رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«نبتة» العلمين تثمر مبكرًا

تتواصل فعاليات مهرجان العلمين فى دورته الثانية، ذلك الذى يطيب لى أن أسميه مهرجان المهرجانات لما يشهده من أنشطة متعددة الأوجه ومخاطبته كل الأذواق. لم يغفل منظمو المهرجان أن هدفهم هو جذب الأسر لقضاء فصل الصيف أو جزء كبير منه فى تلك المدينة الجديدة الساحرة، ولكن هذه الأسر فيها مختلف المراحل السنية، وبالفعل أقيمت الفعاليات التى ترضى الجميع، غير أننا كنا نظن أن المنظمين قد أرضوا كل جمهور المهرجان ورواده ماعدا الأطفال، لكنهم خيبوا ظننا- وهو الأمر الذى أسعدنا- فجاء مهرجان «نبتة» دليلًا على الاهتمام بالجيل الجديد، وساعيًا لربطه بهذا المنتجع السياحى الواعد فى رؤية استشرافية تروج للعلمين كمقصد سياحى مزدهر لعقود كثيرة مقبلة.
استجابت المتحدة لمناشدات المهتمين بالإبداع للطفولة حين نادوا بضرورة صناعة مهرجان فنى يعيد للأذهان إبداعات نجوم الفن التى خاطبت خيال الأطفال كالراحل محمد فوزى، لبلبة، عفاف راضى، صفاء أبوالسعود، محمد ثروت- أحد المكرمين فى مهرجان نبتة- ومعهم من الشعراء الشاعر سيد حجاب، ومن الملحنين الموسيقار عمار الشريعى. وفى مجال التمثيل تألق العملاقان فؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولى فى صناعة الترفيه الموجه للطفل متمثلًا فى صورة فوازير وأغانى وأوبريتات.
عبقرية المهرجان تتضح للمتابع بمجرد مشاهدته بوستر المهرجان، والذى اختار طائر أبوقردان تميمة له، وفى هذا ذكاء يُذكّر بهذا الطائر وعلاقته بالفلاح، حيث كان يحمى له نبتته من ديدان الأرض وينقى له أرضه حتى تنمو تلك النبتة وتنضج ثمارها. وكان من مفاجآت «المتحدة» اختيارها الفنان أحمد أمين لرئاسة المهرجان. لم أكن أدرك أن لدى أمين هذا القدر الكبير من الاهتمام بالأطفال، حيث كانت كل الأعمال التى قدمها على تعددها بعيدة نسبيًا عن مخاطبة الطفل بصورة مباشرة، ورغم هذا إلا أن ما قرأناه من أجندة المهرجان يؤكد أن الرجل لم يكن بعيدًا عن عالم الطفل ببحره الواسع وخياله الخصب. 
مشاركة وحضور ملحوظ لفنانين كبار كهشام ماجد وشيماء سيف، وورش عديدة من بينها ورشة «وقت الحكاية»، التى تديرها الفنانة القديرة سوسن بدر، فتعطى انطباعًا على احترافية إدارة المهرجان من حيث الاستعانة بنجمة لديها قبول وحضور، فضلًا عن أن خبراتها الدرامية منحتها قدرة كبيرة على إجادة فن الحكى وتميزًا فى استخدام طبقات صوتها لإيصال المعنى وصناعة خيال أوسع للأطفال.
غير أن واحدًا من أفضل ما لفت انتباهى لهذا المهرجان ولنضج إدارته كان اختيار اسم صديقى وأستاذى الراحل شوقى حجاب بإهداء الدورة الأولى من المهرجان لاسم هذا الشاعر الكبير الراحل. كان حجاب، الذى توفاه الله قبل نحو عام مضى، يسمى نفسه «الطفل المعمر» فقد عاش حتى بلغ 77 عامًا بروح الطفل وببراءة تفكيره وبسخريته الدائمة. يحسب لشوقى حجاب فى هذا المجال عدد كبير جدًا من الأغنيات التى أبدعها والمسلسلات والمسرحيات والأوبريتات التى كتبها، فضلًا عن الشخصيات التى ابتكرها. لا ينسى أبناء جيلى له مثلًا شخصية بقلظ مع الإعلامية نجوى إبراهيم، وكوكى كاك وأرنوب وغيرها من الأعمال المحبوبة ببساطتها وبعمقها فى ذات الوقت، ليتم بالفعل تكريم اسمه فى حضور أرملته الفنانة نهلة ياسين وابنتهما سما حجاب.
تعدد نشاطات وفعاليات مهرجان العلمين عمومًا ونجاحه الملحوظ يجعلنى أطمع وأناشد القائمين على الشركة المتحدة أن يكون فى مخططهم للدورة المقبلة رؤية لاستعادة مهرجان الإعلام العربى الذى كانت تستضيفه مصر حتى توقف مع أحداث 2011. هذه العودة- إن تمت- برؤية جديدة وبكل تلك الإمكانيات اللوجستية المتوافرة لمهرجان العلمين ستكون كفيلة بضمان نجاح حدث حقق بالفعل نجاحات عديدة سابقة حين كان ينظم كل عام. أضف إلى هذا أن ضيوفه سيكونون بطبيعة الحال هم رموز الإعلام المسموع والمرئى ونجوم الفن والدراما فى الدول العربية، وهم بجماهيريتهم وألقهم وبمنصاتهم الإعلامية الكبيرة سيمثلون أكبر دعاية لمصر عامة وللعلمين خاصة كمنتجع سياحى عربى متميز نجح بوضوح أن يكون هو  المقصد الأول عربيًا فى عام واحد فقط.