"المارونية" تحيي ذكرى رُهْبانُ القِدِّيسِ مارُونَ القِدِّيسونَ الثَلاثِمِئَةٍ والخَمْسِون
تحتفل الكنيسة المارونية بذكرى رُهْبانُ القِدِّيسِ مارُونَ القِدِّيسونَ الثَلاثِمِئَةٍ والخَمْسِون، وكان قد إنقَسَمَت سورِيا بَعد المَجمَع الخَلقيدوني الرابِع الى مُؤيِّدين للمَجمَع والى مُعاكِسين لَه. وكانَ دَير مار مارون والأديِرَة التابِعَة لَهُ مِن المُناصِرين. في السَنَة 517 كان البَطريَرك ساويروس قائِدًا لِتُبًّاع الطَبيعَة الواحِدَة. وبَينَما كانَ عَدَدْ مِنَ الرِهبان الخاضِعين لِدَير مار مارون ذاهبين لِزيارَة دَير مار سِمعان العَمودي قُربَ حَلَب تَصَدّى لَهُم عَلى الطَريق قطاع طريق وقَتَلوا مِنهُم ثَلاثمايَة وخَمسين شَهيدًا، وَقَد نَجا البَعض الآخَر أو جُرِح. كانَ ذَلِك سَنَة 517 وَقَد أرسَلَ رَئيس دَير مار مارون ورُؤَساء الأديار التابِعَة لَهُ رِسالَة الى البابا هَرمَزدا يُخبِرونَه بالأمِر. فَأجابَهم البابا يُشجِّعَهُم عَلى الثَبات في الإيمان الكاثوليكي ويَذكُر شُهداءهم بالخَير.
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: "فإنَّ اللهَ أحبَّ العالَمَ حتَّى إنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد" . وقد "قُدّم" هذا الابن الوحيد ليس لأنّ أعداءه قد انتصروا، بل "لأنّه شاء ذلك بنفسه". "لقد أحَبَّ خاصّتَه الذينَ في العالَم، فَبَلَغَ بِه الحُبُّ لَهم إلى أقصى حُدودِه" . وأقصى الحدود هي الموت الذي رضي به من أجل الذين أحبّهم؛ هذا هو أقصى حدود الكمال كلّه، وأقصى حدود الحبّ الكامل لأنّه "لَيسَ لأحَدٍ حُبٌّ أعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أحِبّائِه" .
إنّ محبّة المسيح كانت، بموته، أكثر قوّة من كره أعدائه؛ فالكراهية استطاعت أن تفعل فقط ما سمح لها به الحبّ. فيهوذا، أو أعداء المسيح، قد سلّموه إلى الموت بفعل كراهية شرّيرة. إنّ الآب قد أسلم الابن والابن جادَ بِنَفْسِه بحبّ . غير أنّ الحبّ ليس مذنبًا بعمل الخيانة، بل هو بريء حتّى عندما مات المسيح بسبب هذا الحبّ. لأنّ الحبّ وحده يمكنه أن يفعل ما يشاء. الحبّ وحده قادر على اكراه الله وإسداء الأوامر مثله. الحبّ هو مَن أنزل الله من السماوات وسمّره على الصليب، وهو مَن أهرق دم المسيح من أجل مغفرة الخطايا، وذلك من خلال عمل بريء بقدر ما هو خلاصي. فكلّ شكر نقدّمه من أجل خلاص العالم يكون بدافع من الحبّ. وهذا الحبّ يدفعنا بمنطق ملزم إلى أن نحبّ المسيح بقدر ما كرهه الآخرون.