المواطن يريد من الحكومة
ما أقوله واقع معاش على الأرض يعلمه الجميع، وهو رفض الدولة المصرية الجديدة بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أن تخضع الناس لسياسة المهدئات والمسكنات التى لا تجدى ولا تنفع، ولا تحل أو تزيل المشاكل والأزمات، وإنما تتسبب فى استفحالها وانتشارها بشكل بشع، وهذا ما حدث حتى أقدمت مصر على خطوة الإصلاح وتبنى الحكومة برنامج الإصلاح، الذى يجب أن يراعى ظروف وأوضاع المصريين، وهذا البرنامج الإصلاحى ليس مستوردًا من الخارج أو مفروضًا على البلاد كما يدّعى أهل الشر الذين يروجون الشائعات والأكاذيب، فهذا البرنامج تم وضعه فى المقام الأول لمراعاة ظروف المصريين، ويتضمن مظلة حماية اجتماعية واسعة لمواجهة الآثار المترتبة على تنفيذه، ومراعاة لظروف محدودى الدخل والفقراء والطبقات المتوسطة.
عندما أقدمت الدولة على تنفيذ هذا البرنامج كانت صائبة، لأن كل تأخير أكثر من ذلك ستكون تكلفته وفاتورته عالية بل باهظة، وكفى ما مر من تأخير على تنفيذ هذا الإصلاح. ثم إن سياسة المهدئات والمسكنات التى كانت تقوم بها الحكومات السابقة قبل ٣٠ بونيو لم تعد تجدى أو تنفع، ويتحمل الشعب الكثير من كل يوم تأخير فى تنفيذ برنامج الإصلاح.
وقد سألنى صديق هل اختيار الدكتور مهندس مصطفى مدبولى رئيسًا للوزراء، بهدف تغيير فى السياسات التى تتبعها مصر خلال الفترة المقبلة؟!.. وهل لاختيار مصطفى مدبولى علاقة بقضايا الإصلاح الاقتصادى التى يتحمل فاتورتها الصعبة المواطن المصرى، خاصة أن المصريين، تعرضوا لمحن كثيرة، وأمامهم تحديات واسعة، بسبب فاتورة الإصلاح؟.. من سُنة الحياة أن يحدث التغيير، ومن سُنة الحياة أيضًا أن يظل يحلم المواطن بتحسين ظروف معيشته الحياتية، خاصة أن قطاعًا كبيرًا من المصريين تعرضوا لأذى كبير وطويل على مدار عقود زمنية مضت، ومن حق المواطن أن يشعر بأنه جاء اليوم الذى تحسنت فيه ظروفه المعيشية.
والحقيقة أن مدبولى أمامه قضايا بالغة الأهمية للاهتمام بالمواطن، ويمكن إجمالها فى عدة نقاط، أبرزها اتخاذ إجراءات أوسع وجادة للحماية الاجتماعية وتعزيز النمو بمشروعات ذات جدوى اقتصادية كبيرة، واتخاذ خطوات مهمة للسيطرة على عجز الموازنة والدين العام وإصلاح منظومة التعليم والصحة والمعاشات.
وهذا ما تحتاجه البلاد خلال المرحلة المقبلة، ولو نجحت الحكومة فى هذا الأمر، فسنكون فعلًا قد بدأنا مرحلة جديدة فى تاريخ المصريين، وأهم قضية فى هذا الشأن هى توفير المزيد من الحماية الاجتماعية للناس، و٣٠ يونيو قد اندلعت بهدف القضاء على الحالة الاجتماعية السيئة التى يعانى منها المواطنون. ولذلك فإننى أرى أن أهم قضية لو نجحت الحكومة فى تحقيقها بتحسين أحوال المواطنين فستكون قد دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، وهى توفير الحياة الكريمة للمواطن المصرى الذى صبر كثيرًا على الفقر والحياة البائسة، وانحنى ظهره فى توفير لقمة العيش والمصاريف الباهظة للحصول على الخدمات من خلال الفواتير المرتفعة، والمعاش الضئيل الذى لا يكفى لمدة أسبوع.
القضاء على الفقر فى البلاد ورفع المعاناة الشديدة عن كاهل المواطن مسألة بالغة الأهمية، وأعتقد أن الحكومة لو نجحت فى هذا الأمر فسيقف لها الشعب ونوابه تبجيلًا واحترامًا، والمواطن سيضرب لها «تعظيم سلام» بكل جوارحه. نعلم أن حسن النية متوافر لدى الحكومة فى ذلك، ومنحها الفرصة ضرورة للقيام بهذه المهمة الخطيرة، والشعب لا يريد من الحكومة سوى توفير الحياة الكريمة والكرامة الإنسانية.. المواطن عانى كثيرًا على مدار سنوات طويلة، وحالته تستدعى من الحكومة أن تتخذ فعلًا الخطوات اللازمة للقضاء على الفقر، وصحيح أن الأمر قد يستغرق وقتًا، لكن هذا لا يمنع أبدًا الحكومة من اتخاذ التدابير اللازمة حتى يشعر المواطن بأن هناك تحسنًا ملحوظًا فى ظروف معيشته.
إننا نأمل أن تكون الحكومة جادة فى كل أفعالها وتصرفاتها من أجل أن يشعر المواطن بأن قوت يومه متوافر، والخدمة المقدمة له يحصل عليها دون عناء أو مشقة، ولذلك فإنه يجب على الحكومة أن تنفذ برنامجها للقضاء على الفقر، وتحقيق العدالة الاجتماعية. والمواطن لا يريد شيئًا من الحكومة سوى ذلك.