الكنيسة البيزنطية تحتفل بذكرى القدّيسة الشهيدة ثيوذوتي
تحتفل الكنيسة البيزنطية بذكرى القدّيسة الشهيدة ثيوذوتي التي استشهدت مع أولادها الثلاثة في عهد الإمبراطور دقلديانوس.
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية جاء نصها كالآتي: إن الإحساس بالحضور الإلهي ليس أساساً للسلام في الضّمير الحي فقط؛ إنما هو أساس للسلام في التّوبة. للوهلة الأولى، يمكن أن نستغرب كيف أن توبة الخاطئ يمكنها أن تحمل في داخلها تعزية وسلاماً. هناك شيء مؤكد أن الإنجيل يعد بتحويل كل ألم إلى فرح؛ يجب علينا أن نفرح حتّى في وسط الألم، الضّعف والمهانة. يقول الرّسول بولس في رسالته إلى اهل رومة: "لا بل نَفتَخِرُ بِشَدائِدِنا نَفْسِها لِعِلمِنا أَنَّ الشِّدَّةَ تَلِدُ الثَّباتَ والثَّباتَ يَلِدُ فَضيلةَ الاِختِبار وفَضيلةَ الاِختِبارِ تَلِدُ الرَّجاء والرَّجاءَ لا يُخَيِّبُ صاحِبَه، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللّه أُفيضَت في قُلوبِنا بِالرُّوحَ القُدُسِ الَّذي وُهِبَ لَنا".
لكن إذا ما ظلّ من ألم يمكن أن يظهر كألم مطلق أو ظل هناك حزنٌ في ظل الإنجيل يمكننا التّفكير أننا لا نتعامل بشكل صحيح مع الإنجيل. وإذا مرّت لحظة يخيّل لنا فيها أن وجود الله تعالى لم يعد مقبولاً لنا فهذه تكون اللحظة الّتي نتيقّن فيها فجأة كم كنا غير أمناء وجاحدين له.
غير إنه لا توجد توبة صحيحة دون التّفكير بالله. فإن التفكير بالله موجود في قلب الإنسان التّائب لأنه يبحث عنه؛ وإنه يبحث عنه لكونه مدفوعاً من الحب. لذلك فإن الألم المتأتي من شعورنا بإهانة الله يجب أن يحمل في طيّاته عذوبة حقيقيّة، عذوبة الحب.
ماذا تكون التّوبة إن لم تكن انطلاقة القلب التي تحملنا للاستسلام لله، للتوبة كما للتصحيح، لأن نحب وجود الله في حياتنا، ولأن نجد في التّأديب الّذي يأتي من الله أفضل من الرّاحة والسّلام الّذين يؤمنهما العالم لنا خارجاً عن الله؟ إن الابن الضّال ظل يشعر بالألم والنّدم- لا بالتّوبة - طوال الوقت الّذي كان فيه موجودا في الحقل مع الخنازير. ولكنّه حين بدأ يشعر بالتّوبة الصّادقة نهض لتوّه وتوجّه نحو أبيه واعترف له بخطيئته فتخلّص قلبه من بؤسه.
إن النّدم الّذي يسمّيه الرّسول بولس "حُزنَ الدُّنْيا" يُورِثُ المَوت فبدل من أن يأتوا إلى نبع الحياة، إلى الله مصدر كل تعزية، فإن الّذين لديهم ندم لا يفعلون سوى تكرار أفكارهم نفسها؛ إنهم لا يستطيعون أن يبوحوا بألمهم لأحد... إن قلبنا بحاجة للتسكين ليتمكن من الخروج من ظلماته ومن كآبته... وليس من ملجأ أفضل من حضور الله في حياتنا