رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طوق نجاة للمتوحش نتنياهو بعد واشنطن: لا تهدئة فى غزة.. واتجاه لتوسيع الحرب مع «حزب الله»

نتنياهو
نتنياهو

وصف سياسيون وخبراء فلسطينيون خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، أمام الكونجرس الأمريكى، بأنه خطاب كراهية محض، حيث ركز فيه على إظهار إسرائيل بصورة الضحية، وأنها جزء من الغرب الحضارى، وتتعرض لهجمة شرسة من محيطها «الإرهابى الهمجى»، ومن ثم يتوجب على الغرب دعم إسرائيل سياسيًا وماليًا وعسكريًا، بما أنها أداة فاعلة للدفاع عن المصالح الأمريكية فى المنطقة، خاصة ضد «الخطر الإيرانى».

وأوضح الخبراء، لـ«الدستور»، أن زيارة «نتنياهو» إلى واشنطن تأتى كجزء من مناورته السياسية لتحقيق عدة أهداف، منها إطالة أمد الحرب فى غزة وفى جبهة الشمال مع حزب الله، ما يضمن له البقاء فى منصبه والإفلات من المحاكمة بتهم الفساد، وثانيها حشد الدعم الغربى لجيشه ومؤسساته، ما يضمن له تحقيق نتائج عسكرية على الأرض تعزز موقفه فى أى عملية تفاوض بشأن غزة، أو بشأن جبهة الشمال.

توقعات بمزيد من الدعم العسكرى والمالى رغم «الحديث المسرحى» عن مأساة القطاع

قال الدكتور عماد عمر، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، إن خطاب «نتنياهو» أمام الكونجرس انقسم إلى ٤ أجزاء: الأول حمل حجمًا كبيرًا من الأكاذيب التى لا يقبلها العقل البشرى حتى من أبناء شعبه، حيث حاول استعطاف المجتمع الأمريكى من خلال إظهار إسرائيل بصورة الضحية التى تعرضت لهجوم السابع من أكتوبر، واصطحب معه عددًا من المخطوفين المحررين وأسرهم، وعددًا من الجنود الذين أصيبوا خلال الحرب، وصوّر لأعضاء الكونجرس أنهم هم الضحية.

وأوضح أن الجزء الثانى من الخطاب حاول من خلاله إقناع الولايات المتحدة بأنه يدافع عن مصالحها فى المنطقة، وتعمد أكثر من مرة أن يقول إننا ندافع عن أمريكا وإسرائيل فى وجه الخطر الذى تقوده إيران وحلفاؤها من حزب الله وحماس والحوثيين وحزب الله وميليشيات إيران فى العراق، وأن هذا التحالف يجب القضاء عليه. وتابع «عمر»: «النقطة الثالثة المهمة التى تعرض لها خطاب نتنياهو، هى رؤيته غزة ما بعد الحرب، وهى الأمر الجديد فى هذا الخطاب، حيث أكد أنه لا يريد البقاء فى غزة، وقال نريد أن نقضى على حماس ونقيم حكمًا فلسطينيًا يدير قطاع غزة، لا هو من السلطة ولا من حماس، وبالتالى هنا يشير إلى وجود طرف فلسطينى ثالث أو سلطة، ولكن بأشخاص آخرين». وأشار إلى أن النقطة الأخيرة التى تطرق «نتنياهو» لها فى خطابه تأكيده أنه يسعى لمحاربة الإرهاب من خلال تحالف مع دول الإقليم أطلق عليه تحالف «إبراهام»، فى إشارة إلى حفاظه على اتفاقيات وتفاهمات التطبيع مع الدول العربية. وأضاف: «باعتقادى أن الخطاب جاء كمسرحية هزلية كانت عبارة عن حفلة من التصفيق، فلم نشهد أى خطاب فى الكونجرس على مدى التاريخ صفق فيه الحضور بهذا العدد الكبير لملقى الكلمة». وعن اجتماعات «نتنياهو»، التى تلت الخطاب مع كل من جو بايدن وكامالا هاريس، قال عمر إن كليهما طالبه بضرورة إنجاز صفقة التهدئة مع حماس للإفراج عن الرهائن، ووقف حمام الدم والقتل والمجازر المستمرة فى قطاع غزة. وأوضح أن زيارة «نتنياهو»، ولقاءاته مع الإدارة الأمريكية ومرشحى الأحزاب الديمقراطيين والجمهوريين، ربما وفرت له وعودًا بمزيد من الدعم العسكرى والمالى للاستمرار فى حربه، خاصة فى جبهة الشمال مع حزب الله، مقابل إنهاء الحرب على غزة، وربما تصور له أن هذا نتيجة نصر حققه فى غزة، وفور عودته لإسرائيل ربما يعطى تعليماته لمعاونيه بإرسال وفود التفاوض لتسليم الوسطاء المقترح الجديد لنقله إلى حركة حماس.

وتابع: «لم يتبق أمام نتنياهو أى شىء فى غزة، خاصة بعد قرب الانتهاء من العملية العسكرية فى رفح، فالخيارات أصبحت محدودة وأوراق الضغط على فصائل المقاومة أصبحت محدودة وتضيق شيئًا فشيئًا، فى ظل الضغوط الداخلية من قبل المعارضة الإسرائيلية وأهالى المحتجزين».

