النائب أحمد الشرقاوى: مناقشة «الإجراءات الجنائية» تمت بمشاركة كل الجهات المعنية
كشف النائب أحمد الشرقاوى، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، عن كواليس مناقشات مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، داخل اللجنة الفرعية لصياغة ومناقشة مشروع القانون خلال الأشهر الماضية.
وخلال حواره، مع «الدستور»، قال «الشرقاوى» إن مشروع القانون تمت مناقشته بمشاركة كل الجهات المعنية، وعلى رأسها نقابة المحامين على مدار ١٤ شهرًا، مضيفًا أنه لن يخرج القانون الجديد إلى النور إلا وحق الدفاع مكفول ومصون فيه.
وأشار إلى أن بيان نقابة المحامين بشأن قانون الإجراءات الجنائية جانبه الصواب فى عدة نقاط، مؤكدًا أن اللجنة الخاصة بمناقشته تضم عددًا من القامات القانونية والنواب أعضاء نقابة المحامين، موضحًا أنه عمل مع زملائه على تغيير نص المادة ٢٤٢، ما أسفر عن عدم إحالة المحامى إلى النيابة العامة حال حدوث تشويش أو إخلال بجلسات المحاكمة.
وإلى نص الحوار...
■ بداية.. حدثنا عن رؤيتك العامة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد؟
- قانون الإجراءات الجنائية هو الشريعة العامة التى تنظم الإجراءات فى المواد الجنائية، وتشمل محاكمة المتهمين والتحقيق معهم والقبض على الأفراد، وكل الإجراءات المتعلقة من لحظة القبض على المتهم حتى تنفيذ الحكم عليه، ما يشمل الطعون على الحكم وكل درجاته.
كما يشمل إجراءات حماية الأفراد وكفالة حق الدفاع عنهم، وتنظيم إجراءات محاكمتهم والتحقيق معهم، وهو أحد أهم القوانين بشكل عام ويعتبر الدستور الثانى، والمصدقة والمصونة فيه حريات الأفراد، ويعالج الإجراءات الباطلة والتصرفات المادية التى يجريها رجال السلطة العامة بالمخالفة له.
والقانون الحالى جرت عليه مجموعة من التعديلات، لأنه صدر عام ١٩٥٠، وأجريت عليه تعديلات متعددة فى سنوات متعاقبة، حتى ظهرت الحاجة إلى تعديلات واسعة أو قانون جديد، وهذه الخطوة هى التى تصدى لها مجلس النواب ولجنة الشئون الدستورية والتشريعية وبقرار من رئيس المجلس، بأن يتم تعديل مواد كثيرة بالقانون واستحداث مواد أخرى، لذا معظم الذين عملوا على هذا القانون يعتبرون أنه قانون إجراءات جنائية كامل وجديد.
■ هل هناك مواد فى مشروع القانون الجديد تتطابق مع النصوص الحالية؟
- هناك بعض المواد متطابقة مع بعض المواد بالقانون الحالى، وهذا الأمر طبيعى، لأنه لن تبدع أفكارًا أو إجراءات كاملة جديدة، لأن العمل فى القضاء المصرى استقر على مدار سنوات طويلة على قواعد ثابتة ولكنها تحتاج إلى تعديل، وهذا ما دعا إليه مجلس النواب بأن نشرع فى تعديل القانون بشكل موسع يلبى مطالب القانونيين والمشتغلين بالقانون والمجتمع، فى إعداد قانون يتواكب مع العصر ومتطلباته.
■ تعديل مواد الحبس الاحتياطى أبرز التعديلات فى مشروع القانون الجديد.. حدثنى عن رؤيتك لتلك التعديلات؟
- كانت هناك موضوعات مهمة، ومن المفترض أنها ملحة فى ظل التطبيقات العملية لقانون الإجراءات الجنائية الحالى، ومن بينها إعادة النظر فى قواعد الحبس الاحتياطى بالقانون على حسب جسامة جريمة المتهم، وعلى حسب ظروف كل متهم، سواء كان متهمًا فى جنحة أو جناية أو الجناية التى يعاقب عليها بالمؤبد أو الإعدام.
وهناك ٣ حدود قصوى لكل حالة، وكانت هناك مطالبات بإعادة النظر فيها، وهذا تم إدراجه ومناقشته منذ اللحظة الأولى فى الحوار الوطنى، وهو أحد أهم موضوعات الحوار، وتمت مناقشة القضية من خلال متخصصين وبحضور جميع القوى السياسية التى أجمعت على مجموعة من التوصيات، وهذا تزامن وتوافق مع إرادة ورغبة مجلس النواب فى إصدار قانون إجراءات جنائية من ضمنه تعديل قواعد ومواد الحبس الاحتياطى، خاصة أن الدستور المصرى الحالى ٢٠١٤ ينص على قواعد متعلقة بالحبس الاحتياطى وفكرة التعويض عن الحبس الخاطئ، وبالتالى كان هناك إلزام دستورى أيضًا بتعديل قواعد الحبس وتضمين طرق الحصول على التعويض فى حال ظهور براءة المحبوس احتياطيًا.
