رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حتى لا ننسى

حالة الاستقرار التى تعيشها مصر، حاليًا، لم تعهدها من ذى قبل، لأن نعمة الأمن والأمان لا يعادلها أى نعم أخرى على الإطلاق. أتحدث اليوم للرد على بعض الخونة والمتنطعين الذين يصطادون فى الماء العكر، وأذكرهم بالكوارث التى حدثت بالبلاد منذ حوالى ١١ عامًا، وتحديدًا قبل ثورة ٣٠ يونيو، خلال حكم جماعة الإخوان التى وصلت للحكم فى غفلة من الزمن، وغارت إلى غير رجعة.

لقد ارتكبت الجماعة الإرهابية، حينئذ، الكثير من الجرائم والأفعال والتصرفات الغريبة والشاذة ونشطت فى عمليات ترويع المواطنين والمعارضين، وارتكبت عمليات خطف لأعضاء الحركات الاحتجاجية المناهضة لها. 

تاريخ الجماعة الأسود وأتباعها وذيولها من القتلة روّع المجتمع المصرى، ولا يمكن نسيانه أو التغاضى عنه.

ونشطت الجماعة فى إعداد الخطط الإجرامية ضد الوطن والمواطن على حد سواء.

على مدار عام كامل تم خلاله ارتكاب جرائم كثيرة لا يمكن أن يمحوها التاريخ، وشهد هذا العام الخراب والدمار، وجربت الجماعة فى المصريين كل الطرق الإجرامية، وتبين أن هذه جماعة فاشلة لا يعنيها سوى تحقيق مصالحها وأهدافها على حساب الوطن.

وتجرع المصريون كل الويلات على يد الجماعة فلا سياسة داخلية ولا خارجية، وازدادت الأمور من سيئ إلى أسوأ، ما يعنى أن حكم هذه الجماعة كان قاسيًا بكل ما تعنى هذه الكلمة. والمعروف أن الشأن السياسى شىء والشأن الدينى شىء آخر، ومحمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، عندما أسس الدولة الإسلامية لم تكن دولة دينية بالمعنى المعروف، وكتب التاريخ كلها تؤكد أن التاريخ الإسلامى منذ بدايته حتى الفتوحات الإسلامية لم يعتمد على دولة دينية ثيوقراطية، وإنما تم الفصل تمامًا بين الاثنين. وخير واقعة فى هذا الصدد عندما أشار الحباب بن المنذر على الرسول، صلى الله عليه وسلم، فى غزوة بدر اختيار موقع بدر ليعسكر فيه المسلمون، وتنازل النبى عن رغبته فى المكان الذى حدده، لأن هناك فرقًا بين الدين والسياسة. أما قيام الجماعة بالمتاجرة بالدين فهذا كان أكبر خداع للشعب المصرى ذاقه وتجرع ويلاته وقاسى منه كثيرًا. إضافة إلى اتباع سياسة الإقصاء والاستئثار لكل المواقع، فهذه كانت آفة تقوم بها الجماعة بسبب سياسة العناد التى ترفض كل شىء فيه مصلحة المواطن حتى جاء يوم ٣٠ يونيو ليكون يوم الخلاص من هذه الجماعة. وليس صدفة أبدًا أن تنتفض تركيا وتونس ومصر فى ذات اليوم لإزاحة حكم الجماعة.

وهذه الشعوب التى قامت بثورات عظيمة، شهد لها العالم، كان هدفها القضاء على النظم الاستبدادية الديكتاتورية. وهذا يدفعنى إلى السؤال: ما الذى استفاد منه الشعب المصرى مثلًا فى أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ سوى الخراب على كل المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية؟!. إن يوم قيام ثورة ٣٠ يونيو كان نظام الإخوان المستبد فى أشد جبروته وفى كامل سيطرته ولم يكن أحد يحلم قط بإزاحته، لكن إصرار الشعب المصرى وعزيمته على الخلاص كان أشد وأقوى، ونجح المصريون فى الإطاحة بحكم الجماعة الفاشيستى، وحرر المصريون أنفسهم من الجماعة الظالمة وحصلوا على حقوقهم التى أهدرها مندوب الجماعة حينئذ فى الرئاسة. وبدأ المصريون يحصلون على حقوقهم كاملة لإدراكهم الشديد أن حال مصر لن ينصلح أبدًا فى ظل حكم جماعة ثيوقراطية. وكفى كم المعاناة القاسية التى تعرضت لها البلاد بشكل فاق الحدود وتعدى التصورات.

إن حديثى موجه بالدرجة الأولى إلى الأجيال الجديدة التى كانت خلال هذه الفترة فى حكم الأطفال، ورأوا بأم أعينهم كيف أن آباءهم وأمهاتهم واجهوا الويلات خلال حكم هذه الجماعة التى كانت تصر على أن تكون ضد الجماهير وتحدث بينهم الفرقة وتصر على ذلك من خلال عمليات الترويع البشعة من خلال تلفيق التهم وتشويه السمعة وخطف الشباب.

وأعتقد أن هذا جزء قليل من كثير قامت به الجماعة ضد الوطن والمواطن، ما كان له أكبر الأثر فى أن تتحول مصر إلى خرابة بالمفهوم الشعبى البسيط.