واختتم: «رغم الضغوطات التى تمارسها الإدارة الأمريكية على نتنياهو، فإنها لن تتخلى عن إسرائيل أو دعمها عسكريًا وماليًا للحفاظ عليها كقوة عسكرية فى المنطقة تستطيع من خلالها الدفاع عن وحماية مصالحها أمام الفصائل الإيرانية فى جبهة الشمال مع حزب الله، أو فى اليمن». 

رئيس وزراء الاحتلال يتجه للمماطلة فى الصراع مع «حماس» حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية

أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس عضو حركة فتح، أن خطاب «نتنياهو» فى الكونجرس خطاب كراهية بامتياز.

وأضاف: «طريقة الاستقبال التى استقبل بها أعضاء الكونجرس نتنياهو تؤكد أنهم معزولون عن العالم، أو أنهم متطرفون مثله ويدعمونه فى حربه، والدليل على ذلك عدد مرات التصفيق الكثيرة وغير المبررة».

وتابع: «ركز خطاب نتنياهو على إظهار الصراع بين إسرائيل وباقى القوى فى المنطقة على أنه صراع بين الغرب الحضارى والشرق الإرهابى الهمجى، والمثير للدهشة أن أعضاء الكونجرس صفقوا له حتى حين وصف الأمريكيين الذين يتظاهرون ضده خارج الكونجرس بالأغبياء».

وأكد «الرقب» أن محتوى خطاب نتنياهو كراهية محضة، وأنه لم يقدم شيئًا جديدًا ولا مشروعًا سياسيًا، وتحدث وكأنه زعيم أمة جاء لينقذ اليهود من بطش العرب، ومن بطش الشرق الذى يريد أن يقضى على اليهود، ولم يكترث الحضور لارتكابه عملية قتل ضد ٤٠ ألف برىء فى غزة غالبيتهم من النساء والأطفال. وأشار إلى أن بعض الديمقراطيين رفضوا حضور خطاب «نتنياهو»، ومنهم كامالا هاريس، ولكن فيما بعد التقت «هاريس»، «نتنياهو» لاحقًا، وبحثت معه ملف الحرب على غزة والتطورات فى جبهة الشمال.

وأضاف أن «بايدن» الذى يحزم حقائبه ليغادر البيت الأبيض، بعد أن حسم أمره بعدم بقائه فى السلطة، التقى «نتنياهو»، وكان الحديث حول تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ٢٧٣٥ أو الرؤية الأمريكية لإنهاء الصراع فى غزة، ولكن يبدو أن الأمريكيين الحاليين لا يمتلكون أى أدوات للضغط على «نتنياهو». ولفت إلى تعليقات بعض وزراء الاحتلال المتطرفين على تصريحات «هاريس» عن وقف الحرب وقبول صفقة الهدنة، حيث وصفوها بأنها تسعى لمساعدة حماس على تحقيق نصر على إسرائيل. 

وأكد «الرقب» أن «نتنياهو» سيماطل حتى الوصول إلى الانتخابات الأمريكية، أى أن الحرب ستستمر ٤ أشهر قبل أن نرى هل بالفعل سنذهب إلى صفقة، أم أن الحرب ستستمر أيضًا حتى بعد وجود إدارة أمريكية جديدة؟

دعوات لضغوط من الوسطاء بهدف إنجاز «صفقة تبادل» ووقف إطلاق النار بشكل عاجل

رأى ثائر أبوعطيوى، الكاتب الصحفى، مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات فى فلسطين، أن خطاب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بالكونجرس الأمريكى، خطاب استعراضى خارج إطار المصداقية. 

وأوضح «أبوعطيوى»: «الحديث بعيد كل البعد عن الحقيقة؛ فالخطاب ملىء بالكذب وتزوير الحقائق الواضحة، فقد اعتبر نتنياهو الحرب التى يخوضها ضد قطاع غزة صراعًا بين الهمجية والحضارة، وهذا واضح فى حديثه عن حضارة الدم والموت والقتل وسفك أرواح الأطفال والنساء وكبار السن الأبرياء والمدنيين العزّل من أبناء قطاع غزة».

وتابع: «كان التصفيق حارًا من أعضاء الكونجرس، كأنهم يدافعون عن الرؤية الاستعمارية، متجاهلين حجم المأساة والمعاناة والنكبة الإنسانية لأكثر من مليون ونصف المليون نازح فلسطينى يعيشون فى الخيام؛ جراء استمرار الحرب والعدوان المتواصل للشهر العاشر على التوالى». 

وأضاف: «خطاب نتنياهو لا يمت للواقع بصلة، ويتنافى مع الحقائق والمواثيق والأعراف الدولية التى تطالب بحماية المدنيين العزّل، خاصة الأطفال والنساء فى ظل الحروب والنزاعات، وتناسى المصفقون لخطاب نتنياهو بالكونجرس أن الشعب الفلسطينى شعب محتل، وأن كل الأحداث الجارية وتصاعدها بسبب استمرار الاحتلال الأطول تاريخيًا فى العالم».

