نقطة تحول.. ما بعد «مجدل شمس» سياسيون وخبراء لبنانيون يتحدثون لـ«الدستور»
أكد عدد من الخبراء والسياسيين أن اتهام دولة الاحتلال الإسرائيلى تنظيم «حزب الله» اللبنانى بالضلوع فى حادث قرية مجدل شمس، بالجولان السورى المحتل، مساء السبت الماضى، قد يشعل المنطقة بأكملها، خاصة مع تهديدات الاحتلال برد قوى على الحادث، الذى أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
وأشار الخبراء، خلال حديثهم إلى «الدستور»، إلى أن حادث مجدل شمس يعد الأكبر من حيث عدد القتلى والمصابين الإسرائيليين منذ عملية «طوفان الأقصى» فى ٧ أكتوبر الماضى، منوهين بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يحاول أن يستغل الحادث، الذى نفى «حزب الله» مسئوليته عنه، من أجل التصعيد فى المنطقة، للتهرب من الاتفاق الوشيك حول وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأوضحوا أن نتنياهو يبحث منذ مدة عن حشد الدعم الأمريكى للهجوم على لبنان، والبحث عن ضوء أخضر من واشنطن للدخول فى مواجهة مفتوحة مع «حزب الله»، تمهيدًا لتوسيع الصراع الحالى فى غزة، ليشمل المنطقة كلها، وهو ما يتعارض مع الجهود الباحثة عن احتواء التصعيد، والحفاظ على قواعد الاشتباك عند المستوى الحالى.
وقال جورج نادر، العميد بالجيش اللبنانى سابقًا، إن الهجوم على مجدل شمس سوف يغير نمط الحرب المستمرة من عشرة أشهر وحتى اليوم، موضحًا أن نوعية الرد ستكون أعنف وفى العمق وفى مناطق وأهداف لم تقصف مسبقًا.
وأضاف: «مسار الحرب لم يتغير جراء الجهود الغربية، وتحديدًا الأمريكية، التى حاولت إبعاد شبح الحرب عن لبنان، ووقف انتشارها فى المنطقة حتى الآن، وأثمرت هذه الجهود بالفعل، وضبطت الأمور إلى حد ما فى جنوب لبنان، حيث بقيت المعارك مقتصرة على الفعل ورد الفعل، وعلى الأهداف العسكرية فقط».
وتابع: «ما حدث فى مجدل شمس، وهى قرية سورية فى الجولان المحتلة، غيّر الأمور، لأن الجولان أُلحقت بالكيان الإسرائيلى عام ١٩٨١، وأصبحت بالنسبة للقانون الإسرائيلى أرضًا إسرائيلية، أى إن الهجوم تم فى أرض سورية محتلة، لكنه يعتبر من قبل العدو كأنه هجوم على الأراضى الإسرائيلية، كما أن القتلى هناك يعدون إسرائيليين».
وواصل: «من هنا، نرى أن إسرائيل ستصعد الأوضاع، وسيكون الرد أعنف وأقصى، لكن قد لا يتطور الأمر إلى حرب برية واجتياح شامل، كما يروج البعض».
وأوضح نادر أن كل التصريحات الإعلامية تقول إن جيش الاحتلال الإسرائيلى جاهز لاجتياح لبنان، وأن «حزب الله» جاهز للحرب البرية، مشيرًا إلى أن كل هذا يدخل فى إطار الحرب النفسية من قِبل الطرفين.
واختتم حديثه لـ«الدستور» بالقول: «برأيى، أن الهجوم البرى مستبعد حتى الآن، لكن الضربات الجوية ستكثف، وكما قلت سيتم قصف أهداف فى العمق اللبنانى وأهداف لم تقصف من قبل، وأتصور أن ضاحية بيروت الجنوبية، والتى هى المعقل الأساسى لكل قيادات حزب الله ومؤسساته، لن تقصف، باستثناء حادث ارتقاء صالح العارورى، التابع لحركة حماس، الذى قتل فى بداية المعارك من قبل مُسيرة إسرائيلية، وبرأيى سيتطور نمط العمليات الحربية، وستزيد كثافة ونوعية وقساوة هذه الضربات، وإنما قد لا تتطور إلى حرب مفتوحة، كما يهدد الإسرائيليون».
