رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جحيم النساء فى أفغانستان

بينما تحتفل حركة طالبان بمرور ثلاث سنوات على استعادتها السلطة فى أفغانستان.. تقول منظمة اليونسكو إن مستقبل جيل كامل الآن أصبح فى خطر.

لكن الخطر الحقيقى داخل أفغانستان يقع على النساء والفتيات اللاتى يزداد وضعهن صعوبة ورعبًا فى ظل حكم طالبان.. هذه الحركة التى تضطهد النساء بشكل عام ولافت، وكأنها جاءت من أجلهن فقط.

صحيح أن وضع النساء فى أفغانستان لم يكن جيدًا.. لكن مع عودة طالبان فى ١٥ أغسطس ٢٠٢١ ازداد سوءًا وقهرًا وضعفًا وأصبح مأساويًا.. ووفق التقارير الدولية فإن النساء هناك يعشن فى جحيم حقيقى، وهذا ما أشار إليه تقرير نشرته «هيومن رايتس ووتش»، منذ أيام قليلة، حيث ذكر أن حكومة طالبان متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد النساء، وأن أفغانستان هى الدولة الوحيدة التى تُمنع فيها الفتيات من التعليم بعد الصف السادس.

كما أفادت منظمة اليونسكو، يوم الخميس الماضى، بأن ١٫٤ مليون فتاة حرمن من التعليم الثانوى منذ عودة طالبان فى ٢٠٢١.

وأشارت اليونسكو أيضًا إلى أن هناك الآن ٢٫٥ مليون فتاة، حرمن من حقهن فى التعليم، وهو ما يمثل ٨٠٪ من الفتيات الأفغانيات فى سن الدراسة.. كما أنها الدولة الوحيدة فى العالم التى تمنع النساء والفتيات عن حقهن فى الدراسة.. رغم أنه قبل عودة طالبان، وعلى مدى عقدين من الزمان كانت الأفغانيات يتعلمن ويعملن بشكل طبيعى. 

والتعليم ليس هو الشىء الوحيد، الذى تحرّمه طالبان على السيدات، وهو ما تتحدث عنه المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وتشير إلى أن طالبان تحتجز، منذ بداية ٢٠٢٤ حتى الآن، نساء وفتيات صغيرات فى كابول ومقاطعات أخرى؛ بسبب ما يسمونه «الحجاب السيئ»، أى عدم الالتزام بقواعد لبس الحجاب، ولا أحد يعلم مصيرهن، خاصة أن بعض الأهالى يخشون السؤال عن بناتهم حتى لا تعدمهم الحركة.

كما أنها أغلقت صالونات التجميل، بعد أن أصدرت حركة طالبان أمرًا، العام الماضى، بإغلاق مراكز التجميل وصالونات تصفيف الشعر.. كما انتهكت حق المرأة فى التنقل وممنوع على النساء الذهاب للحدائق والمتنزهات، وقامت كذلك بغلق صالات الرياضة والحمامات النسائية وحتى الرعاية الصحية التى تتلقاها النساء؛ بسبب منع الأطباء الرجال من الكشف عليهن.. كما أنها منعتهن من العمل، وتطمس صور السيدات من الإعلانات واللوحات الإرشادية على الطرقات وكأنهن عار أو شيطان.

لذلك أعتقد أن رجال هذه الحركة الكارهة للحياة، لديهم هوس شديد بالمرأة، ربما بسبب إقامتهم فى الجبال والكهوف وعيشتهم الخشنة، وأن ما يفعلونه ما هو إلا رد فعل عكسى.. لكنه أمر ملاحظ فى الحقيقة عند كل الجماعات الدينية المتشددة الهوس بالمرأة يدفعهم لاضطهادها بسبب ضعفهم تجاهها.. وأخشى أن يصل بهم الأمر لقتل كل نساء أفغانستان أو طردهن، ليعيشوا فى مجتمع من الذكور فقط، فهم لا يرغبون فى رؤية أى امرأة، وقد يحرمون بعد ذلك رؤية الرجل وجه أمه وأخته وزوجته. 

قالت «فرشته عباسى»، وهى التى تتابع شئون أفغانستان فى ظل حكم طالبان فى «هيومن رايتس ووتش»، إن النساء يعشن أسوأ كوابيسهن، ودعت جميع الحكومات إلى محاسبة قيادة طالبان وجميع المسئولين عن هذه الجرائم الخطيرة.

وفيما يبدو أن هذه الحركة التى لا تنشغل بغير النساء، قد فشلت تمامًا فى حكم البلاد وخلفت وراءها حتى الآن العديد من المشكلات الاقتصادية وتراجعًا فى جميع المجالات، على رأسها انعدام الأمن الغذائى، وهو ما أكده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، الذى أشار إلى أن نحو ٢٣ مليون شخص يواجهون مشكلة انعدام الأمن الغذائى، وأن النساء والفتيات الأكثر تضررًا.

ويبدو أن السيطرة على النساء تشعرهم بأنهم أقوياء.. لأن خوفهم الشديد من تنظيم داعش، الذى يقف لهم بالمرصاد يظهر هشاشتهم وضعفهم.. والمؤلم فى الأمر أن طالبان وغيرها من هذه الجماعات، تشوه الدين الإسلامى وتعطى صورة سلبية عنه؛ لأنها تظهره- فى أحيان كثيرة- وكأنه أنزل من أجل النساء فقط.. ويرى المراقبون أنهم بالفعل يذهبون إلى تفسيرات متشددة للشريعة الإسلامية، لكن الحقيقة هى أنهم لا علاقة لهم بالإسلام، الذى يقول «رفقًا بالقوارير»، ويخصص سورة فى القرآن الكريم باسمهن «النساء» لتكريمهن والتوصية بهن خيرًا..وصورة أخرى باسم امرأة وهى سورة «مريم».. وهو الدين الذى لا يوجد فيه أى منع أو تحريم لتعليم المرأة وعملها، ولا يفرض أى قيود على حركة النساء وخروجهن للحياة.. فهو دين حياة فى الأساس، فكيف يمنع الحياة عن النساء؟!.. وهذا هو الدليل القاطع على أن حركة طالبان ومثيلاتها تستند إلى فتاوى شيوخ ليسوا على علم، بل هم ضالون مضلون.. لذلك أصبح أفراد حركة طالبان بلحاهم الطويلة والأسلحة فى أيديهم ووجوههم الغاضبة فتية لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارًا، ولملئت منهم رعبًا.