إنشاء مجمع لطباعة المصحف الشريف
انطلاقًا من رحلة بناء الإنسان وتجديد الخطاب الدينى لإنقاذ الإسلام والمسلمين من الفتن، ومواكبة التطور السريع، أدركت فى هذه الرحلة نحو الحقيقة بأن حكمة الخالق تكمن فى جعل الإنسان بناءً متراكبًا من الروح والجسد والنفس. وتيقنت بأن ما بين الروح ذات نور السر الأعظم والجسد المخلوق من طين الأرض، تبقى النفس مجاهدة ما بين الفجور والتقوى. ربما أغلى ما أملك هو إدراكى بأن الله خلقنى إنسانًا يسعى فى رحلته لبلوغ كنز الحقيقة، أو ربما يكون كنزه فى ذات الرحلة.
ندرك جيدًا ما ورد فى كلمة الرئيس السيسى التى ألقاها رئيس الوزراء نيابة عنه فى «مؤتمر الأزهر العالمى للتجديد فى الفكر الإسلامى»، حيث أشار الرئيس إلى أن التجديد الذى ننتظره هو التجديد فى فقه المعاملات فى مجالات الحياة العملية. وأكد أن كثيرًا من أحكام هذا الفقه تغيرت من جيل إلى جيل على مدى عشرة قرون على الأقل، فلماذا يُحرم جيلنا من هذه الأحكام التى تُيسر الحياة؟ وجيلنا أحق الأجيال بالتجديد لما يواجهه من تحديات تتغير كل يوم بل كل لحظة. وأنتم أهل هذا العلم والمتمكنون من ضوابطه وشروطه، أدرى الناس بأن من رحمة الله بنا أنه شرع لنا أحكامًا ثابتة لا تجديد فيها، وأحكامًا تتغير تبعًا للتطور، والفتوى هى الأخرى تتغيّر من بلد إلى بلد، ومن عصر إلى عصر، ومن شخص لآخر. وطالب المؤسسات الدينية، وفى مقدمتها مؤسسة الأزهر الشريف، بأن تولى الأهمية القصوى لموضوع تجديد الخطاب الدينى.
فى هذه الحقبة الزمنية التى نعيشها، شهدنا الكثير من الإنجازات والمشروعات القومية التى تم تنفيذها فى وقت سريع بمختلف القطاعات بأنحاء الجمهورية. وهذا ما دفعنى إلى التقدم لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وكذلك الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، برسالة حب وتقدير واحترام لشخصهم الموقر، راجيًا من فضيلتكم إنشاء «مطبعة مصر للمصحف الشريف» وموافقتكم على خط مصحف بتنسيق منقح وطباعة فاخرة بنفس النصوص القرآنية والرسوم والروايات المتفق عليها شرعًا. أسوة بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، ضمن إنجازات ومشروعات الجمهورية الجديدة التى نشهدها فى مختلف القطاعات.
وقد تختلف المسميات ما بين «المجمع المصرى لطباعة المصحف الشريف» أو «مطبعة مصر للمصحف الشريف»، لكن الأهم هو أن يتم هذا الإنجاز على أرض مصر، أم الدنيا، بلد الأزهر الشريف والإسلام لكل الدنيا، حاملًا دعوة التجديد والتنوير والوعى لجميع الأمم.
وأخيرًا، لو تتذكر فضيلة الإمام الأكبر، فقد وقفت فى حضرتكم بمكتبكم بمشيخة الأزهر منذ سنوات، وكان لى الشرف بأن أعرض على فضيلتكم أن أكون خادمًا للمصحف الشريف وأقدم مخطوطاتى وموهبتى التى وهبنى الله تعالى لخدمة كتابه الشريف وخطه بيدى. ووعدتمونى بالموافقة، وحتى الآن أنتظر تنفيذ وجدية وعدكم لخدمة المصحف الشريف ونشر رسالة الإسلام كونى أحد أبناء هذا الوطن.
وفى نفس السياق، حدث ذلك أيضًا مع الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، حينما كان مستشارًا لرئيس الجمهورية للشئون الدينية، حيث تواصلت معه عدة مرات لعرض انضمامى لدار القرآن الكريم بمركز مصر الثقافى الإسلامى بالعاصمة الإدارية الجديدة لخدمة المصحف الشريف ومكتبته بالدار، قبل أن يتولى وزارة الأوقاف. ودائمًا ما أسمع منه «إن شاء الله نعرض الأمر».. وحتى الآن ما زلت فى الانتظار.
فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ومعالى وزير الأوقاف، نحن معكم أبناء الوطن، ونرجو من فضيلتكم مد جسور التواصل لخدمة ونشر رسالة الدين الإسلامى السمحة والطيبة. وفقكم الله وسدد خطاكم للخير.