خلال مناقشة المجموعة بنقابة الصحفيين
نقاد: مجموعة "في الحلم صعدت جبلا" تقتحم المناطق المعتمة في الذاكرة
تحدثت الكاتبة رحاب إبراهيم، عن كواليس مجموعتها القصصية “في الحلم صعدت جبلا”، خلال الأمسية التي عقدت بنقابة الصحفيين لمناقشة المجموعة، بحضور رئيس اتجاد الناشرين العرب، محمد رشاد.
رحاب إبراهيم تكشف كواليس “في الحلم صعدت جبلا”
وقالت رحاب إبراهيم: بدأت كتابة المجموعة والصادرة عن دار العين في عام 2019 وكان مفترضا أن تدور قصص المجموعة كلها بشكل ساخر عن كواليس عالم الطب، ثم انتشر وباء كورونا وما صاحبه من متغيرات مجتمعية ونفسية فتوقفت عن الكتابة واتجهت لترجمة المقالات العلمية.
ثم عدت بعدها للكتابة في منتصف 2022 بعد تجربة صحية وإنسانية أضافت بعدا آخر للحكايات، فجاءت المجموعة في قسمين الأول، بعنوان "كانت الشمس تغافلني وتشرق"، ويضم عشر حكايات منها، سنة أولى طب، سكن البنات، ضد الحساسية، نوباتجيات كفر الطين.
والقسم الثاني بعنوان في الحلم صعدت جبلا، ويضم أيضا عشر حكايات منها، درجات الحياة، ثلاث حكايات عن التاكسي، المرأة المنضبطة جدا.
رحاب إبراهيم ترصد جانبًا من العلاقات الاجتماعية
وفي مداخلته، تحدث الناقد د.محمود العشيري، أستاذ الأدب والنقد بجامعة جورج تاون لافتا إلي، تقدم مجموعة رحاب إبراهيم القصصية في الحلم صعدت جبلًا السرد بوصفه فعلًا للوجود والتحقق، وفعلًا للكبر والنضج، حتى عندما يكون هذا الكلام صامتًا وسريًّا فإنه يحفظ النفس من انشطارها.
وتكتسب المجموعة موقعها في لون من الكتابة كان المنظور السردي فيه يتمحور حول تجربة الطبيب وجوانب من وقائع مهنته ومعايشاته. ومن هذا المنظور المهني تنفتح المجموعة على ثراء التجربة الإنسانية الفردية والأسرية والجماعية أحيانًا.
وأضاف “العشيري”: فتكتب المجموعة عن امتحانات الطب وتحديدًا اختبارات الشفهي ومفارقاتها وأزماتها العديدة، ولكنها تجعل من هذا السرد المهم حدثًا جانبيًّا على متن حدث أكبر يناقش قضية إنسانية أصيلة متصلة بالأقدار والمصادفات التي كان يمكن لها أن تغير مسار الحياة، وهي في النهاية جزء من طبيعةِ الحياة وقانونِها. وترصد من خلال بعض الشخصيات جانبًا من العلاقات الاجتماعية ووجهات النظر والتأطيرات الثقافية التي كانت تحكم الحياة الجامعية الطلابية في فترة معينة في مصر. بالإضافة لما يقابله الطبيب من نماذج إنسانية مختلفة سواء من زملاء المهنة أو من مرضاه، أو أنظمة بيروقراطية تسيِّج الحياة المهنة للطبيب الشاب..
وتنبني المجموعة على قسمين متكاملين يحمل الأول عنوان كانت الشمس تغافلني وتشرق ويحمل الآخر عنوان المجموعة نفسها في الحلم صعدت جبلًا يتضمن كل منهما عشرة نصوص بالإضافة إن نص افتتاحي يحمل عنوان هذا القسم ويعمل مدخلا افتتاحيًّا ينسرب مضمونه الدلالي في معظم قصص القسم.
ويقدم السرد من خلال وعي السارد الطبيبة طفلة أحيانًا ويافعة أحيانًا وشابة ناضجة في أغلب القصص، وأمًا في أحايين أخرى. ولا يقدم المرض في المجموعة بوصفه مرضًا جسديا فقط بل أحيانًا ما يكون نوعًا من عطب الروح.
نصوص رحاب ابراهيم تنبض بالحياة
وقال الشاعر صالح الغازي: لرحاب إبراهيم 9 كتب بين المجموعة القصصية والرواية والكتاب الطبي والأدبي، لكل كتاب سماته ومع كل كتاب ندرك أننا أمام نسق يزكي ويقرب بين الانسان والمشاعر.
في الحلم صعدت جبلا، المجموعة القصصية السادسة للكاتبة، القسم الأول كانت الشمس تغافلني وتشرق، حكايات متأملة تعتمد على الدهشة أو المفارقة في سرد موقف أو حادثة أو ذكرى، وتأخذنا الكاتبة من أكثر المناطق المعتمة في الذاكرة إلى كشف ملمح إنساني يجعل من الشخصية الهامشية في الحدث بطلا أو تجعلنا ندخل في بؤرة الحدث وكأنها تلمس حدود الانسانية المشتركة. فتعظم الحدث بداخلنا أوتعظم الشخصية أمامنا. لتجعل من الحنين لغة مشتركة وأداة تواصل.
والقسم الثاني بعنوان في الحلم صعدت جبلًا، لا تقف عند أحداث أو شخصيات فحسب لكن تقدم رؤية مركزة تتسم بمنظور كلي، تخدعنا أحيانا لتوهمنا أنها تلقى نظرة عابرة لكنها في نفس الوقت تخطف معها أرواحنا وتحرض على فهم أوسع لحالة او لمكان. او لعمر ما. لا تنشغل بالحنين في هذا القسم إنما تجعلنا نحلق فوق المكان.
وشدد “الغازي” علي: نصوص رحاب إبراهيم تنبض بالحياة وتورطنا بداخلها بتفاصيل عن فعل الزمن. تشبه صعود الجبل وتشبه الحلم، لكنها لا تشبه سيزيف في تجربته العبثية، إنها نصوص رائقة ورقيقة مجهدة من الحياة لكن محبة لها وكأنها تحثنا على إعادة النظر، وتقدم رؤية متفردة ونصوص بسيطة وشديدة الحساسية تقص علينا حكاياتها بعد أن تضيف من روحها معنى مختلف وتفسير مدهش هي ساردة خيالها خصب ولغتها دقيقة.