في يومهم العالمي
السكان الأصليون من أمريكا إلى فلسطين.. أصحاب أرض يكافحون الشطب من التاريخ
يتزامن تاريخ اليوم مع الاحتفال بيوم الشعوب الأصلية في العالم، التي تُعرف أيضًا باسم الشعوب الأولى، ووفقًا لتعريف منظمة العفو الدولية فإن الشعوب الأصلية لديها علاقة خاصة بالأرض التي عاشت فيها لأجيال، وأحيانًا لعشرات الآلاف من السنين، ولديهم معرفة مهمة للغاية حول كيفية إدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام، ويعملون كأوصياء أو حراس للأرض من أجل الأجيال القادمة، فخسارة أرضهم تعني فقدان هويتهم.
أشهر السكان الأصليون حول العالم
في كتابه "التاريخ الشعبي للولايات المتحدة"، يذكر مؤلفه هوارد زن، أن كريستوفر كولومبس ذهب إلي أمريكا ظنا منه أنها الهند الآسيوية، فقابله أصحاب الأرض من أبناء قبيلة "أراواك" لتحيتهم، في الوقت الذي مارس فيه كولومبس أقصي درجات العنف الذي وصل لحد الإبادة وهو يبحث عن الذهب في هذه الأراضي. وهو ما سجله في مذكراته، لقد أقنع ملك وملكة إسبانيا بأن يمولا رحلته تلك، كما توقع الثروة، على الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي، في الهند وآسيا.
أبحر كولومبس بعد ذلك إلى كوبا وهي الجزيرة التي تشمل اليوم هاييتي وجمهورية الدومينيكان، وهناك قدم أحد زعماء الهنود قناعًا ذهبيا هدية لكولومبس، لينشئ قاعدة في هاييتي، حتى وصول السفن الأوروبية إليه للبحث عن الذهب، وبدأت عمليات التقتيل والإبادة لـ السكان الأصليين في هذه المناطق. حيث جاب الرجال البيض الجزر في شكل عصابات بحثا عن الذهب، وبعد أن قاموا باختطاف الرجال والنساء والأطفال كعبيد، وكوسيلة لتحقيق المتعة الجنسية وتلبية حاجتهم إلى الأيدي العاملة للبحث عن الذهب.
رقصة الأرض.. رقصة السكان الأصليين
ويخلص هوارد زن: إن ما قام به كولمبس ضد "أراواك" بجزر الباهاما، هو نفس ما فعله "كورتيس" ضد هنود الأزتيك بالمكسيك، وما فعله "بيزارو" ضد هنود لانكا في بيرو، وهو أيضا ما قام به المستوطنون الإنجليز في فرجينيا وماساتشوستس ضد هنود "بواتن"، و"بيكوت".
وفي المستعمرات الإنجليزية بأمريكا الشمالية، اتبع المستعمرون النظام نفسه الذي اتبعه كولومبس بجزر الباهاما ففي عام 1585، وقبل أن تكون هناك أية مستعمرة إنجليزية دائمة في فرجينيا، وصل ريتشارد جرينفل علي رأس سبع سفن، ورغم الكرم الشديد الذي أبداه الهنود تجاه جرينفل ومن معه فإنه لم يتورع عن إشعال النار في القرية الهندية كلها. ونتيجة لعجز الإنجليز عن استعباد الهنود أو العيش معهم فقد قرروا أن يبيدوهم.
وعندما وصل الحجاج البيوريتانيين إلى نيو إنجلاند، لم ينزلوا بأرض خالية من البشر، بل كانت عامرة بقبائل الهنود، غير أن الستعمرة وهو رجل الدين "جون ونثروب" الذي قدم تبريرا غريبا من أجل استيطان الأرض، بحيث قال بأن المنطقة تعد خاوية من الناحية القانونية، وقال إن الهنود لم يقوموا بعملية إخضاع للأرض، لذلك كان لهم فيها حق "طبيعي"، لكنه ليس حقا مدنيًا، وليس للحق الطبيعي سند قانوني وعاش البيوريتانيون، الذين كانوا يستوطنون ما هو معروف اليوم بجنوب ولاية كنينكيت ورود آيلاند، في هدنة عسيرة مع هنود بيكوت. لكن الهنود كانوا يريدون استرداد أرضهم وإزاحة المستوطنين بهذه المناطق.
فلسطين بين السكان الأصليين والإسرائيليين
عقب أحداث غزة في السابع من أكتوبر 2023، ومع اندلاع الحرب في غزة لإبادة الفلسطينيين، خرج أحد الشباب الغزاويين مؤديا ما عرف إعلاميا بـ"رقصة الأرض"، لتعيد للذاكرة الجماعية ذكري إبادات الرجل الأبيض ضد غيره من شعوب الأرض، بل وتماهي الراقص الغزي مع الهندي صاحب الأرض الأصلي في أمريكا الشمالية.
بل ويتطابق ما دفع به "جون ونثروب" في إبادة الهنود أصحاب الأرض من السكان الأصليين في الأمريكتين، مع ما ردده وما زال يردده الإسرائيليون عن اغتصابهم أرض فلسطين، ومحاولات إبادة الشعب الفلسطيني الذي لم تتوقف منذ العام إصدار وعد بلفور في العام 1917 عندما منح من لا يملك من لا يستحق.