تعظيم سلام للمفاوض المصرى
أعجبنى كثيرًا حوار المفكر السياسى الدكتور عبدالمنعم سعيد، الذى أدلى به للزميل محمد عبدالناصر فى جريدة «الدستور»، وتم نشره يوم الثلاثاء الماضى.. فى الحقيقة أن هذا الحوار أصاب كبد الحقيقة بشكل واضح وظاهر بشأن الحدود المشتعلة من حولنا وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على التنمية العظيمة التى تقوم بها الدولة المصرية منذ ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ حتى الآن.
فهذه البؤرة المشتعلة، خاصة فيما يتعلق بالناحية الشرقية للبلاد والحرب الإسرائيلية الغاشمة التى اندلعت منذ ٧ أكتوبر الماضى حتى كتابة هذه السطور- تؤثر تأثيرًا صريحًا وواضحًا على التنمية المصرية، ولها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد المصرى من خلال تراجع أعداد السائحين إلى البلاد.
فالسائح دائمًا ما يلتمس المكان الهادئ البعيد عن التوتر والبعيد عن الأذى.. إضافة إلى تراجع عائدات قناة السويس بشكل واضح وظاهر.. والأهم من ذلك أن مصر التى لا يعجزها أى شىء، لن تتأخر أبدًا عن الاستمرار فى عملية التنمية التى تقوم بها فى البلاد، رغم زيادة التكلفة، وبسبب هذه الظروف القاسية والصعبة، التى تجعل هناك ارتفاعًا واضحًا فى الأسعار، مثل المعدات وخلافه، وبالتالى تزداد تكلفة أى تنمية تقوم بها البلاد حاليًا.
وما لفت الأنظار أيضًا، فى هذا الحوار المهم، هو حديث الدكتور عبدالمنعم سعيد حول دور المفاوض المصرى والجهود الشاقة والمضنية التى تبذلها الدولة المصرية؛ من أجل وقف الحرب الإسرائيلية، والمعروف عن المفاوض المصرى أنه يتعامل مع الأزمات والتحديات باحترافية شديدة، ويبذل كل الجهود من أجل السيطرة على الأوضاع والوصول إلى حلول ناجحة، رغم كل الاستفزازات والتحرشات التى تقوم بها إسرائيل، وإصرارها الشديد على عرقلة أى مفاوضات تجريها القاهرة.. وبالتالى لدينا قناعة كاملة بأن المفاوض المصرى يتمتع بكياسة وفطنة شديدتين جدًا، ولديه صبر شديد من أجل الوصول إلى تحقيق ما يبتغيه من الحق.
إننى مطمئن تمامًا للمفاوض المصرى، الذى يقوم بمهمة وطنية، والذى يجعلنى مطمئنًا أكثر بشأن المفاوضات المصرية حول وقف الحرب الإسرائيلية أمران مهمان، الأول أن المفاوض المصرى، وهو يتمتع بذكاء شديد، يضع أمامه قاعدة راسخة ومتينة تقضى بعدم المساس بالأمن القومى المصرى والعربى، والثانى أن المفاوض المصرى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يفرط فى الحقوق التاريخية. هذان الأمران هما الخلاصة فى عملية المفاوضات، بالإضافة إلى أمر ثالث وهو أن الموقف المصرى ثابت ولا يتغير بشأن عدم تصفية القضية الفلسطينية ومنع التهجير القسرى وضرورة تفعيل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
لذلك يجب على الجميع ألا يقوم بدور سلبى، ما دام المفاوض المصرى حريصًا كل الحرص على عدم التفريط فى هذه الحقوق. ويجب ألا ننساق وراء السوشيال ميديا، كما حدث فى الفترة الماضية، والتى أثارت جدلًا شديدًا حول جزئيات صغيرة بشأن المفاوضات، لكن يجب أن نعطى الفرصة للمفاوض المصرى، الذى يمثل الدولة الجديدة صاحبة المشروع الوطنى الرائع، والحريصة على أمن الوطن واستقراره وعدم التفريط فيما يمس الأمن القومى المصرى والعربى.
وما يجعلنى أيضًا مطمئنًا بشأن المفاوضات التى وصلت إلى طريق مسدود، أن المفاوض المصرى يضع نصب عينيه كل القضايا التى قلتها آنفًا، رغم القلق الشديد بين المصريين، خاصة بعد التصريحات المستفزة التى تطلقها إسرائيل بين الحين والآخر، وكلها تصريحات يغلب عليها التعنت والصلف وما شابه ذلك، إلا أن الحقيقة هى وجود ثقة عالية وكبيرة فى المفاوض المصرى الذى تحركه الدوافع الوطنية، ولديه القدرة الشديدة على التعامل مع الأمر بما يحقق حفظ الحقوق.
اطمئنوا فلن تفرط مصر أبدًا فى حق من الحقوق، ولن تستسلم مصر أبدًا لأى تعنت أو صلف وخلافه.. مصر القوية بشعبها وقيادتها السياسية لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تخذل أبناءها، والذين يفهمون غير ذلك واهمون لا يقدرون الأمور وتبعاتها. من هذا المنطلق الوطنى تتحرك جموع المصريين، وتجتمع على تأييد الدولة الوطنية، ومساندة القيادة السياسية وتأييدها فى اتخاذ ما تراه مناسبًا فى هذا الشأن.