رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تمهيدا لتحويلها إلى غزة جديدة

الاحتلال يفرض حصارًا شاملًا على الضفة الغربية.. ووزير متطرف بحكومة نتنياهو يطالب بإخلائها

قوات الاحتلال الإسرائيلى
قوات الاحتلال الإسرائيلى

شنت قوات الاحتلال الإسرائيلى عدوانًا واسعًا على مناطق جنين وطوباس وطولكرم بالضفة الغربية، ما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات، وتدمير كبير فى البنى التحتية.

شارك فى العدوان المتواصل على شمال الضفة الغربية طائرات مروحية ومسيرات، وعدد كبير من الآليات العسكرية المعززة بالجرافات.

وفرضت قوات الاحتلال حصارًا على شمال الضفة، كما أعاقت عمل فرق الإسعاف بشكل متعمد، ومنعتها من الوصول إلى المصابين فى الأماكن التى استهدفتها.

وداهمت قوات الاحتلال الإسرائيلى نقطة طبية فى مخيم الفارعة، جنوب طوباس، واحتجزت العاملين فيها، واعتدت على مدير مركز الإسعاف نضال عودة بالضرب، وأطلقت النار داخل المركز.

وذكرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية أن الاحتلال داهم النقطة الطبية التى تُستخدم فى علاج المصابين فى المخيم، واحتجزت العاملين فيها، وقطعت التواصل معهم.

وفى ظل التصعيد المستمر، صرح وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلى المتطرف يسرائيل كاتس بأن التعامل فى الضفة الغربية «يجب أن يتم بنفس طريقة تعامل إسرائيل مع غزة».

وقال «كاتس»: «يعمل جيش الاحتلال الإسرائيلى بشكل مكثف منذ الليلة فى مخيمى اللاجئين، جنين وطولكرم، لإحباط البنى التحتية الإرهابية الإيرانية التى أقيمت هناك»، على حد زعمه.

وأضاف: «تعمل إيران على إنشاء جبهة إرهابية شرقية ضد إسرائيل فى الضفة الغربية، على غرار نموذج غزة ولبنان، وذلك من خلال تمويل وتسليح الإرهابيين وتهريب الأسلحة المتطورة من الأردن»، وتابع: «علينا أن نتعامل مع التهديد مثلما نتعامل مع البنية التحتية الإرهابية فى غزة، بما فى ذلك الإخلاء المؤقت للسكان وأى خطوات مطلوبة، هذه حرب على كل شىء وعلينا أن ننتصر فيها».

وفى ظل التصعيد المستمر، قطع الرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» زيارته الحالية إلى المملكة العربية السعودية، لمتابعة آخر التطورات والمستجدات، فى ظل العدوان الإسرائيلى على شمال الضفة الغربية.

كما تأهبت الحكومة الفلسطينية لمواجهة انتهاكات واعتداءات الاحتلال فى مدن ومخيمات الضفة، وأعلنت الصحة الفلسطينية عن التأهب فى مواجهة الانتهاكات وسد احتياجات المرضى.

وحول تداعيات الانتهاكات الإسرائيلية، قال الدكتور فايز أبوشمالة، الكاتب الفلسطينى ورئيس بلدية خان يونس سابقًا، إنه ليس غريبًا على جيش الاحتلال الاسرائيلى أن يقتحم مخيمات الضفة الغربية، كما اقتحم مخيمات غزة، فالمعركة فى جذورها هى على أرض الضفة الغربية.

وأضاف: «تقوم خطة الحسم، التى عرضها وزير مالية الاحتلال، على ثلاثة مبادئ رئيسية، فعلى الفلسطينى أن يكون قتيلًا أو سجينًا، أو خاضعًا ذليلًا، أو أن يغادر هذه الديار». 

وتابع: «هذه المعركة الهدف منها استمرار السيطرة على أرض الضفة الغربية، وتهجير الإنسان الفلسطينى، والمعركة التى بدأت فى غزة تنتقل بكل قوتها الى الضفة، وما شجع الإسرائيليين على هذا الشكل وهذا النهج من التدمير والقتل والقصف وشن الغارات بالطائرات، هو الدعم الكبير والمتواصل من الولايات المتحدة ومن دول الغرب، فهذا ما شجع العصابات المتطرفة اليمينية على أن تواصل هجومها وعدوانها، بالإضافة إلى عدم اتخاذ العرب موقفًا يردع إسرائيل».

