سيناء والأمن
تختلف سيناء عن بقية البلاد فى مصر بأنه فى سيناء شيخ القبيلة يتمتع بسلطات واسعة وتقدير واحترام من سائر القبيلة. ولكن ما حدث أن الشرطة همشت شيخ القبيلة.
ومن منطلق تقاليد المجتمع القبلى، فإن القبيلة مسئولة عن كل فرد فيها، والأمن تعامل مع البدو بمفهوم يختلف عن مفهوم القبيلة السائد لديهم.
القضاء العرفى فى المدن المصرية والقرى ليس له نفس القيمة والتقدير، فالقضاء السائد هو القضاء الحكومى فى المحاكم.
أما فى سيناء فتعتبر أحكام القضاء العرفى ملزمة تماما للأفراد، وتكون القبيلة كلها مسئولة عن تنفيذ هذا الحكم، وشيخ القبيلة هو المسئول عن التنفيذ. وهذا الأمر يعطى نوعًا من التعاون والاحترام المتبادل بين أفراد القبيلة. ولكن الأمن لم يتفهم تلك الظروف.
منذ أن جاء حبيب العادلى إلى وزارة الداخلية، تعاملت الشرطة المصرية مع أهالى سيناء بطريقة بالغة العنف.
فمن ناحية اعتبرت وزارة الداخلية أن سيناء منفذ من أكبر منافذ تهريب المخدرات.
يشكو البدو إهمال الحكومة المصرية لهم ، ويقولون إن المصاعب الاقتصادية الشديدة هى التى دفعت أولادهم إلى ممارسة التهريب والأنشطة الإجرامية الأخرى.
ومن أجل هذا قيدت ضدهم قضايا تهريب مخدرات، وأسلحة وأشياء أخرى . وصدرت ضد الكثير منهم أحكام بالسجن. كانت تلك المشكلة هى أم المشاكل فى التعامل مع أبناء سيناء.
ترى أجهزة الأمن أن الأشخاص المطلوبين صدرت ضدهم أحكام قضائية واجبة النفاذ، وأنهم أصبحوا يشكلون خطراً على المنشآت الحيوية بسيناء، مؤكدة أن الحملات الأمنية لن تتوقف، وأن القوات المشاركة فى هذه الحملات يتم مواجهتها بإطلاق النار بغزارة من جانب البدو من سكان سيناء، فور دخولها المناطق البدوية ، مما يضطر أجهزة الأمن إلى الاشتباك مع مصادر النيران.
ومن ناحية أخرى تعامل رجال أمن الدولة مع أبناء سيناء باعتبارهم متطرفين، أو غير راغبين فى الحكم المصرى لسيناء. وهو ما يفسر تلك الوحشية التى تعامل بها الأمن مع أبناء سيناء. وهو ما أدى إلى رد فعل عكسى. وبدأت سيناء تشهد تاريخا من الانفجارات .
وقعت فى سيناء أربعة انفجارات رئيسية كانت علامات أو محطات فارقة فى تمرد أبناء سيناء على جهاز الأمن المصرى ومعاملته لهم.
ويلاحظ أن التفجيرات وقعت فى أعوام متتالية.
تفجيرات طابا فى 7 أكتوبر 2004 فى منطقة، انفجرت ثلاث سيارات ملغومة فى فندق هيلتون طابا، ومخيمى أرض القمر، والبادية، بجزيرة شيطانى فى نويبع.
تفجيرات شرم الشيخ فى 23 يوليو 2005
تفجيرات دهب فى أبريل 2006
تفجيرات الجورة فى 26 أبريل 2006
تفجير السور الحدودى 23 يناير 2008
وكأنها تعلن عن تحديها لسلطات الدولة.
تعود خطورة تلك التفجيرات إلى أنها طالت الأجانب، العصب الرئيسى للسياحة فى مصر، وهو يعكس رغبة حقيقية لدى التنظيمات المتطرفة التى تواجدت فى سيناء فى تدمير مصدر من مصادر الدخل فى مصر، حيث يعد الدخل القادم من السياحة رقما لا يستهان به، من أرقام الدخل القومى المصرى، المتعدد المصادرة وهو يعد بمثابة حلقة من حلقات التصعيد التى قام بها أهالى سيناء فى حركة احتجاجهم العنيف ضد الأمن.
وهو نفس ما اتبعته التنظيمات المتطرفة التى تواجدت على شاطئ النيل المصرى فى فترة الثمانينيات ومطلع التسعينيات، وتم التعامل معها أمنياً.
والحق أن التعامل الأمنى مع مشكلة التنظيمات المصرية التى ظهرت فى وادى النيل ومنها الجهاد وتنظيم الجماعة الإسلامية، وغيرها، كانت له ثمار جيدة تمثلت فى إيجاد نوع من التدخل العلمى فى أفكار تلك الجماعات داخل السجون، وهو ما يعرف بفكرة تغيير المفاهيم والتى قادها ضباط أمن الدولة. وكان من نتائجها ان غيّر قادة الجماعات الإسلامية أفكارهم، وعادوا إلى الأفكار التقليدية التى لا تقر العنف، وأصبحوا الآن أعضاء فاعلين فى الحركة السياسية المصرية بعد ثورة يناير 2011.
والواقع أن الأمن لسبب غامض لم يحاول تطبيق تلك التجربة على الجماعات المتطرفة فى سيناء. وقد كانت تلك التفجيرات سبباً فى توتر العلاقات بين أهالى سيناء والأمن، صحيح أن تلك العلاقات كانت متدهورة منذ فترة طويلة وتدهورت بدرجة أكبر اعتبارا من عام 2004 عندما اعتقلت الشرطة آلافاً منهم للاشتباه فى صلات محتملة لهم بجماعة قامت بتنفيذ التفجيرات السابقة فى منتجعات سياحية فى سيناء.
وألقت حكومة مصر اللوم فى سلسلة هجمات على أهداف سياحية فى سيناء بين عامى 2004 و2006 على مجموعة من البدو ذات اتجاهات إسلامية متشددة.
وفى المقابل شعر أهالى سيناء بالاستياء من عدم الثقة التى يعاملون بها، ويشكون مضايقات عديدة من جانب الشرطة.
■ كاتب