رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كارثة مرفأ بيروت.. لا "أب" لأكبر انفجار فى الذكرى الرابعة

انفجار مرفأ بيروت
انفجار مرفأ بيروت

لكل حقيقة طرف خيط، قد يحتاج إلى كثيرٍ من الوقت لتقتفي أثره وصولًا إلى العدالة، إلا أن خيط الحقيقة في حادث انفجار مرفأ بيروت طال أثره لأكثر من 4 سنوات، حين استيقظ اللبنانيون والعالم برمته في مثل هذا اليوم، على أصوات انفجارٍ هائل هو الأضخم في تاريخ لبنان، الذي يعاني بالأساس من أزماتٍ سياسية واقتصادية لم تهدأ يومًا منذ اندلاع الحرب الأهلية.

لم تكن مأساة "انفجار مرفأ بيروت"- الذي بات بين ليلةٍ وضحاها أكوامًا من الدمار– في حجم الخسائر البشرية التي تخطت 200 قتيل و7 آلاف مصاب، وكذلك الخسائر المادية للشريان الاقتصادي الأهم في البلاد، ولكن الكارثة الحقيقية في الأمر هو غياب العدالة وعدم محاسبة المسئولين حتى الآن، لتحل الذكرى الرابعة لوجيعة لبنان دون نكئ لجرحها الذي أبكى بيروت طيلة 4 سنوات.

وشهدت السنوات الماضية العديد من العراقيل في مسار التحقيقات اللبنانية بين دعاوى قضائية وإقصاء للمحقق العدلي، الأمر الذي عطَّل نتائج التحقيقات إما بمحاولات تسييس القضية تارة، أو بفعل مشكلات هيكلية في القضاء اللبناني.

العدالة الغائبة

وفي الذكرى الرابعة للحادث، قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جنين هينيس بلاسخارت، في بيانٍ، السبت، إن "الغياب التام للمحاسبة عن كارثة من صنع الإنسان كهذا الانفجار يُعد أمرًا مذهلًا".

وأضافت حسب وكالة الأنباء الفرنسية: "المتوقع من السلطات المعنية أن تعمل بلا كلل لإزالة جميع العوائق أمام التحقيق- سواء كانت هيكلية أو سياسية- ولكن ما يحدث هو العكس تمامًا".

بدوره، قال وزراء لبنان السابق، سعد الحريري، في تغريدة عبر حسابه الرسمي بمنصة X: "أربع سنوات على جريمة المرفأ، وما زال البحث جاريًا عن الحقيقة.. وحدها العدالة يمكن أن تنصف الشهداء الأموات والأحياء، وتعيد بعض الوهج لبيروت".

استقالة الحكومة

بدأ مسار التحقيقات في القضية مع إعلان رئيس الوزراء اللبناني آنذاك حسَّان دياب، استقالة حكومته في العاشر من أغسطس عام 2020، إثر حادث انفجار المرفأ، وقال في كلمته حينها، إن "منظومة الفساد أكبر من الدولة، ونحن لا نستطيع التخلص منها، وأحد نماذج الفساد انفجار بيروت".

اتهام 3 وزراء بالإهمال والتقصير

في العاشر من ديسمبر 2020، ادعى المحقق العدلي القاضي فادي صوان، على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسَّان دياب، و3 وزراء سابقين، هم وزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزيرا الأشغال السابقان غازي زعيتر، ويوسف فنيانوس، في قضية انفجار المرفأ، بتهمة الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص.

وحدد القاضي صوان، مواعيد استجوابهم كمدعى عليهم، على أن ينتقل إلى السرايا الحكومية لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال، إلا أن أحدًا منهم لم يمثل أمامه في جلسات الاستجواب.

وتقدَّم كل من زعيتر وخليل المقربين من رئيس البرلمان نبيه بري، إثر ذلك، بمذكرة أمام النيابة العامة التمييزية طلبا فيها نقل الدعوى إلى قاضٍ آخر، بعدما اتهما "صوان" بخرق الدستور بادعائه على وزيرين سابقين ونائبين في البرلمان، بينما يتمتع هؤلاء بحصانة دستورية ويفترض أن تمر ملاحقتهم بمجلس النواب.

تنحية القاضي "صوان"

وفي منتصف فبراير 2021، أعلنت محكمة التمييز الجزائية في لبنان عن تنحية القاضي فادي صوان، عن التحقيقات، على خلفية طلب وزيرين سابقين ادعى عليهما صوان، نقل الدعوى إلى قاضٍ آخر.

وفي 19 فبراير 2021، وافق مجلس القضاء الأعلى في لبنان على تعيين القاضي طارق بيطار، رئيس محكمة الجنايات في بيروت، محققًا عدليًا في قضية انفجار المرفأ، خلفًا للقاضي فادي صوان.

وفي أوائل يوليو 2021، أعلن القاضي طارق بيطار، أنه سيتم استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسَّان دياب، ومسئولين آخرين كمدعى عليهم في قضية انفجار مرفأ بيروت، ومن بين هؤلاء ثلاثة وزراء سابقين بتهمة الإهمال والتقصير.

دعوى لإقصاء "البيطار" 

وفي أوائل أكتوبر من العام ذاته، أفاد مصدر قضائي لبناني بأن محكمة الاستئناف رفضت الدعاوى التي رفعها الوزراء السابقون، بإقصاء القاضي طارق البيطار، عن قضية انفجار مرفأ بيروت، ونقل الملف إلى قاضٍ آخر.

وتوقف التحقيق حينها؛ بسبب شكوى قانونية قدمها النائب ووزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق، ضد القاضي طارق البيطار، اتهمه فيها بعدم الحيادية، فيما قال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، حينها، إنه يأمل أن يواصل البيطار دوره.

وفي يناير 2023، استأنف "البيطار" تحقيقاته في قضية الانفجار بشكلٍ مفاجئ بعد توقفها لأكثر من سنة، بسبب تقديم طلبات رد في حقه.

وعقب استئنافه التحقيق، أخلى "البيطار" سبيل 5 موقوفين، وادعى على 8 أشخاص جدد، واستند المحقق العدلي في عودته إلى التحقيق إلى مواد قانونية قال إنها لا تجيز ردّه.

ورغم توقيف 25 شخصًا على الأقل، بينهم كبار المسئولين عن إدارة المرفأ وأمنه، إلا أن التحقيقات لم تسفر عن أي نتيجة حتى الآن.

عودة المرفأ 

ومرَّت التحقيقات اللبنانية في قضية مرفأ بيروت بالعديد من العراقيل التي تفاقمت حدتها بفعل الخلافات غير المسبوقة في هيكل القضاء اللبناني.

ومع حلول الذكرى الرابعة للحادث المأساوي الأكبر في تاريخ لبنان، أكد مدير عام مرفأ بيروت، عمر عيتاني، أن المرفأ بدأ تدريجيًا في العودة للعمل بكامل طاقته، مشيرًا إلى أن إعادة إعمار المرفأ ستكون من خلال إيرادات المرفأ نفسه.

وأضاف عيتاني، اليوم السبت، خلال مداخلة عبر قناة "القاهرة الإخبارية": "إننا بانتظار نتائج التحقيقات بشأن أسباب انفجار المرفأ، والتحقيقات متوقفة وهي شأن قضائي لا نتدخل فيه".