الدعم العسكري الأكبر في التاريخ.. الولايات المتحدة شريك لا وسيط (مدفوع بالبيانات)
◄60 مليار دولار أنفقتها أمريكا لتسليح إسرائيل تسقط 40602 شهيد في 328 يوم
قبل أسبوعين، ذهب الشاب الغزاوي محمد أبو قمصان إلى أحد مكاتب الصحة يملؤه الأمل والفرحة لتسجيل طفليه التوأم، ويستخرج شهادات ميلاد لهما، لكن لم يبقى من طفليه سوى هاتان الشهاداتان، فطائرات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت منزله، ليستشهد التوأم ويتم استخراج شهادتي وفاة بالإضافة إلى شهادة وفاة والدتهما جمانة عرفة التي شاركت العالم فرحتها بميلاد آيسل وآسر عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، لينهار الشاب أبو قمصان حزنا بعد 3 أيام من الفرحة، مشهد أصبح طبيعي في غزة منذ 7 أكتوبر 2023.
ما لم يعلمه أبو قمصان أثناء انهياره، أو حتى رواية قصة أيام السعادة الثلاثة التي قضاها طفليه على الأرض، أن نصيب طفليه وزوجته من المساعدات الأمريكية العسكرية لإسرائيل منذ بداية الحرب الأخيرة 4 مليون ونصف المليون.
قبل أربع أيام أعلن جيش الاحتلال الاسرائيلي وصول الرحلة رقم 500 وقبلها السفينة رقم 107 ضمن خط الإمداد العسكري منذ بداية الحرب التي حملت 50 ألف طن من العتاد العسكري، لتستخدمها إسرائيل في قتل ما يزيد عن 40 ألف شهيد خلال 10 أشهر، بإجمالي مساعدات عسكرية - معلنة- 60 مليار دولار، وهو ما يطرح السؤال الأهم هل الولايات المتحدة وسيط حقيقي في الصراع، أم هى شريك في جرائم الاحتلال؟
نكشف في السطور التالية من هذا التقرير المدفوع بالبيانات حجم المساعدات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية منفردة لدعم إسرائيل منذ الـ7 من أكتوبر 2023
بعد 3 أيام فقط من بدء عملية طوفان الأقصى في الـ7 من أكتوبر، ووفقًا للإحصائيات الرسمية التي أعلنها جيش الاحتلال فيما بعد، فقد أرسلت الولايات المتحدة 50 طائرة عسكرية أمريكية تحمل معدات عسكرية تنوعت ما بين ما بين قنابل وصواريخ وغيرها من الأسلحة، لتبلغ كمية المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل خلال 3 أشهر فقط 10 طن من المساعدات العسكرية، استخدمها الاحتلال في العدوان على قطاع غزة، ليسقط خلال شهرين فقط هما أكتوبر ونوفمبر 11360 شهيد
لم تكتف الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال تلك المساعدات العسكرية للاحتلال، لكنها ايضًا استخدمت حق الفيتو في 18 أكتوبر للمرة، الأولى منذ بدء العدوان على قطاع غزة لوقف قرار تقدمت به البرازيل داعية إلى هدنة إنسانية والسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، وصوتت في 26 من ذات الشهر برفض الطلب الروسي لوقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، ثم عادت استخدمت حق الفيتو مجددًا في 8 ديسمبر 2023، ضد قرار تقدمت به الإمارات العربية المتحدة بمشاركة 80 دولة لوقف إطلاق النار، وجاء الفيتو الأمريكي بالتزامن مع ارتفاع أعداد الشهداء في القطاع وتدفق المساعدات الأمريكية الأمريكية التي جاءت في ديسمبر بقرار من الرئيس الأمريكي منفردًا دون الرجوع للكونجرس، بموجب قانون مراقبة تصدير الأسلحة (Arms Export Control Act - AECA)
هذا القانون والذي تم إصداره في العام 1976، فإن يعطي الحق لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بالتمتع ببعض الصلاحيات لبيع الأسلحة أو تقديم المساعدات العسكرية بصورة عاجلة في حالات الطوارئ عندما يقرر أن هذه الخطوة تخدم المصالح الوطنية للولايات المتحدة، ليستغل بايدن الأمر ويقرر منح إسرائيل في ديسمبر من العام 2023 بقيمة 25 مليون دولار، وبالمقابل يرتفع عدد الشهداء إلى أكثر من 22 ألف شهيد في مقابل دعم أمريكي يقدر ب 20 مليار دولار خلال 3 أشهر.
