رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الجن طلع بنى آدم".. جثة سيدة متفحمة تحل لغز "المنزل الملعون" فى الجيزة

المنزل الملعون
المنزل الملعون

في أحد منازل قرية بني مجدول في مدينة كرداسة شمال الجيزة، أثار منزل غريب الذعر في نفوس جيرانه، الذين يدّعون أنه النيران تشتعل فيه من حين لآخر، وأطلقوا عليه "البيت الملعون"، وتبنوا رواية أن "الجن" هو من يسكنه ووراء الحوادث المتكررة التي تحدث فيه، وكانت سببًا في أن يتركه أصحابه مهجورًا. 

فرغ "البيت الملعون" من الناس وبقيت فيه بعض الطيور، تولت ابنة صاحب المنزل إطعامهم يوميًا، وفي أحد الأيام ذهبت كعادتها في مهمتها إلا أنها تأخرت ولم تعد لمنزلها، ما أقلق زوجها وبناتها الأربع، وعندما ذهب زوجها للاطمئنان عليها والبحث كانت الصدمة، إذ عثر على جثتها داخل شقة في المنزل متفحمة تمامًا، وهنا صرخ هو والأسرة بأن "الجن حرقها". 

في أثناء مروره على أقسام الشرطة ومتابعته عددًا من فرق البحث، أجاب اللواء هاني شعراوي، مدير المباحث الجنائية بالجيزة على إشارة عبر جهاز اللاسلكي واردة من المقدم محمد الجوهري، رئيس مباحث مركز كرداسة، يخطره فيها بالعثور على جثة سيدة متفحمة داخل منزل في قرية بني مجدول، وأسرتها تزعم أن "الجن والعفاريت" حرقوها. 

ترأس شعراوي فريق بحث رفيع المستوى من ضباط فرقة شمال أكتوبر، كانت أولى خطواته معاينة مسرح الحادث واستجواب زوج وأسرة المجني عليها للوقوف على ملابسات الجريمة، وقالت أسرة المجني عليها وعدد من جيرانها إن المنزل تشتعل فيه النيران دون مقدمات منذ فترة طويلة، ولشكهم أن "الجن" هو من يفعل ذلك قرروا تركه والانتقال إلى منزل آخر، وابنتهم الضحية كانت ترعى "طيورًا" تركوها وراءهم وإطعامها حتى انتقم منها الجن وحرق جسدها.

ساعات من الروايات المرعبة لم تقنع رجال البحث الجنائي بالجيزة، بعدما أكد الحس الأمني لهم وجود طرف يتلاعب بكل هؤلاء لمصلحة شخصية له، فكانت الخطوة التالية في خطة البحث فحص خلافات وعلاقات المجني عليها وآخر المترددين على "البيت الملعون" كما يطلق عليه الأهالي، حتى عثر ضباط كرداسة على الخيط الأول لحل اللغز بمشاهدة أحد الجيران لشقيق المجني عليها في أثناء خروجه من المنزل المهجور في وقت معاصر للعثور على جثتها. 

انطلقت خطة البحث من تلك النقطة بفحص علاقة المجني عليها وشقيقها، وتبين أنهما على خلاف بسبب اقتراض أخيها مبلغ 20 ألف جنيه منها ورفضه ردها، وبرأ الطب الشرعي "الجن" بالتأكيد أن المجني عليها تم خنقها ثم حرق جثتها، وجاء دليل البراءة الثاني عندما أكد زوجها اختفاء قرط ذهبي من أذنها.

بعد جمع عدد من الأدلة وإشارة أصابع الاتهام إلى شقيق المجني عليها، انطلقت قوة أمنية نجحت في إلقاء القبض عليه، وبمواجهته فجر عدة مفاجآت خلال استجوابه. 

اعترف الشقيق بجريمته، معللًا السبب بأنها استمرت في مطالبته برد المبلغ الذي اقترضه منها وكان يعلم بارتدائها "حلق دهب"، ولعلمه بمواعيد ذهابها لمنزلهم القديم، قرر التخلص منها، وبالفعل ذهب إليها واستدرجها إلى داخل شقة فارغة أعلى سطح المنزل حتى لا يشاهده الجيران، وعندما طالبته بالمبلغ تشاجر معها وأطبق يديه على رقبتها حتى فارقت الحياة، وتركها لتسقط أرضًا واستولى على قرطها الذهبي وهاتفها المحمول، وسكب بنزين على جسدها وأشعل فيه النيران حتى يخفي آثار جريمته وفر هاربًا. 

خلال استكمال استجوابه، فجر المتهم مفاجأة أخرى، إذ قال إنه من كان يشعل النيران في منزل أسرته القديم، وذلك لأنه اعتاد سرقة متعلقات منه ثم يشعل النار في غفلة منهم ليشتت انتباههم عن السرقة، وكان السبب في إدخال فكرة حرق الجن المنزل بعقولهم حتى صدقوها تمامًا لكثرة الحرائق دون مقدمات أو سبب واضح، وانتشر الأمر في القرية بأكملها، ليقرروا ترك المنزل فارغًا خوفًا منه. 

وأضاف المتهم أن فكرة حرق جثة شقيقته كانت لإيحاء أهله وأسرته بأن الجن انتقم منها لاستمرارها في الذهاب إلى المنزل، وهو ما صدقه الجميع بالفعل. 

وأدلى المتهم باعترافات تفصيلية بقتل شقيقته أمام نيابة شمال الجيزة الكلية، التي قررت حبسه ٤ أيام على ذمة التحقيقات، وقرر قاضي المعارضات استمرارها لمدة 15 يومًا.