.
ورغم ذلك تؤكد الدراسات العلمية أن أزمة منتصف العمر ليست إلا خرافة. فقد أظهرت الدراسات المختلفة أن نسبة الأشخاص الذين أعربوا عن مرورهم بأزمة منتصف العمر تتراوح بين ١٠ و٢٦٪ فقط، بالإضافة إلى أن فترة منتصف العمر يمكن أن تشهد ذروة الأداء النفسى السليم، فأزمة منتصف العمر ليست قدرًا أو حتى احتمالًا مرجحًا أن يحدث للجميع.
خرافة: يقترن التقدم فى العمر عادة بزيادة الشعور بالتذمر وأعراض الشيخوخة.
يوضح الكتاب أن انتشار هذه الخرافة يعود إلى صورة نمطية تروجها وسائل الإعلام، خاصة الدراما التليفزيونية والأفلام السينمائية ورسوم الكارتون، وأنه من الطبيعى أن يتعرض الإنسان لضعف طفيف بالذاكرة مع تقدم العمر، ويتضمن هذا الضعف درجة بسيطة من درجات النسيان وصعوبة فى استرجاع الكلمات أثناء الحديث. ولكن فقدان الذاكرة الحاد المرتبط بمرض ألزهايمر وأنواع الخرف الأخرى ليس من المضاعفات الطبيعية للتقدم فى السن.
كما أن مستوى الذكاء العام والمهارات اللفظية لا يتراجع فى الثمانين من العمر عما كان عليه كثيرًا فى المراحل العمرية الأقل، وتشير الأبحاث التى تُجرى على الإنجازات الإبداعية إلى أنه فى بعض المجالات، مثل كتابة التاريخ أو الكتابة الروائية، يقدم العديد من الأشخاص أفضل أعمالهم وهم فى الخمسينات أو فى العقود التى تليها بكثير. ويؤكد المؤلفون أن ممارسة الرياضة، واتباع نظام غذائى صحى، وحل الألغاز، وإبقاء القدرة الذهنية نشطة، قد تبطئ من الخسائر الطفيفة التى تطرأ على القدرة المعرفية مع تقدم العمر أو تعوضها.
ترجع أهمية دحض هذه الخرافات وغيرها، وتوضيح تأثير وسائل الإعلام والتسويق التجارى لبعض هذه الأفكار إلى تحرير الإنسان من كثير من الخرافات التى تجعله يجنح إلى سلوك أو تصور قد يؤدى به لإفساد حياته، أو تكليف نفسه ما لا تطيق، أو الوقوع فى أسر الخوف من أمر يعتقد أنه محتوم أو جبرى.
.. وللحديث بقية.