لا تتوقف قصص المعاناة في غزة منذ الـ7 من أكتوبر، النزوح من الشمال كان البداية، ووثقت كاميرات القنوات والصحف
لحظات ستظل محفورة في وجدان التاريخ الإنساني منها على سبيل المثال صور الأطفال بعد اجتياح شمال غزة وهم في طريقهم إلى الجنوب يحملون في أيديهم الشارات البيضاء، دون أن يعرف أحدهم لماذا يتركون منازلهم ولماذا يحملون مثل هذه الشارات البيضاء، ما التهديد الذي يمثله هؤلاء الأطفال على عساكر الاحتلال المدججين بالأسلحة والمتسترين خلف مدافعهم ذات الصناعة الأمريكية.
شريك أساسي
في أبريل الماضي، أعلنت الإدارة الأمريكية توقف المساعدات العسكرية عن التدفق لإسرائيل، كمحاولة لمنع إسرائيل من اقتحام رفح الفلسطينية بعدما سيطرت على شمال ووسط قطاع غزة وقسمت القطاع إلى نصفين، لكن المشهد تغير وعادت الأمور إلى طبيعتها وطويت صفحة الخلاف عقب الهجمات الإيرانية على إسرائيل بأكثر من 350 صاروخ ومسيرة، وهو ما يؤكده اللواء عادل العمدة المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، أن الولايات المتحدة الأمريكية رغم لعب دور الوسيط إلا أنها بالفعل شريك لإسرائيل منذ اليوم الأول في الحرب على غزة وتمدها بكافة أنواع الأسلحة التى تستخدمها إسرائيل في استهداف كل شيء بقطاع غزة والبالغ مساحته 350 كيلو متر، والأسلحة المتطورة التى تمد الولايات المتحدة إسرائيل بها يمكن القول أن بعضها بالفعل أسلحة محرمة دوليا وهو ما يظهر جليًا في استخدام الفسفور الأبيض وغيره من الأسلحة وما لها من تأثير واضح على جثامين الشهداء وكذلك على المباني والمنشأت.
وأضاف العمدة في تصريحات خاصة لـ الدستور، أن شهور العدوان الطويلة أثبتت بما لايدع مجال للشك أن الولايات المتحدة تقف خلف إسرائيل بكل ما أوتيت من قوة خاصة بعد الهجمات الإيرانية في أبريل الماضي، ثم التهديد منذ أكثر من شهر بهجوم إيراني جديد على إسرائيل ما دفع الولايات المتحدة لإنهاء الخلاف الشكلي حول إرسال كميات كبيرة وجديدة من الأسلحة إلى إسرائيل.
وأكد العمدة على أن الدعم الأمريكي أيضًا يظهر بوجود حاملات طائرات وسفن حربية أمريكية في الشرق الأوسط، سواء في البحر المتوسط وبالقرب من حدود لبنان تحسبًا لأي هجمات جديدة مرتقبة، أو في البحر الأحمر لصد هجمات الحوثيين التى تنطلق من اليمن.
وشدد المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا على أنه في أبريل الماضي أقرت الولايات المتحدة الأمريكية بطلب من الرئيس الأمريكي وموافقة الكونجرس على إقرار حزمة مساعدات عسكرية عاجلة لثلاث دول هى أوكرانيا وتايوان وبالطبع إسرائيل والتي حظيت بالنصيب الأكبر بقيمة 26 مليار دولار أمريكي.
وفقًا لتقارير دولية فقد سلمت الولايات المتحدة إسرائيل الأسلحة التى كان مختلف عليها منها بعض الصواريخ والقنابل التي كانت ترفض الولايات المتحدة استخدامها خشية وقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين بحسب ما تداولته وكالات الأنباء عن البيت الأبيض.