وقال: «تجاهل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى والحاضرون من أعضاء الكونجرس الأمريكى مأساة الإنسان الفلسطينى وحجم الجريمة المرتكبة بحقه ظلمًا وعدوانًا، وأن شعبنا الفلسطينى لا يعشق الموت من أجل الموت، بل الشعب الفلسطينى يسعى إلى الحرية والاستقلال وإقامة دولته عبر سلام شامل وعادل يضمن الحقوق المشروعة والكاملة لجميع الفلسطينيين».

وذكر أن نتنياهو يقف للمرة الرابعة أمام الكونجرس الأمريكى، ولم يأت بجديد، بل جاء لتعزيز الرواية الإسرائيلية المعادية للسلام وعدم الاعتراف بوجود الإنسان الفلسطينى على أرضه التى جرى احتلالها.

ولفت إلى أن خطاب نتنياهو أمام الكونجرس كان لرئيس وزراء دولة محتلة يدافع عن الاحتلال وعن الاستيطان، ويدافع عن استمرار القتل والتدمير والتهجير والتجويع والحصار لشعب كل ذنبه أنه يطالب بالعيش بحرية وكرامة إنسانية فى كنف دولة فلسطينية مستقلة، أقرتها كل المواثيق والأعراف الدولية، مشددًا على أن نتنياهو ضرب عرض الحائط فى خطابه بكل الأصوات المناصرة لعدالة القضية الفلسطينية.

وأكد الكاتب الفلسطينى أن الحاضرين من أعضاء الكونجرس الأمريكى لم يسألوا أنفسهم سؤالًا بسيطًا، وهو «ما ذنب الآلاف من الأطفال والنساء الذين ماتوا جراء استمرار الحرب؟ وبدلًا من ذلك صفقوا لنتنياهو بتأييد أعمى».

وأشار إلى اجتماع نائبة الرئيس الأمريكى والمرشحة الرئاسية عن الحزب الديمقراطى، كامالا هاريس، برئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فى واشنطن، الذى قالت فيه إن الوقت حان لوضع حدّ للحرب المدمرة المستمرة فى قطاع غزة، فى إشارة منها إلى الأطفال القتلى، ولليائسين والجياع الذين يفرّون بحثًا عن الأمان، وطالبت نتنياهو بالتوصل إلى اتفاق يؤدى إلى وقف الحرب وإطلاق النار وإبرام صفقة تبادل.

ونوه بأن دعوة «هاريس»، فى اجتماعها مع نتنياهو، لقيام دولة فلسطينية، وعدم صمتها عن القتل واستمرار الحرب على غزة، يعتبر فى نطاق الاستهلاك الإعلامى، والترويج بشكل غير مباشر لشخصها وحزبها الديمقراطى فى الانتخابات الأمريكية المقبلة، لأن كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة حتى الديمقراطية منها لم تحقق أى تقدم ملموس ولو خطوة إيجابية واحدة تعطى للفلسطينيين الأمل فى المستقبل بالحرية وإقامة الدولة المستقلة.

أما عن لقائه الرئيس الأمريكى جو بايدن، فقال «أبوعطيوى»: «يعتبر لقاء بروتوكوليًا، فلا جديد فى محتواه سوى تقديم التسهيلات والمساعدات لإسرائيل من أجل حصولها على ترسانة جديدة من الأسلحة المحرمة دوليًا لارتكاب المزيد من حرب الإبادة الجماعية والتدمير المتواصل على قطاع غزة، وأما عن وقف الحرب وصفقة التبادل كان لا بد أن يكون الرئيس الأمريكى أكثر حزمًا وشدة فى الضغط على نتنياهو للقبول والموافقة وعدم المماطلة والتسويف».

وتابع: «ازدواجية الرؤية الأمريكية فى التعامل مع القضية الفلسطينية والاحتلال، وتقديم كل الدعم للاحتلال، أمور تؤكد الموقف الأمريكى المنحاز والمؤيد لإسرائيل، فى ظل عجز الرئيس الأمريكى عن حماية مقترحه الذى قدمه لوقف الحرب وإبرام صفقة تبادل».

وشدد على استمرار الدعم الأمريكى على كل المستويات، خصوصًا العسكرى، لدولة الاحتلال، وهو ما أكد عليه نتنياهو فى خطابه أمام الكونجرس الأمريكى.

وأكد أن خطاب نتنياهو يحمل مضمون استمرار الحرب المسعورة، ومحاولة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، الهروب الدائم والانسحاب بشكل متعمد من أى تعهد يؤدى إلى حل الأزمة والوصول لصفقة تبادل تؤدى إلى وقف إطلاق النار الدائم والحرب بشكل نهائى على غزة.

وقال: «المطلوب عربيًا ودوليًا، ومن الوسطاء فى القاهرة والدوحة، الضغط أكثر من أجل إنجاز وإنجاح الصفقة، لأنه لم يعد هناك أى مبررات للرفض من نتنياهو بعد التعديلات العديدة التى طالب بها على مقترح بايدن لصفقة التبادل».