■ ماذا عن المواد الخاصة بالتعويض؟
- سيتم تطبيق قواعد العدالة، إذا تم حبس أحد الأفراد احتياطيًا مدة من الزمن لأن هذا يصيبه بأضرار مادية وأدبية جسيمة، وسيتم التعويض على حسب مدة الحبس إذا طالت أو قصرت، فلا بد أن يحدد هذا الضرر بقاعدة أساسية بالقانون وأن كل من تسبب فى ضرر للغير يلتزم بدفع تعويض، وبالتالى السلطة العامة فى الدولة عندما تقرر حبس شخص وقيد حريته لمدة من الزمن وتظهر براءته فإن تقييد حريته من الأفعال الضارة لسمعته وأسرته، فله أن يطالب بالتعويض.
وهذا البند معمول به فى كثير من دول العالم، ولم يكن معمولًا به فى النظام القضائى المصرى.
والقانون كان يجب أن يتضمن قواعد لتنظيم التعويض عن الحبس الخاطئ، وفق مدد الحبس، والحد الأقصى فى الجنحة بـ٦ أشهر، وحين تمت مناقشة القانون تمت التوصية بجعل المدة فى الجنحة ٤ أشهر كحد أقصى بدلًا من ٦، وكانت الجناية تحدد بـ١٨ شهرًا وتم تعديلها إلى ١٢ شهرًا.
والجنايات التى تتضمن عقوبتها الإعدام أو المؤبد، كانت ٢٤ شهرًا، وتم اقتراح والتوصية بتخفيضها إلى ١٨ شهرًا.
أما المحكوم عليه بجناية عقوبتها الإعدام أو المؤبد، فكانت محكمة النقض وقبل البت النهائى، وقبل البت فى الطعن، تحبس المتهم احتياطيًا على ذمة الجناية حبسًا مطلقًا حتى الحكم البات فيها، وهذا قيد بمدة فى المشروع الجديد لا تزيد على ٢٤ شهرًا، وهذا يمثل نقلة نوعية بالحبس الاحتياطى بوجوب الإفراج عن المتهم إذا وصلت مدة حبسه إلى هذه الحدود، فيكون الإفراج عنه وجوبيًا وعلى الجهات المنوط بها تنفيذ الأمر القضائى.
■ ماذا عن أبرز الأمور الأخرى فى مشروع القانون؟
- القانون يشمل العديد من المواد المرتبطة بالإعلانات، وتحديد هوية المتهم من خلال الرقم القومى، وحل مشكلات تشابه الأسماء.
ويحل القانون مسائل مهمة خاصة بالمحاكمة منها تنظيم التحقيق وإطلاع الدفاع على التفاصيل، وهذه أمور طورت وعدلت لتكون بشكل أفضل، ولا يتسع المقام لسرد كل التعديلات التى تناولها القانون الذى يتشكل من ٥٤٠ مادة، بعضها مواد ظلت كما هى، وكثير منها عدل وبعضها استحدث، مثل تنظيم المنع من السفر وترقب الوصول، والمنع من التصرف فى الأموال وأمور كثيرة.
■ بصفتك محاميًا.. ما رأيك فى المواد المتعلقة بحقوق الدفاع؟
- حقوق الدفاع مصونة بالدستور ولا يجب المساس بها، وحقوق الدفاع عن المتهمين مذكورة تفصيلًا، وهذا هو الموضع الأساسى الذى يكمله قانون المحاماة، ووردت به مجموعة من النصوص، لكن الشريعة الإجرائية الحاكمة هى قانون الإجراءات الجنائية.
قانون المحاماة يكمل قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاماة كمهنة ورسالة، وكذلك تنظيم أعمال المحاماة من خلال قانون المحاماة وقانون الإجراءات الجنائية.
هناك مواد كانت تشكل أزمة للمحامين، وكانوا يتطلعون لتعديلها كالمادة ٢٤٢، التى تقول إنه «إذا حدث إخلال داخل الجلسة وإذا حدث أمر اُعتبر تشويشًا» يحرر القاضى محضرًا بذلك ويحيل المحامى إلى النيابة العامة.. وطالبنا داخل اللجنة التشريعية فى أثناء مناقشة المادة، بالتعديل، واستجابت اللجنة ووزير شئون المجالس النيابية.
وطالبت، ومعى النائب ضياء الدين داود، بإعداد صيغة جديدة يحذف فيها نص «تشويش» ويعاد ضبطه، وكذلك إحالة الأوراق، وأن تكون مذكرة وليس محضرًا، وأن تحال المذكرة إلى النيابة لا أن يحال المحامى، ووجد ذلك استجابة مبدئية واتفقنا على إعداد تلك الصياغة وتقديمها للجنة للتصويت عليها وهذا مؤشر جيد.
