رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انزلوا الأسواق وراقبوا الأسعار

الدولة خصصت أكثر من نصف الموازنة للحماية الاجتماعية، ما يعد قرارًا صائبًا جدًا. فالحماية الاجتماعية بحق الفقراء والمحتاجين وأهل العوز، مسألة بالغة الأهمية فى ظل الارتفاع الجنونى فى الأسعار، وقد سبق ذلك، قيام الدولة عن طريق التموين بصرف بطاقات تموينية إلى عدة فئات، من بينها أصحاب معاش الضمان الاجتماعى، والحاصلون على مؤهلات دراسية دون عمل، وعمال التراحيل، والسائقون، وغيرهم من الفئات المعدومة، وهو بمثابة قرار صائب ومهم.. وأعتقد أن مثل هذا القرار سيرفع العبء- إلى حد ما- عن كاهل أسر كثيرة تعانى من الفقر.

ونجحت الحكومة فى منظومة التموين التى تحمى حقوق الفقراء وتدعمهم وتحافظ على سعر الرغيف، وفى ذات الوقت تمنع إهدار الملايين من الجنيهات التى كانت تضيع هباءً منثورًا، وتبتلعها قلة مارقة لا يعنيها سوى تحقيق الأرباح الطائلة على حساب الشعب المسكين الذى يعانى من الفقر والعوز.

وما زلنا فى أشد الحاجة إلى إحكام السيطرة وتشديد الرقابة على فوضى الأسواق وجشع التجار الذين يستغلون المواطنين بشكل بشع، بعد الزيادات الأخيرة فى الأسعار، والمعروف أن هذه الرقابة المحكمة جزء لا يتجزأ من الحماية الاجتماعية التى تقوم بها الدولة، لخدمة المواطنين.

ونعلم جيدًا أن جميع المحافظات صدرت إليها التعليمات بالنزول إلى الشوارع والأسواق من أجل منع الفوضى.

ومن هنا لا بد على جميع المحافظين، على مستوى الجمهورية، ألا يكتفوا فقط بإصدار القرارات من داخل المكاتب، لكن المهم والضرورى جدًا فى هذا الأمر، ألا يكتفى المحافظون بهذا الإجراء، بل لا بد أن يقوموا بالمتابعة الدورية على كل الأسواق، وليس هناك ما يضيرهم أن يقوموا بهذه الرقابة حتى تستقر الأوضاع.

هذا الإجراء يجب ألا يستهان به، أو يتم التعامل معه على أساس أن المحافظ الفلانى أو العلانى أصدر تعليماته ودمتم. المفروض على المحافظين أن ينشروا رجالهم فى كل الأسواق؛ من أجل ضبطها ومنع أى مخالفة أو تجاوز فى حق الناس، بمعنى أدق وأوضح يجب ألا تترك الأمور سداحًا مداحًا، إن جاز التعبير. كل ما نطلبه من المحافظين ألا يتركوا المواطنين فريسة للجشع والطمع، وألا يكتفى مثلًا بأنه تم تخصيص الأرقام الفلانية أو العِلانية للإبلاغ عن المخالفين.

الحماية الاجتماعية ليست منشورات أو قرارات يتم إصدارها، بل هى تطبيق عملى وفعلى على أرض الواقع، ولا يجوز أبدًا بأى حال من الأحوال أن يكون المحافظون فى وادٍ، والدولة المصرية فى وادٍ آخر، ثم إن الاعتماد على الوحدات المحلية فى هذا الشأن غير مجدٍ بالمرة، ولا يحقق الهدف، لأن القائمين على هذه الوحدات فى الغالب الأعم يتفقون مع التجار الجشعين، ولن يقوموا بتنفيذ الحماية الاجتماعية المطلوبة، وبالتالى يقع المواطن فريسة لكل من لا يرحم، وهذا هو الخطر الفادح، وأعتقد أنه بشأن تطبيق الحماية الاجتماعية على الوجه المطلوب، يعنى ضرورة مشاركة جميع أجهزة الدولة فى هذا الشأن بلا استثناء، فعلى جميع الوزارات المعنية بالأمر، وبالتنسيق مع جميع المحافظات، إحكام الرقابة المشددة، لمنع الفوضى أو التجنى على المواطن.

منظومة الحماية الاجتماعية، لا تعنى فقط دعمًا نقديًا أو عينيًا، وإنما يدخل فى إطارها إحكام الرقابة المشددة للالتزام بالقرارات والقوانين المنظمة لأى عمل، والحماية الاجتماعية تعنى أيضًا وضع خطة محكمة بين جميع الوزارات، حتى لا يقع الضرر على المواطن، أو تركه فريسة للجشع والطمع، والحماية أيضًا تعنى وقوف الدولة المصرية إلى جوار الطبقات الكادحة التى تعانى من قلة ذات اليد، وكل إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تقوم بها الدولة، تهدف بالدرجة الأولى إلى حماية هذه الطبقات الكادحة، ووصول دعم الدولة إليها، بعيدًا عن أيدى الجشعين والناهبين.. ومن باب أولى تكون هناك رقابة واسعة ومشددة على الأسواق.. ومن غير الطبيعى إسناد هذه المهمة إلى جهة بعينها، بل على جميع أجهزة الدولة بلا استثناء المشاركة فى منظومة الحماية الاجتماعية، خاصة لحماية الطبقات الفقيرة التى تعانى المر.