خبراء لـ"الدستور": ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج 66% رسالة ثقة جديدة فى الاقتصاد
أجمع خبراء الاقتصاد على أن ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 66% سنويًا مقارنة بالربع الثاني من العام الحالي بنظيره عام 2022 شهادة ثقة جديدة في الاقتصاد المصري وعودة النمو، مشيرين إلى أن ارتفاع التحويلات دليل على القضاء نهائيًا على السوق السوداء للدولار بعد نجاح قرارات 6 مارس الماضي والتي كان أهمها تحرير سعر الصرف.
وأشار الخبراء الذين تحدثوا مع "الدستور" إلى أن كثافة التنازلات عن العملات الأجنبية مقابل الجنيه وعودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى طبيعتها أمر مهم وجيد للاقتصاد المصري، ويؤدي إلى جذب الاستثمارات الأجنبية بعد توافر السيولة الدولارية.
عودة الثقة في الاقتصاد المصري
وقالت الخبيرة المصرفية سهر الدماطي إن عودة التحويلات إلى الارتفاع، وتحقيق هذا النمو يرجع إلى نجاح الدولة في استقرار سعر الصرف منذ شهر مارس الماضي، وهذا دليل قوي على عودة الاقتصاد المصري ونمو حجم الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة، متوقعة نمو حجم التحويلات سنويًا ليتخطى 34 مليار دولار.
وأشارت إلى أن القرارات الأخيرة للبنك المركزي المصري في 6 مارس كانت نقطة فاصلة في خفض معدلات التضخم إلى أقل من 27.5% وتراجعت لتصل إلى 24.4% خلال يوليو، ليصبح التراجع للشهر الخامس على التوالي.
وأوضحت الخبيرة المصرفية أن هناك ارتفاعًا في تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وزيادة في حجم التنازلات والسيولة الدولارية، وارتفاعًا في الاحتياطي النقدي الأجنبي، وزيادة في حجم الصادرات المصرية للخارج، ونموًا في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وشراء أذون الخزانة والسندات، ما يؤكد على نجاح الإصلاحات الاقتصادية وبدء جني ثمار التنمية.
وقالت إن ارتفاع التحويلات يؤكد القضاء على السوق السوداء وتجفيف منابع المتعاملين خارج السوق الرسمية، وهذا أكبر نجاح للدولة في وقف نزيف المضاربات والسماسرة، والتي أثرت في وقت سابق على الاقتصاد المصري، مشيرة إلى أنه لا مخاوف على الاقتصاد المصري وسيعود بقوة مع انتهاء التوترات الجيوسياسية بالمنطقة.
تحويلات المصريين في الخارج أهم الموارد الدولارية وتنشط الاقتصاد القومي
وقالت الدكتورة هدى الملاح، الخبيرة الاقتصادية ومدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى الاقتصادية، إن تحويلات المصريين العاملين بالخارج شهدت قفزات غير مسبوقة بداية من شهر مارس الماضي، لتصل ذروتها خلال يونيو الماضي بعد تحقيق نمو 66% بقيمة 2.6 مليار دولار شهريًا، موضحة أن الربع الثاني شهد نموًا كبيرًا، حيث سجلت قيمة التحويلات نحو 7.5 مليار دولار بمعدل نمو 61.4% مقارنة بالربع الثاني للعام الماضي.
وأشارت إلى أن زيادة التحويلات تمثل شهادة ثقة لنجاح وعودة الاقتصاد المصري أمام المؤسسات الدولية والمستثمرين، وتؤكد على استقرار الاقتصاد المصري وسعر الصرف في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والتوترات الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة والتي لها تأثير مباشر على الاقتصاديات الناشئة كمصر.
وأوضحت أن زيادة التحويلات تمثل جزءًا مهمًا من الموارد الدولارية لمصر وتعد أحد أبرز الموارد الحالية للدولار في الوقت الحالي، مشيدة بموقف المصريين في الخارج بتحويل أموالهم عبر قنوات البنك المركزي المصري كدعم للوطن، وخاصة تطبيق "إنستابي" الذي ساهم في هذا الحراك القوي لتفاعل المصريين ووطنيتهم مع مؤسسات الدولة الوطنية والوفاء تجاه مصر، حيث زادت تحويلاتهم خلال هذه الفترة الصعبة التي تحيط بمصر من التوترات الجيوسياسية في هذا التوقيت.