وبعد ذلك، صدر بيان نقابة المحامين، التى أعتبرها بيتى وبيت جميع الزملاء، نشأنا فيه وتربينا على أصول المرافعة والمدافعة والدفاع عن حقوق المواطنين والمتهمين، وأرى أن هذا البيان جانبه الصواب فى بعض مواضعه.
تحدث البيان عن أن مشروع الإجراءات الجنائية لم يأخذ حقه فى النقاش الموسع، وهذا غير حقيقى، فقد جرى تشكيل لجنة فرعية بقرار من رئيس مجلس النواب، ضمت هذه اللجنة كل الجهات المعنية وعلى رأسها نقابة المحامين، على مدار ١٤ شهرًا، وحضرت النقابة ممثلة بشكل رسمى.
انتهت المرحلة الأولى من صدور القانون، وفى المرحلة الثانية سيجرى عرض القانون على لجنة الشئون التشريعية صاحبة الحق الأصيل فى إعداد مشروع القانون بشكل نهائى قبل عرضه على الجلسة العامة.
■ ماذا حدث خلال المناقشات؟
- خلال المناقشات، تجرى تلاوة مادة مادة، وقد نتفق أو نختلف، وأنا من النواب الذين لديهم ملاحظات عديدة فى مواضع كثيرة.
وأود أن أوضح أن مراجعة القانون وإعداد تقرير عنه، من مهام لجنة الشئون الدستورية، وأعضاؤها فقط لهم حق التصويت، ويستطيعون الدفاع عن مواقف الحقوقيين والقانونيين والمحامين، وهم أبناء نقابة المحامين؛ ومنهم النائب ضياء الدين داود والنائب إيهاب رمزى.
والمحامون ككل لديهم الرغبة الأكيدة فى إصدار قانون إجراءات جنائية يسد جميع الثغرات الموجودة، وكذلك حق الدفاع عن المتهمين لنضمن أداء رسالة الدفاع بشكل عادل وبكرامة مهنية مصونة وظروف ملائمة لهذا الدور.
المحاماة والقضاء جناحا العدالة فى كل الدول، وبالتالى لن يخرج القانون إلا وحق الدفاع مكفول.
■ هل ترى أن نقابة المحامين تسرعت فى الحكم على مشروع القانون؟
- التعجل فى إصدار الأحكام على قانون الإجراءات الجنائية ليس من العدل والإنصاف وليس من الفطنة والذكاء.. فهناك مرحلة ثانية جارية لم تنته بعد، وهناك مرحلة ثالثة قادمة، وبالتالى أؤكد أن قانون الإجراءات الجنائية لا يملكه فصيل على حساب فصيل آخر، فهو قانون ينظم إجراءات المحاكمة الجنائية فى منظومة العدالة المصرية التى يشترك فى إقامتها القضاة والمحامون.
■ ما ردك على من حاولوا التشكيك فى دور اللجنة فيما يخص المناقشات؟
- ليس لأحد ولا لأى جهة سلطان على مجلس النواب وأعضائه، ولا رقيبَ عليهم إلا المحكمة الدستورية العليا عندما تعرض القوانين الصادرة من مجلس النواب عليها، وتقرر مدى مطابقتها الدستور من عدمه.
المعيار الوحيد هو اتفاق مواد قانون الإجراءات الجنائية مع الدستور، أما بخلاف ذلك ما زال العمل جاريًا، ولا يصح الحكم على المنتج إلا عند اكتماله تمامًا وبإقراره من مجلس النواب مجتمعًا بجلسته العامة.
استباق الأحداث والحكم على مشروع القانون سيكون حكمًا غير عادل وغير دقيق، وبالتالى ندعو الجميع إلى هدنة حتى الإقرار النهائى للقانون من مجلس النواب.
■ كيف رأيتَ تصريحات رئيس مجلس النواب حول القانون؟
- أثق تمام الثقة فى رئيس مجلس النواب، المستشار الدكتور حنفى جبالى، كونه قامة قانونية كبيرة، وهو رئيس المحكمة الدستورية الأسبق.
على رأس مجلس النواب من يستطيع أن يحدث التوازن لكى يخرج القانون ملبيًا لكل طموحات العاملين بالحقل القانونى، فلن تغلب مطالب سلطة على سلطة.
وأقول للجميع: «سنعمل بحيادية وموضوعية متجردين من انتماءاتنا المهنية من أجل قانون إجراءات جنائية يلبى طموحات وحاجات المجتمع والعاملين بالحقل القانونى».
متى يجرى إقرار مشروع القانون بشكل نهائى؟
- المرحلة النهائية للقانون لم تبدأ بعد، وستكون بالجلسة العامة لمجلس النواب، منعقدًا بكامل أعضائه، ومن الممكن تقديم التعديلات والاستقرار على الوضع والشكل النهائى أمام الجلسة العامة، وهى المرحلة الثالثة التى لم نصل إليها بعد، وستكون خلال دور الانعقاد الخامس للمجلس.