مجدل شمس.. هل تكون الشرارة التي تشعل الحرب بين لبنان وإسرائيل؟
يترقب العالم توسيع الصراع في الشرق الأوسط عبر اندلاع حرب كبيرة بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، عشية هجوم على تجمع للمدنيين في بلدة مجدل شمس بالجولان السوري المحتل نفى حسب الله مسؤوليته عنه، فيما تمسكت إسرائيل والولايات المتحدة بأن الحزب مسؤول عنها، ما اعتبره محللون وخبراء تحدثوا لـ"الدستور"، ضوءًا أخضر لحكومة بنيامين نتياهو المتطرفة لفتح جبهة لبنان رغم ما سيترتب على ذلك من أخطار.
وتوعدت إسرائيل بضرب "العدو" بقوة بعد أن أدى سقوط صاروخ، حملت مسؤوليته إلى حزب الله اللبناني، لمقتل 12 فتى وفتاة في مرتفعات الجولان، وأثار مخاوف من توسع حرب غزة.
ونفى حزب الله، مسؤوليته عن الضربة الصاروخية على بلدة مجدل شمس، وحذرت إيران إسرائيل من أن أي "مغامرات" عسكرية جديدة في لبنان قد تسبب تداعيات غير متوقعة.
واتهمت إسرائيل حزب الله بإطلاق الصاروخ، لكن الحزب الذي يستهدف يوميا مواقع عسكرية إسرائيلية، قال إنه لا علاقة له بالحادثة.
مصر تحذر
وحذرت مصر من مخاطر فتح جبهة حرب جديدة في لبنان بما قد يؤدي إلى انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة.
وأكدت مصر في بيان لوزارة الخارجية، على حسابها على فيسبوك، أهمية دعم لبنان وشعبه ومؤسساته وتجنيبه ويلات الحرب.
وناشدت القوى المؤثرة في المجتمع الدولي التدخل الفوري لتجنيب شعوب المنطقة المزيد من التبعات الكارثية لاتساع رقعة الصراع، التي قد تُشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
وقال الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني علي عبده، إنه منذ بداية الحرب على غزة ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتوعد بحرب ضد لبنان، وفي الآونة الأخيرة تحديدا، بعد فشله في حربه ضد غزة بدأ إعادة محاولة تجييش الرأي العام الغربي وتحديدا الأمريكي عبر افتعال الذرائع لشن حرب على لبنان.
مجدل شمس
وأضاف عبده لـ"الدستور"، أن فشل نتنياهو في إقناع الأمريكان خلال الأشهر الماضية بالدخول في حرب شاملة لا يعني أن واشنطن لا تريد الحرب، إنما نتحدث هنا عن إدارة الحرب التي هي أمريكية بامتياز من وجهة نظرنا، لافتا إلى أن الخلاف على الآليات وطريقة إدارة هذه الحرب.
وتابع بقوله: كان آخر هذه الذرائع ما حصل في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، والتي سارعت المقاومة في لبنان إلى نفي مسؤوليتها عن هذه المجزرة التي تحمل "بصمات إسرائيلية" واضحة، إذ لا مصلحة ولا هدف للمقاومة منها، بحسب عبده.
وأشار إلى أنها مجرد ذريعة تتكئ إليها إسرائيل لافتعال فتنة عبر عملية التضليل والخداع والكذب التي اعتاد عليها العالم، وقد فشلت الفتنة بسبب وعي شعوب المنطقة وقياداتها، ولهذا أقنع نتنياهو الأمريكيين بها للدخول في حرب شاملة، أو على الأقل توجيه ضربة إلى لبنان في لرد اعتباره وتمكنه من استعادة الخطاب تجاه الرأي العام الإسرائيلي، وتحديدا مستوطني الشمال.
ونوه بأن مسارعة الولايات المتحدة بتحميل حزب الله مسؤولية الهجوم رسالة لنتنياهو ولمحور المقاومة، بأن واشنطن لن تترك إسرائيل، وفي الوقت عينه لا تسمح لنتنياهو بالتفرد بالرأي وجر الولايات المتحدة إلى حرب غير محسوبة النتائج.
وحول استعداد لبنان للدخول في حرب مع إسرائيل، قال عبده، إن لبنان المقاوم والشعبي والرسمي قال كلمته بأن أحدا في لبنان لن يسمح لإسرائيل بالتمادي والجميع ملتف حول المقاومة وأي حرب ستتعرض لها وستفرض عليها، فعند الشدائد تظهر معادن الرجال ووطنية الرجال.
انقسام لبناني
من ناحيته، يرى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم، أن المجتمع اللبناني منقسم جدا لعدة أسباب، فبعض الأحزاب وعلى رأسها مثلا "القوات اللبنانية" ترفض مبدأ الحرب لأن حزب الله من وجهة نظرها يجر لبنان للحرب، ويمتلك وحده قرار الحرب والسلم.
وقال عاكوم لـ"الدستور"، إن حزب القوات اللبنانية دائما يدعو حزب الله لترك السلاح، وهذه عداوة تاريخية بين حزب القوات وحزب الله، وفي جزء كبير من اللبنانيين رافض فكرة الحرب. كونها ستقضي على ما تبقى من الاقتصاد وتقضي على ما تبقى من مقاومة الشعب اللبناني واستمراره بظل الأزمة الاقتصادية الحالية.
وفيما يتعلق بسيناريوهات التصعيد، أضاف عاكوم، أنه رغم ما حدث بـ مجال شمس، فإنه لن تكون هناك حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل، بل ستكون هناك ضربات محددة ربما تكون موجعة من قبل الجانب الإسرائيلي باستهداف بعض البنى التحتية اللبنانية بذريعة استخدامها من قبل حزب الله.
وأوضح المحلل السياسي اللبناني، أنه لا يتوقع حربا واسعة النطاق من قبل إسرائيل على حزب الله، كون هذه الحرب ستكون شاملة لجميع الأراضي اللبنانية، خاصة أن حزب الله خلال الفترة الأخيرة انتشر فعليا في جميع المناطق اللبنانية وخرج عن مناطق البيئة الشيعية التي كان يتحصن بها في الجنوب والبقاع.
وحذر عاكوم إسرائيل من أنها قد تقع في مأزق سيكون أسوأ من مأزق غزة لو غامرت وشنت حربا شاملة ضد حزب الله، وعندها سترى نفسها بمواجهة اللبنانيين الذين سيدافعون عن أرضهم، سواء كانوا مع حزب الله أو ضد حزب الله.
وواصل قائلا: لو غامر الطرفان حزب الله وإسرائيل بالدخول في حرب فعلية فستكون كارثة الكوارث على المنطقة بأكملها، وستشتعل الجبهات في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وجميعها لديها تواجد كبير جدا لأذرع الحرس الثوري الإيراني، وهذا كله يصب في مصلحة إيران، رغم أنها لا تريد الحرب.