رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سودانيون: انهيار السدود فاقم المعاناة.. والحرب دمرت المؤسسات

انهيار السدود
انهيار السدود

فاقمت الفيضانات الغزيرة من معاناة الشعب السودانى الذى يواجه أزمة الصراع الداخلى، وتسببت فى انهيار سد «أربعات» فى مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر، يوم السبت الماضى، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، وفق ما أعلنت عنه وزارة الصحة الاتحادية فى السودان، وذلك وسط استمرار عمليات إنقاذ المحاصرين وتقديم المساعدات الغذائية والطبية اللازمة.

وقال السياسى السودانى، كمال كرار، إن انهيار السدود يمثل كارثة متكررة، تخلّف قتلى وجرحى وتشرد آلاف المقيمين حولها.

وأوضح «كرار»، لـ«الدستور»، أن معظم السدود صممت بطريقة غير مطابقة للمواصفات، أو لم تنفذ بالصورة المطلوبة، نظرًا للفساد الذى نخر المؤسسات العامة، أو أهمل صيانتها، ومن بينها سدا أم دافوق وكندية فى دارفور، اللذان انهارا قبل سنوات لعدم مطابقتهما المواصفات الهندسية.

وتابع: «فى ظل نظام الإنقاذ السابق نُزعت صلاحيات إقامة السدود وصيانتها من الجهات الفنية المختصة، مثل وزارة الرى، وسُلمت لمجموعات فاسدة وموالية للنظام، ونشهد اليوم نتائج ما حدث فى الماضى من تلاعب وفساد».

وأوضح أن سد «أربعات» مهمل منذ عقود، وشكا السكان فى ولاية البحر الأحمر والمختصون بالمياه من غياب الصيانة، وتراكم الطمى الذى قلل القدرة الاستيعابية للبحيرة، من ٢٥ مليون متر مكعب إلى أقل من ٨ ملايين متر مكعب، بالإضافة لأعمال التنقيب العشوائية عن الذهب حول جسم السد، تحت بصر وسمع الدولة، وهذا هو السبب الأساسى لانهيار السد. 

وأشار إلى أن سد «أربعات» المصدر الرئيسى للمياه فى ولاية البحر الأحمر، وبالتالى فإن السكان مهددون بالعطش، كما أن عدد الضحايا والقرى التى جرفت بالكامل غير معروف.

وتابع: «من المفارقة أن بورتسودان أصبحت، بعد الحرب، العاصمة البديلة، وكل موازنة الحرب تأتى من عائدات الموانئ بها، لكن السلطات انشغلت بالحرب عن القضايا الأساسية للسكان».

وأضاف: «للأسف لا توجد فى ظل الحرب أى جهات مختصة للتعامل مع هذه الكارثة.. الحرب نفسها كارثة كبيرة، واستمرارها سيؤدى لعواقب وخيمة، وسكان بورتسودان ظلوا لسنوات يشكون إهمالًا فى الخدمات، وعلى رأسها المياه».

وأشار إلى أن الأهالى أكدوا أن سبب إهمال صيانة السد وتنظيف البحيرة يعود إلى مافيا تعمل على الاستثمار فى محطات تحلية المياه وبيعها، وهى على علاقة بمتنفذين فى السلطة، يحرمون الناس من الإمداد الطبيعى للمياه ليضطروا لشراء المياه من المحطات الخاصة.

ضعف مؤسسات الدولة

من جانبه، أكد الدكتور محمد الرشيد، المحلل والسياسى السودانى، أن استمرار الحرب فى السودان منذ أبريل ٢٠٢٣ أدى إلى تضرر وضعف مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن انهيار سد «أربعات» ووفاة العشرات جاء بسبب تداعيات هذه الحرب بشكل أساسى إلى جانب عوامل طبيعية أخرى.

وأوضح «الرشيد»، لـ«الدستور»، أن السودان لا يشهد ظاهرة انهيار السدود الرئيسية لكنها سدود صغيرة إلا أنها مؤثرة، فهناك سدود كبرى رئيسية مثل الروصيرص وجيل أولياء ومروى، لم تتأثر، لكن السدود الصغيرة ذات أهداف وأغراض بسيطة فى الزراعة ومياه الشرب، ضمن برنامج حصاد المياه.

وكشف «الرشيد» عن أن انهيارات السدود تشير إلى عدم جدوى وأهمية سد النهضة للسودان فى تنظيم الفيضانات ودرء الكوارث عنه، فمياه السودان تأتى من الأمطار والهضبة الإثيوبية، ومن ثم يجب إعادة النظر فيما كان يتم الترويج له بأن سد النهضة سيحمى السودان من مثل هذه الفيضانات.