دليل قوي لنجاح قرارات 6 مارس
وفي السياق، قال الدكتور كريم عادل الخبير الاقتصادي، إن زيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج تعتبر أمرًا طبيعيًا ومتوقعًا بعد نجاح قرارات 6 مارس التي اتخذها البنك المركزي المصري لتغيير مسار الاقتصاد المصري وتصحيحه، موضحًا أن القرارات أدت إلى القضاء على السوق الموازية للدولار، وأصبح هناك سعر صرف مرن وعادل للجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي وسلة العملات الأجنبية الأخرى.
وأضاف عادل في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن هذه القرارات أدت إلى تحفيز المصريين العاملين في الخارج لتحويل رواتبهم، سواء كانت مداخرات أو نفقات أسرهم، في القنوات الشرعية عبر البنوك الرسمية، مشيرًا إلى زيادة حجم التنازلات عن العملات الأجنبية بعد تحرير سعر الصرف.
وقال الخبير الاقتصادي إن تحريك سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي ووصوله إلى حاجز الـ49 جنيهًا أمر طبيعي وصحي وجيد، حيث إن هناك عرضًا وطلبًا وتحديد سعر العملة مرهون بحجم الطلب عليها، خاصة خلال موسم الصيف الذي تنشط فيه حركة التجارة، موضحًا أن سعر الصرف أصبح عادلًا ومرنًا ومحررًا وليس مُدارًا، وبالتالي يتبع سياسة مرنة جزئيًا لسعر الصرف يكون فيها متروكًا تحديده لقوى العرض والطلب، وبما أن هناك طلبات على الدولار من مستوردين وأفراد، فيكون هذا السعر في الوقت الحالي مناسبًا إلى حدٍ ما وفقًا لهذه السياسة، ومن المفترض أنه كلما زاد الطلب على الدولار بالبنوك زاد سعر الصرف به، بمعنى مزيد من الانخفاض في قيمة الجنيه مقابل الدولار وفقًا لآلية وطبيعة تلك السياسة، وإلا يكون تعويمًا مُدارًا يتم التدخل في تحديد سعر الصرف به.
تقضي على السوق السوداء للدولار بلا رجعة
وأشار الخبير المصرفي محمد عبدالعال إلى أن ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر يونيو 2022 وذلك للشهر الرابع على التوالي بمعدل 65.9% لتسجل نحو 2.6 مليار دولار رسالة ثقة جديدة في الاقتصاد المصري وعودته إلى النمو، موضحًا أن هذا سيؤدي إلى تغير نظرة المستثمرين تجاه السوق المصرية بعد ارتفاع السيولة الدولارية وتغطية احتياجات المستثمرين وطلباتهم الدولارية.
وأشار الخبير المصرى إلى أن قرارات 6 مارس الماضي نقطة تحول في الاقتصاد المصري حيث بدأت قيم تحويلات المصريين في الارتفاع، وهو الأمر الذي يجعلنا نحسم القول بدون أدنى شك إلى أن السبب المباشر لعودة حوالات المصريين للنمو يرتكز على قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف في السادس من مارس من العام الجاري واختفاء السوق السوداء، وتوحيد سعر الصرف، الأمر الذي أدى إلى تحول الحوالات إلى حسابات العملاء عبر شرايين الجهاز المصرفي. على الجانب الآخر، ساعدت السياسة النقدية المتشددة في رفع سعر الفائدة، والذي أتاح لوحدات الجهاز المصرفي استحداث منتجات جاذبة للمصريين العاملين بالخارج من حيث التنوع وتميز الأسعار.
وأشار الخبير المصرفي إلى أن قوة الدفع النفسية التي منحتها صفقة رأس الحكمة على كل مؤشرات الاقتصاد القومي بما فيها حوالات المصريين، ولضمان استمرار تدفق الحوالات بشكل دائم، فإن الأمر يتطلب أهمية الالتزام بمرونة سعر الصرف وتركه حرًا كاملًا ليتحدد سعره وفقًا لظروف العرض والطلب، والتوجه إلى استخدام نظم وتطبيقات تكنولوجية وخدمات إلكترونية لتسهيل وتسريع عمليات التحويل بتكاليف أقل، كما يتعين الاستمرار في ابتكار حوافز ومبادرات من الحكومة والمصارف لتقديم حزمة متنوعة من المنتجات التي تهم العاملين في الخارج.