ويقول اللواء عادل العمدة أن القوة التدميرية للقنبلة زنة 907 كجم على سبيل المثال، يمكن أن تتسبب في دمار عدة بنايات بصورة مجمعة دون تفرقة ما قد يتسبب في سقوط عشرات الشهداء، ويصل مداها لـ 28 كيلو متر مربع من لحظة الإسقاط، مضيفًا من الصعب التكهن بـكمية المتفجرات التي ألقيت على قطاع غزة، فرغم أن الولايات المتحدة قد أمدت إسرائيل بما أعلنته من مساعدات بلغت 50 طن إلا أنها ليست بالكامل متفجرات وصواريخ، فبينها بنادق قتال ومعدات للجنود، لذلك فلا يمكن حساب المدى الانفجاري، كما أن المساعدات العسكرية الأمريكية ليست الوحيدة التي تصل إلى إسرائيل منذ بداية العدوان على قطاع غزة لأن ألمانيا وبريطانيا وكذلك فرنسا، وعدد من الدول الأوروبية قاموا بإمداد إسرائيل بأسلحة ومعدات.
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
تعرض قطاع غزة للعدوان الإسرائيلي عدة مرات منذ فك الارتباط أحادي الجانب من قبل إسرائيل والانسحاب من قطاع غزة في 2005، وتم فرض حصار كامل على قطاع غزة في 2007 بعد سيطرة حكومة حماس على القطاع، ومنذ ذلك التاريخ حتى الآن شهد القطاع 4 حروب، خضع القطاع بعدها لعمليات إعادة إعمار، كانت الأولى في ديسمبر 2008 واستمرت حتى يناير 2009، وتكلفت عملية إعادة الإعمار حوالي 4 مليار دولار، وفي العام 2012 شهد القطاع عملية تصعيد عسكري، وتكلفت إعادة الإعمار نحو 1.2 مليار دولار، وفي 2014 بعد حرب الـ 50 يوم تكلفت عملية إعادة الإعمار 7.8 مليار دولار، أما حرب 2021 تكلفت عملية إعادة الإعمار مليار ونصف المليار دولار، بينما ووفقًا لتقارير صادرة من الأمم المتحدة، فإذا ما توقفت حرب غزة الأن فإن القطاع يحتاج إلى أكثر من 40 مليار جنيه وثمانون عامُا حتى يتم إعادة الإعمار.
طرف في الوساطة
ويقول الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية والاستراتيجية، أن الولايات المتحدة طيلة الوقت تتحدث وتعمل بصفتها ضامن لأمن إسرائيل، بالطبع الولايات المتحدة طرف في الوساطة، لكن الإدارة الأمريكية الحالية قدمت لإسرائيل من دعم ما لم تقدمه أي أدارة أخرى من قبل، مشددًا على أنه بالطبع الولايات المتحدة شريكة فيما جرى ويجري بغزة.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية في تصريحات خاصة، أن في مرحلة ما كان هناك تجاذب بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل حول استخدام أنواع معينة من الذخائر والمقذوفات في أماكن العمليات وخطوط المواجهة لكن هذه الأمور سرعان ما تنتهي، ولا يجب أن ننسى عدد وحجم المسئولين الأمريكيين الذين زاروا إسرائيل، بل وحتى الرئيس الأمريكي جو بايدن قد زار إسرائيل، وبالتالي هناك دعم كبير وواضح يمكن الوقوف أمامه.
وحول جهود الوساطة أوضح الدكتور طارق فهمي، أن هناك طول الوقت تصريحات حول تفاؤل الوسيط الأمريكي بمضي المحادثات قدمًا وأشاعوا جول من التفاؤل بدون مبرر خصوصًا وأنه كان المطلوب الضغط على الحكومة الإسرائيلية مباشرة للتوقف عما تفعله، وشدد على أن كل الظواهر تؤكد على أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بها جانب كبير من التوافقات والخلافات أو التجاذبات هى خلافات شكلية ليست خلافات جوهرية، الجانب الأمريكي لا يريد أن ينخرط في التوصيات، ونتنياهو لا يريد أن يمنح الإدارة الأمريكية صفقة ناجحة أو دعم للإدارة الديمقراطية وكاميلا هاريس ربما لاعتراضهم في وقت ما على صفقات السلاح، ولكن هناك مشكلة مرتبطة بقدرة الإدارة الأمريكية فإذا وافق نتنياهو على صفقة وقف إطلاق النار سيرفع من أسهم الديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية.
المساعدات العسكرية الأمريكية
وفقًا للأرقام التي أعلنها الكونجرس الأمريكي، وكذلك جيش الاحتلال فقد بلغت قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية حتى الأن 60 مليار دولار، وقد وصل عدد شهداء غزة حتى تاريخ ووقت نشر التحقيق 40602، بما يعني أن الولايات المتحدة تنفق مليون ونصف دولار يوميًا مقابل كل شهيد فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال.