رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر كشفت الملعوب!

العدوان الإسرائيلى الغاشم المستمر من ٧ أكتوبر الماضى حتى الآن على غزة، بمساعدة ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية، هو بكل المقاييس كارثة بشعة، ليس فقط ضد الفلسطينيين، وإنما ضد الأمة العربية جمعاء، فلم تعد هذه القوى الدولية العظمى تلقى بالًا أو اهتمامًا بالأمة العربية التى تفرقت وتشرذمت بشكل يدعو إلى الحسرة والألم ويصيب بالإحباط الشديد.

والدليل على ذلك أنه فى هذه الحرب لا تجد المجتمع الدولى يقوم بمسئوليته وواجبه تجاه وقفها. أليس هذا دليلًا قاطعًا على الاستهانة الكبرى بالدول العربية التى تقف متفرجة على هذه المسخرة الدولية، بل إن بعضًا من الدول العربية لا يبالى بما يحدث!.

التشرذم العربى والعجز الواقع على الأرض يجعلان من الدول الكبرى تفعل ما تشاء وتريد، والمستفيد الأول والأخير هو إسرائيل، بل إنها تتباهى بهذه الحرب وتفخر بشكل أساسى فى كل عدوان يتم على أمة العرب، التى نجحت كل الدول الكبرى فى أن تشغلها بقضاياها الداخلية من خلال مؤامرات الفتنة وإحداث الفوضى، ما جعل العرب يقفون متفرجين على كل هذه المصائب التى تحدث ليس فقط فى فلسطين، وإنما فى معظم الأقطار العربية بلا استثناء.

وستظل إسرائيل هى الوحيدة الرابح الأساسى فى كل ما يحدث.. وقد قلت من قبل إنه آن الأوان لأن يتخلى العرب عن الأنانية التى أصابتهم، وعن السلبية والجلوس فى مقاعد المتفرجين على ما يحدث لهم، ولا بد من تغيير كل هذه السياسات العربية الحمقاء، فى ظل وجود قدرات كثيرة تمتلكها الدول العربية، للرد بقوة على هذا الجبروت الدولى.

والمعروف أن لمصر موقفًا ثابتًا ومهمًا فى التعامل مع كل هذه المؤامرات التى تُحاك ضد الأمة العربية، وقد قطعت مصر على نفسها عهدًا منذ ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ بأن تسعى بكل السبل والوسائل للحفاظ على وحدة الأراضى العربية، ورفض كل مخططات التقسيم ومؤامرات الفوضى والاضطراب التى تُحاك ليس فقط لفلسطين وسوريا واليمن وليبيا والعراق والسودان وإنما لجميع الأقطار العربية، وقد تنبهت مصر تمامًا لكل هذه المؤامرات وبدأت فى حرب ضروس ضد قوى الشر والإرهاب، ولا تزال تقود هذه الحرب نيابة عن العالم، وقدمت مصر الكثير من الشهداء والمصابين فى هذه الحرب المقدسة، وتقف بعض الدول العربية متفرجة على ما يحدث!. وكذلك مصر حريصة كل الحرص بشأن الحفاظ على مؤسسات الدول العربية، لأن سقوطها يعنى السقوط الذريع للبلاد ووقوعها فى بحور الفوضى والاضطراب، وهذا هو المطلوب طبقًا للمؤامرات والمخططات التى تنتهجها دول الاستعمار الجديد الذى يطل برأسه بخطط جديدة مؤداها هو ذات السياسة الاستعمارية القديمة التى تعرض لها الوطن العربى من ذى قبل. والذى يثير الدهشة والاستغراب أن الدول العربية تدرك هذه الحقائق وتقف أمامها متفرجة وعاجزة!.

أليست هذه تصرفات شاذة وغريبة وتدعو إلى الحيرة!.

وكانت وما زالت السياسة المصرية واضحة وصريحة فى هذا الشأن، ولن تتخلى القاهرة عن مطلبها المهم، وهو التمسك بالحل السلمى عن طريق التفاوض بين جميع الأطراف، بعيدًا عن آلة الحرب المدمرة، فهو الحل الأمثل والصحيح لوقف الحرب الإسرائيلية، ولكل الأزمات التى تتعرض لها الدول العربية التى سقطت فى بحور الفوضى والاضطراب. ولدى مصر قناعة كاملة بأن الحلول العسكرية لن تقدم الحل النهائى فى هذه الأمور، بل إن آلة الحرب تزيد الأزمات اشتعالًا ولن تؤتى بنتائج إيجابية والخاسر فيها هو الشعوب العربية.

وفيما يتعلق بشأن الصراع الدولى أو القوى الدولية، فلا يجوز بأى حال من الأحوال أن تكون البلاد العربية هى مركز لتصفية هذه الصراعات الدولية، فهذا شأنها ولا علاقة لهذا البلد العربى أو ذاك بصراعاتها، واستعراض القوى فيما بينها. وجميع الذرائع التى تتحجج بها الدول الكبرى بشأن فلسطين أو أى دولة عربية أخرى واهية، والهدف الرئيسى لدى هذه الدول تدمير أمة العرب واستمرارها فى حالة الفوضى والاضطراب، وليست فلسطين وحدها المقصودة، وإنما كل الأمة العربية جمعاء، بهدف تنفيذ المخطط الصهيو- أمريكى، وتفتيت المنطقة وإعادة تقسيمها من جديد على أسس عرقية وطائفية، لصالح إسرائيل بالدرجة الأولى. فهل ستقف الأمة العربية كثيرًا أمام هذا المشهد؟، وهل تتخلى عن حالة العجز الشديد.. أم تفيق من هذا النوم العميق الذى طال؟!.