ولفت إلى أن دلالات عودة نمو تحويلات المصريين العاملين فى الخارج بشكل متدرج ومتتالٍ تشير إلى ما يلى: تم تجفيف السوق الموازية الشهيرة بالسوق السوداء، وتم توحيد الأسعار وبشائر عودة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج كأحد أهم مصادر النقد الأجنبي فهي ثاني أكبر مصدر، ويتعين رعايتها وصيانتها لتعود إلى تسجيل الأرقام المتوقعة.
وأشار عبدالعال إلى أن تحويلات المصريين فى الخارج مع عودتها إلى أرقامها الطبيعية ستحفز البنوك المصرية للعمل على جذب حصص منها والتنافس على ذلك، ويحسن الأمر لصالح البنوك التى ستتميز فى التطبيقات الإلكترونية، متوقعًا أن يتم مد خدمة منصة التحويلات اللحظية الأشهر (إنستابي) لاستخدام العاملين المصريين فى الخارج ويكون ذلك خطوة رائدة ومتقدمة في زيادة تدفق التحويلات من الخارج.
توقعات بجذب الاستثمارات الأجنبية توفر سيولة دولارية
وقال الدكتور أشرف غراب الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر يونيو 2023، بمعدل 65.9% لتسجل نحو 2.6 مليار دولار، مقابل نحو 1.5 مليار دولار خلال شهر يونيو 2022، تمثل الزيادة الرابعة للشهر الرابع على التوالي خلال العام الحالي منذ تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، حيث شهدت التحويلات خلال الفترة من أبريل حتى يونيو خلال العام الجاري نحو 7.5 مليار دولار بزيادة بمعدل 61.4%.
وأضاف أنه منذ اتخاذ البنك المركزي حزمة الإصلاحات الاقتصادية في 6 مارس 2023 وتحرير سعر الصرف بحيث يتحدد سعر الصرف وفقًا لآليات العرض والطلب، وقد تمت السيطرة والقضاء على السوق الموازية للعملة الصعبة، إضافة لتوافر العملة النقدية الأجنبية بالبنوك الرسمية بكميات كافية للمستوردين والصناع والمنتجين خاصة بعد مشروع تطوير رأس الحكمة، وقد عادت تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى المصارف الرسمية مرة أخرى، متوقعًا أن تزيد أكثر من ذلك خلال الشهور المقبلة.
وأوضح "غراب" أن القطاع المصرفي خلال الفترة الحالية يشهد طفرة في التحويلات المالية من النقد الأجنبي من المصريين العاملين بالخارج والمستثمرين الأجانب والمؤسسات الدولية الراغبة في الاستثمار في أذون وسندات الخزانة، وهذا يؤكد التغيير الإيجابي لنظرة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري وعودة الثقة له بقوة، وهذا ساهم في رفع التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري، خاصة بعد استقرار سوق النقد الأجنبية ومرونة سعر الصرف، والذي ساهم في زيادة معدلات التنازل على الدولار داخل شركات الصرافة الرسمية ما ساهم في تعزيز قدرة البنوك على تلبية قوائم الانتظار الخاصة بالعملة الأجنبية وإغلاقها بالكامل.
وتابع أن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، إضافة لزيادة دخل مصر من العملة الصعبة تسهم في زيادة احتياطي مصر من النقد الأجنبي والذي ارتفع خلال الفترة المقبلة بزيادة كبيرة، حيث بلغ 46.488 مليار دولار أمريكي في نهاية يوليو 2024، مضيفًا أن ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج يؤكد تحسن قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، موضحًا أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج من أهم مصادر دخل مصر من العملة الصعبة، إذ تأتي في المرتبة الثانية بعد التصدير. فقد بلغت قبل الحرب الروسية الأوكرانية نحو 32 مليار دولار.