واستطرد: «ليست هنالك محاسبة لإسرائيل، وحتى قرارات مجلس الأمن التى تتعلق بوقف إطلاق النار بغزة وتقديم المساعدات لم تعمل لها إسرائيل أى حساب ولم تأخذ بها، وأيضًا قرار محكمة العدل الدولية، الذى وصف الاحتلال الإسرائيلى بأنه غير شرعى وطالبه بالانسحاب من الضفة، وما دامت إسرائيل مدعومة من أمريكا فإنها ستستمر فى شن الغارات، وستظل تقتحم المستشفيات وتجرف مخيمات اللاجئين بهدف التهجير والطرد».

وأشار «أبوشمالة» إلى أن مداهمات الاحتلال النقاط الطبية وإغلاق المستشفيات فى جنين يُعدان سياسة إسرائيلية اتبعها العدو فى قطاع غزة، حين قصف مستشفى المعمدانى بالصواريخ، وحين اقتحم مستشفى الشفاء، بحجة أنه قاعدة للمقاومة، وهو ما تكرر أيضًا فى اقتحامه مستشفيات شهداء الأقصى والعودة وناصر ومستشفيات رفح، وغيرها.

وأردف: «كل هذا يؤكد أن الهجوم على المستشفيات يتم بهدف آخر، هو تدمير البُعد الصحى للفلسطينى، بعد أن دمر المدارس والمرافق الحيوية، من مياه وصرف صحى وغيرهما.

وأكمل: «هذه هى السياسة الإسرائيلية التى تهدف إلى إعدام الحياة بالمخيمات والمدن، مقدمة لإعدام الإنسان الفلسطينى وتهجيره عن الأرض، لذا، فمن غير المستغرب أن يتم إعلان ذلك فى تصريحات وزير الخارجية كاتس، وتصريحات الوزراء إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وغيرهم من القيادة الإسرائيلية، حول تجويع ٢ مليون فلسطينى فى غزة، ومطالبات قادة الاحتلال بعدم إدخال المواد الغذائية واستمرار الحصار وتهجير الناس من بيوتهم، وإخلاء المدن فى الضفة، كما حدث فى القطاع».

فيما أكد الدكتور وسام صبيحات، مدير مستشفى جنين الحكومى، أن اقتحام المستشفيات هو سياسة قديمة للاحتلال، موضحًا أن اقتحام مستشفى جنين الحكومى يشكل خطرًا على ٣٥٠ ألف نسمة، من بينهم المرضى والحوامل والمواليد، بالإضافة إلى الجرحى والطواقم الطبية، وأكثر من ٥٠٠ شخص من المرافقين والموظفين داخل المستشفى.

وقال «صبيحات»: «قوات الاحتلال الآن لا تسمح لنا كطواقم طبية بالمرور، ولا تسمح بمرور المرضى، ونحن بحاجة إلى تدخل الصليب الأحمر والمؤسسات الدولية والحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».

وأضاف: «كل ما يفعله الاحتلال هو سياسة تدمير كامل، تدمير البشر والحجر بهدف التهجير».

وفلسطينيون: نتنياهو سيحبط مفاوضات الدوحة لرغبته فى استمرار الحرب

 

يصل وفد إسرائيلى إلى العاصمة القطرية الدوحة، خلال الساعات المقبلة لمواصلة المحادثات وسد الثغرات المتبقية فى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، بحضور مسئولين مصريين وأمريكيين وقطريين.

فى السياق، قال الدكتور نزار نزال، باحث فلسطينى مختص بالشأن الإسرائيلى، إنه من الواضح تمامًا أن المفاوضات التى استمرت لأيام عديدة قد وصلت إلى طريق مسدود، وهذا ما كان يريده رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من خلال المماطلة والتسويف والتركيز على نقاط غير مهمة.

