مرونة فى الخطوط الحمراء: هل قرر نتنياهو قبول صفقة وقف إطلاق النار؟
سيطرح البيت الأبيض مقترحًا جديدًا لصفقة وقف إطلاق النار في غزة، يوم الخميس القادم، بعد إضفاء مجموعة من التعديلات، وسيكون على إسرائيل وحماس أن يقررا، ويعتقد الوسطاء أن السنوار يريد تهدئة القتال، بينما الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مقتنعة بأن نتنياهو اتخذ قرارًا ضد ذلك، وأنه أصبح مدمنا على فكرة أن الحرب لا يمكن أن تتوقف.
وقال بيان رسمي لوسطاء الاتفاق، نقلته وكالة "كان" الإخبارية: "نحن كوسطاء مستعدون إذا لزم الأمر لتقديم مقترح نهائي لتجاوز الثغرات وحل الأمور المتبقية، ونعتمد على تنفيذها بالشكل الذي يلبي تطلعات جميع الأطراف المعنية". ووقّع البيان الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
مطالب إسرائيل
فيما كشفت قناة كان 11 الإسرائيلية، اليوم الجمعة، عن المطالب الإسرائيلية للمحادثات المعلقة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار لإطلاق سراح الأسرى في قطاع غزة. وحسب التقرير، فإن إسرائيل تطالب بالسيطرة على معبر فيلادلفيا وضمان عدم قيام حماس بأي نشاط بالقرب من معبر رفح. بالإضافة إلى ذلك، فإن جزءًا من اتفاق وقف إطلاق النار سيمنع مرور الإرهابيين المسلحين من حماس إلى شمال قطاع غزة.
وتطالب إسرائيل أيضا بإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة في الصفقة. وفي المقابل تطالب حماس بإطلاق سراح الأسرى الذين "تلطخت أيديهم بالدماء" في إسرائيل، حسب التقرير. وسيتم ترحيل هؤلاء الأسرى إلى خارج قطاع غزة.
ووصف المسئول، الذي شارك في المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن، استمرار المحادثات المتوقعة بأنها "قمة الفرصة الأخيرة". ونقلت عنه قناة كان قوله: "لن يكون هناك اتفاق إذا لم يتراجع بيبي وسنوار. يتم التعامل مع هذه الجولة على أنها الجولة الأخيرة، لأن الرهائن سيموتون ببساطة".
الفرصة الأخيرة
يُنظر إلى القمة التي ستعقد بعد أربعة أيام باعتبارها الفرصة الأخيرة المطلقة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، ليس فقط في غزة، بل إقليميًا أيضًا. وستغرق المنطقة في الأسبوع المقبل بالمسئولين الأمريكيين الذين يحاولون فحص كل التفاصيل والملابسات قبل عقد القمة. أي فجوة لا يسدها الطرفان بحلول يوم الخميس، سيتم إغلاقها باقتراح مشترك للوسطاء والولايات المتحدة. فى الوقت الذي يسود الوسطاء شعور بأن نتنياهو "يلعب معهم"، وهو غير جدي ولا يريد صفقة، وهو يتعمد تأخير الإجابات، ويشير إلى تقدم في المجالات الحاسمة، بدءًا من فيلادلفيا إلى معبر رفح، ثم يفاجئهم بالاغتيالات.
كما سئم الوسطاء من السنوار؛ من الطريقة التي يأمل بها إلى ما لا نهاية في حرب الجهاد النهائية. والأكثر من ذلك، أنهم يعتقدون أنه يريد بالفعل التوصل إلى صفقة الآن. حماس تبعث بإشارات استغاثة من قطاع غزة. وهو مصدوم، بحسب المعلومات الواردة في إسرائيل، من اللا مبالاة المتزايدة في العالم تجاه وضعه. لقد ولت الأيام التي بدا فيها الصراع في غزة وكأنه يدفع الغرب إلى الجنون.
هل سيقبل نتنياهو الصفقة؟
يسود جمود مستمر منذ نحو أسبوعين في مفاوضات تحرير المختطفين، والسبب الرئيسي لذلك- حسب مصادر في المنظومة الأمنية الإسرائيلية- يرجع إلى مطلب نتنياهو الواضح الحؤول دون عودة مقاتلي "حماس" والجهاد الإسلامي إلى شمال قطاع غزة، وتمركُز الجيش الإسرائيلي في ممر فيلادلفيا لمنع "حماس" من استعادة قوتها والتواصل مع العالم الخارجي.
وهناك دافعان يقفان خلف مطلب نتنياهو هذا: دافع استراتيجي عسكري يهدف إلى منع "حماس" من استعادة بنيتها وقوتها في قطاع غزة، وآخر سياسي داخلي يتمثل في خوف نتنياهو من انهيار الائتلاف والحكومة إذا ما وافق على اقتراح المنظومة الأمنية والمجمع الاستخباري ورئيس الولايات المتحدة بإخلاء ممر نتساريم، الذي يفصل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه، وممر فيلادلفيا الذي يفصل مصر عن القطاع.
وفيما يتعلق بالاعتبار الاستراتيجي العسكري، يقول كبار مسئولي جهاز الأمن إنه يمكن التخلي عن السيطرة على ممر نتساريم وممر فيلادلفيا، على الأقل موقتًا لإتاحة صفقة الرهائن، وأن الجيش الإسرائيلي لن يواجه صعوبة في العودة والسيطرة عليهما إذا ما انتهكت "حماس" الاتفاق أو إذا دعت الحاجة إلى ذلك. ويزعم هؤلاء، بصوت واحد، أن الاستجابة لمطالب "حماس" بشأن ممر نتساريم وممر فيلادلفيا ستتيح تنفيذ صفقة رهائن يعود بموجبها على الأقل الأطفال، والنساء، والجرحى، وكبار السن، وأن هناك فرصة كبيرة لصفقة شاملة يعود بموجبها جميع الرهائن، الأحياء والأموات.
وفي كل الأحوال، يبدو أن نتنياهو لا ينوي التراجع عن موقفه، وهذه الحقيقة تسبب إحباطًا كبيرًا لبايدن ونائبه، وكذلك للأوروبيين والدول العربية الداعمة للولايات المتحدة. ويجب أن نتذكر أن الهدف الرئيسي من الصفقة مع "حماس" بالنسبة إلى هؤلاء لا يتمثل في إطلاق سراح الرهائن فقط كما ترغب إسرائيل، إنما إنهاء الحرب العنيفة في قطاع غزة، وربما أيضًا إنهاء القتال والتوصل إلى تسوية سياسية تمنع حربًا شاملة في الشمال.