فيما قال عبدالله نعمة، الكاتب والباحث السياسى اللبنانى، إن ما تدعيه إسرائيل من أن الهجوم على مجدل شمس قد قام به حزب الله هو أمر غير صحيح، خاصة أن التنظيم اللبنانى نفى نفيًا قاطعًا مسئوليته عن هذا الهجوم.
وأوضح «نعمة» أن حزب الله قال إنه قام بضرب الجولان، وإن القبة الحديدية خلال اعتراضها صواريخه أخطأت وأصابت قرية مجدل شمس، وهو قول يدعمه أن حزب الله لم يضرب مدنيين منذ بداية الحرب على غزة، رغم أن إسرائيل تفعل ذلك يوميًا، سواء فى فلسطين أو لبنان.
وأضاف: «أظن أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أخذ ضوءًا أخضر من الولايات المتحدة لبدء حرب على لبنان، وبعدها أعطت إيران ضوءًا أخضر لمهاجمة القواعد الأمريكية فى العراق».
وواصل: «أعتقد أن إسرائيل ستقوم بالحرب على لبنان خلال ٤٨ ساعة، وستقوم بضرب المنطقة الجنوبية، وحتى نهر الليطانى، لأنها تعتقد أنها قادرة على مسح هذه المنطقة عن بكرة أبيها بالغارات الجوية، لتقوم بعدها بالدخول إليها والسيطرة عليها لحماية شمال إسرائيل من صواريخ المقاومة اللبنانية».
ولفت إلى أن هذا السيناريو لن ينجح على الأرجح، لأن الحرب مع لبنان ليست نزهة، خاصة أن معادلة الردع العسكرية والبشرية بين إسرائيل وحزب الله موجودة.
وتابع: «إسرائيل لم ولن تقدر على حسم أى معركة مع لبنان، لأنه يضم أحزابًا وقوى لبنانية كثيرة، بمعنى أن كل اللبنانيين سيقومون بالدفاع عن بلادهم، وأهل الجنوب، وهم أهل هذه الأرض، سيدافعون عنها، ومن المؤكد أنها ستكون حربًا تدميرية سيدفع ثمنها لبنان وإسرائيل معًا، لكن إسرائيل لن تنتصر فيها».
واعتبر الباحث اللبنانى أن الحرب فى لبنان أصبحت وشيكة بالفعل، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو يعتقد أنه قادر على ربحها لحفظ ماء وجهه، خاصة بعد الضوء الأخضر من أمريكا.
من جانبه، قال الدكتور جهاد أبولحية، الأستاذ الفلسطينى فى القانون والنظم السياسية، إنه لا يتوقع حدوث حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله اللبنانى، خاصة بعدما أعلن التنظيم عن عدم مسئوليته عن عملية مجدل شمس.
وأضاف: «حزب الله بهذا الإعلان يؤكد عدم رغبته فى الدخول بحرب شاملة، وأنه ملتزم بقواعد الاشتباك المتبعة، ولكن بشكل مؤكد فإن إسرائيل سوف ترد على هذه العملية التى أدت إلى قتل عدد من سكان القرية، وذلك من أجل تحسين صورتها».
وأشار «أبولحية» إلى أن الوسطاء الغربيين والإقليميين سيتمكنون من التوصل إلى اتفاق حول عودة مستوى التوترات إلى المستوى المتبع، حتى لا يحدث تصعيد كبير يؤدى إلى ضياع كل ما تم بذله من جهود للتوصل إلى اتفاق سياسى بين الطرفين.
واختتم: «رئيس وزراء الاحتلال يحاول استغلال ما حدث فى مجدل الشمس من أجل التهرب من المضى فى المفاوضات، فيما يخص التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، وهذه المحاولة قد يكتب لها النجاح إذا لم يكن هناك ضغط حقيقى على نتنياهو للمضى قدمًا بالاتفاق وعدم استغلال الحدث للتهرب منه».