وبين أن «نتنياهو» عمل على تغيير شكل المفاوضات، وتحويلها من مفاوضات سياسية إلى أمنية، قائلًا: «لاحظنا فى القاهرة كيف أن الإسرائيليين بدأوا يفاوضون الأشقاء المصريين والفصائل الفلسطينية على نقاط عسكرية فى محور فيلادلفيا».

وتابع: «هذا الملف أصبح أمنيًا، والإعلام العبرى يعرف ويتحدث عن أن نتنياهو لا يريد وقفًا لإطلاق النار ولا يريد صفقة، وهو كلما كان هناك اتفاق على نقطة يتعمد إدخال شرط جديد، وها هو يرسل وفده إلى الدوحة من أجل المفاوضات وليس من أجل التوصل إلى اتفاق يفضى لإنهاء الإشكالية فى غزة وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين ووقف إطلاق النار».

وأَضاف «نتنياهو يتحدث عن قضايا عسكرية، والفصائل الفلسطينية لن توافق على هذه المقترحات وعلى أى أمر يخلق واقعًا جديدًا بعد السابع من أكتوبر، ولا فرصة فى الوقت الحاضر للوصول إلى اتفاق بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى». وأكمل: «يبدو أن الأمور أكثر تعقيدًا، ونتنياهو غير معنى بهذا الموضوع، فى ظل غياب أى ضغط، سواء كان غربيًا أو أمريكيًا أو حتى عربيًا على حكومة الاحتلال، ولا حتى من الشارع الإسرائيلى نفسه».

فى السياق، قال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية، إن رئيس وزراء الاحتلال نجح فى تحويل الأمر إلى تفاوض من أجل التفاوض وليس التوصل إلى حل.

وأشار إلى أنه منذ انطلاق «إطار باريس» و«نتنياهو» ماضٍ فى تعطيل أى جهود يبذلها الوسطاء، للتوصل إلى اتفاق لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى، وكلما اقتربت الأمور من نقطة التوصل إلى اتفاق، وضع العديد من العراقيل واشترط بعض الشروط التى تعيد الأمور إلى نقطة صفر.

وبين «أبولحية» أن السبب الرئيسى فى عدم التوصل إلى اتفاق، يكمن فى عدم جدية الإدارة الأمريكية فى ذلك، حيث هى التى تمد «نتنياهو» بالقوة ليستخدم أساليبه الخداعية لإطالة أمد هذه الحرب، وبدون هذا الدعم ما كان يمكن لـ«نتنياهو» أن يمارس ألاعيبه القذرة والتى تأتى على حساب الدم الفلسطينى الذى يستبيحه ليل نهار وعلى مرأى ومسمع من كل العالم.

وأشار إلى أن الوفود الإسرائيلية التى تأتى إلى القاهرة أو الدوحة أو أى مكان آخر، هى وفود تأتى كساعى بريد ولا صلاحيات معها سوى نقل شروط «نتنياهو» وعراقيله وإحباط أى مساع للوسطاء، بدورها، قالت الدكتور تمارا حداد، الكاتبة والباحثة السياسية الفلسطينية، مسار المفاوضات ما زال قائمًا ضمن مفهوم مجموعات العمل أو الفرق، بمعنى تقسيم النقاط الخلافية من الأصعب حتى الأسهل ومحاولة إيجاد صيغة تنفيذية للنقاط الأسهل، فإذا تم التفاهم تستكمل مجموعات العمل أو فرق العمل نحو تفكيك النقاط الخلافية والفجوات الأكثر عمقًا. وأضافت «ستبقى المجموعات تتمحور بين قطر والقاهرة حتى يتم الوصول إلى تفاهم، لكن الفجوات تبقى عميقة مهما حاولت مجموعات العمل أن تصل لنقاط التفاهم، لأن نتنياهو غير معنى بالصفقة ويريد أن يرسخ معادلات جديدة تدعم مفهوم الأمن القومى الإسرائيلى، عبر تنفيذ أهداف أهمها القضاء على «حماس» كليًا وأيضًا إيجاد طريقة لجعل غزة غير مهددة أمنيًا».