انسحاب بايدن ومستقبل القضية الفلسطينية
انسحب جو بايدن، الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة، ليضع الحزب الديمقراطي الأمريكي، في مأزق حقيقي باختياره التوقيت الخطأ لإعلان الانسحاب. قبل يوم واحد من إعلانه، وصف شقيقه جيمس براين بايدن قرار الانسحاب بأنه مستحيل. بهذا القرار، دخل الديمقراطيون في دائرة صراع داخلية جديدة على اسم مرشح الحزب بعدما استقرت الأمور لبايدن وفريقه الذي يضم نائبته كاميلا هاريس.
يأتي قرار انسحاب بايدن ليفتح باب النقاش حول مستقبل القضية الفلسطينية ومصير الحرب العدوانية على قطاع غزة التي شهدت دعمًا واضحًا من الرئيس الأمريكي. هناك أيضًا تداعيات أخرى وردود أفعال متباينة على قرار انسحاب بايدن من معظم دول العالم، وتختلف ردود الأفعال بين الدول الحليفة للولايات المتحدة وبين دول الرفض للنفوذ الأمريكي كروسيا والصين وكوريا الشمالية.
داخليًا، تسبب قرار انسحاب جو بايدن في ارتباك داخل الحزب الديمقراطي، أولها حول مصير الأموال التي تم جمعها للحملة الانتخابية للرئيس بايدن والتي وضعت في حساب الحملة الانتخابية باسم الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس فقط، مما يمنع استغلال تلك الأموال لأي مرشح آخر. الوحيدة التي يمكنها استغلالها بشكل قانوني هي نائبته هاريس، وهذا الموقف يصعب من قرار ترشح آخرين في هذا الوقت الضيق لإعلان اسم مرشح الديمقراطيين.
مجازفة الديمقراطيين بالانتخابات الرئاسية القادمة قد تكون تكلفتها كبيرة وخسائرها فادحة، بداية من احتمال فقد الديمقراطيين الأغلبية داخل مجلس الشيوخ والنواب، وهو ما يعني أن الحزب قد يتعرض لانتكاسة كبيرة لم يشهدها من قبل، وقد يفقد مقعد الرئيس لثلاث أو أربع دورات متتالية على أقل تقدير.
تنافس كامالا هاريس، التي يعتبرها الأمريكيون ذات جنس ملون لأصولها الهندية والإفريقية، العديد من الأسماء، منهم حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، وحاكمة ميشيجان جريتشين ويتمر، وحاكم بنسلفانيا جوش شابيرو، وحاكم ماريلاند ويس مور، والسيناتور رافائيل وارنوك من جورجيا. جميعهم أسماء كبيرة وتولوا مناصب لم تصل إليها هاريس قبل دخولها عضوًا في فريق بايدن، وكان أهم منصب لها هو المدعي العام لولاية سان فرانسيسكو عام 2003. بفوزها أصبحت أول امرأة سوداء في كاليفورنيا تُنتخب كمدعية عامة، ثم فازت بسباق مجلس الشيوخ الأمريكي في عام 2016 لتصبح سيناتور، وهي الخطوة الأهم التي قربتها من فريق جو بايدن.
أما ردود الأفعال العالمية فجاءت متباينة بين الممتن لمواقف جو بايدن، كما جاء في كلمة كتبها وزير دفاع جيش الاحتلال الإسرائيلي قائلًا إن دعمه الراسخ لهم لن يُقدر بثمن. تجاهلت روسيا قرار انسحاب بايدن باعتبار أن لديهم الأهم، وهي الحرب مع أوكرانيا، بينما أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن امتنانه لما قدمه بايدن لهم خلال الحرب.
ما يهمنا نحن كعرب هو تأثير غياب بايدن على القضية الفلسطينية وهل سيكون له تأثير أو تغيير في الموقف الأمريكي بغيابه وانتخاب رئيس جديد. الحقيقة المؤكدة أنه لن يتغير شيء عمليًا، فلا ننسى ما أعلنه الرئيس جو بايدن بكل جرأة في مرات متكررة بأنه صهيوني، وكان أول رئيس أمريكي يتجرأ على إعلان انتمائه للحركة الصهيونية المتطرفة أمام الشعب الأمريكي والعالم أجمع.
أما مصير القضية الفلسطينية، فهو لم يرتبط يومًا بانتماء المرشحين لمنصب الرئيس الأمريكي ولا بأي رئيس، فجميعهم يضعون أمن ومصلحة "إسرائيل" فوق كل اعتبار. الفرق الوحيد بين الديمقراطيين والجمهوريين هو الإعلان الدائم للديمقراطيين بتأييدهم حل الدولتين، وهو ما يعني إيمانهم بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته، وهي مجرد تصريحات لم ترقَ لاتخاذ أي موقف، على عكس الجمهوريين الذين لم يعلنوها أبدًا. يبقى الحل للقضية الفلسطينية حتى الآن هو المقاومة وفقط.