المطران "جورج شيحان" يفتتح لقاء المركز الثقافي اللبناني الماروني
افتتح مساء اليوم المطران جورج شيحان مطران أبرشية القاهرة المارونية لمصر والسودان والزائر الرسولي على شمال إفريقيا ورئيس مجلس أمناء المركز الثقافي اللبناني الماروني، اللقاء الأحدث لصالون المركز الثقافي اللبناني الماروني بعنوان "البطريرك الحويك: حائك أساسات أبرشية القاهرة المارونية لمصر والسودان “، وذلك بمقر المركز بالإسكندرية”.
وجاءت كلمة المطران “جورج شيحان “ كالتالي:”برؤية”نبوية أردت أيها البطريرك العظيم المكرم مار إلياس بطرس الحويك أن يكون لأرض الكنانة، مصر العريقة في التاريخ، مصر الفراعنة، وأرض العائلة المقدسة، كيان كنسي، نيابة بطريركية وأسقف راع يتولى شؤونها يتزامن مع تأسيس نيابة بطريركية في القدس ونيابة بطريركية في باريس.
فكان ما أردت وفق رؤيتك الكنسية لمتابعة شؤون أبناء الكنيسة المارونية، إن في النطاق البطريركي أو في عالم الانتشار. وابتدأت المسيرة الرعوية في مصر وعَمُر البنيان لأنك كنت تعلم ان الرعية دون راعي هي كالخراف التي لا راعي لها. إننا لا ننسى أن الرهبنة المارونية المريمية هي التي كانت ترعى شؤون الموارنة في أماكن تواجدهم منذ سنه 1745 مع أول راهب أتى مدينة دمياط الأب موسى هيلانة ليهتم بشؤون الموارنة الذين تواجدوا بعد ذلك في الإسكندرية، طنطا، الزقازيق، الإسماعيلية، بورسعيد والقاهرة.
لقد جلس على أول كرسي للنيابة البطريركية المثلث الرحمة المطران يوسف دريان في منطقة الظاهر – القاهرة، وجمع الرعية وابتدأ يزرع الأساسات للبشر والحجر وإرتفع بنيان الكاتدرائية وكانت على إسم العائلة المقدسة وبوركت في غرّة شهر إبريل نيسان 1909 بدعم كريم من أبناء الطائفة مُجتمعين بكل سخاء وكرم يتقدمهم الكونت خليل صعب.
انطلقت النيابة البطريركية المارونية في القاهرة بقواعد ثابتة وإرادة صلبة لأبنائنا الموارنة الذين كانوا وما زالوا أصحاب غيرة وحمية رغم انتشارهم في السنين الأخيرة وتوزُعهم في محطات عديدة، في القاهرة وضواحيها، حتى العاصمة الإدارية الجديدة، التي إنطلقت مؤسساتها وأمنيتها وكل التصاميم الهندسية بهمة وإرادة صلبة من رئيس البلاد عبد الفتاح السيسي الذي سيسطّر التاريخ انجازاته لتظهر مصر بوجهها الحضاري، والسياسي، والاجتماعي، والتربوي، لتواكب الحداثة وتكون رائدة في محيطها العربي والأفريقي.
رسالة كنيستنا المارونية في مصر بما تحمل من تراث هي مسؤوليتنا، حملنا مشعلها منيرًا بأضواء متلألئة أمانة للمستقبل وشهادة لأرواح الأباء القديسين والرعاة الذين زرعوا بعرق الجبين، وإجتهدوا من أجل الحفاظ على الدور الماروني الفاعل والمثمر، وخاصة أن مصر قد شهدت عبر تاريخها دورًا متميزًا لكثير من الأدباء والشعراء ورجال الصحافة، ورجال أعمال لبنانيين، طبعوا الحياة المصرية وأغنوها بالحضارة اللبنانية التي تشابكت في تناغم بديع مع الحضارة المصرية لمزيد من الغنى والتطور الإنساني والثقافي ووالحضاري.
رسالتنا نستوحيها من رئيس كنيستنا المارونية نيافة الكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، الذي يحمل في قلبه رفعة الموارنة في لبنان والنطاق البطريركي وعالم الانتشار، والذي يعمل ليبقى التواصل حليف أبناء الكنيسة أينما وجدوا. ومسيرة كل جماعة في أي بلد وجدوا فيه هي شاهدة على الرسالة التي يقوم بها الموارنة أمانة لكنيستهم وشهادة للتاريخ.
أردنا بالتعاون مع حضرة الخوري الدكتور ميشال قنبر ان يسطّر تاريخ ابرشية القاهرة المارونية وليظهر بأكثر فاعلية الوجود الماروني في مصر والرسالة الروحية والثقافية والإجتماعية، وتسجّل مجريات مسيرتها منذ سنه 1904 حتى يومنا هذا، فكان إن حصلنا على الأرشيف الخاص بالأبرشية من محفوظات البطريركية المارونية في بكركي لبنان، وقد صدر الكتاب بعنوان "البطريرك الحويك حائك أساسات أبرشية القاهرة المارونية". كما صدر كتاب جديد خلال هذه الفترة عن البطريرك الحويك في الصحافة المصرية، يحمل في طياته ما وردت في الصحافة المصرية من متابعة صحفية، ومجريات الحركة الرعوية التي قام بها البطرير الحويك في مصر.
وابتدأ العمل لنقف أمام محطات مُستنيرة من تاريخ هذه الابراشية العزيزة، وأمام رجالات روحيين ومدنيين عِظام سطّروا أيامها وسنيها. وقد تعاقب على رعاية وتدبير شؤون النيابة البطريركية، والتي من منتصف الأربعينيات ومع تزايد أبنائنا الموارنة وبسعي من المثلث الرحمة المطران العلّامة بطرس ديب، أصبحت أبرشية ذات كيان مستقل، أساقفة رُعاة أجلاء، حملوا المشعل واجتهدوا في خدمة التدبير والتعليم والتقديس.
نستند إلى المسيرة التي سطّر خطوطها المُكّرم البطريرك الحويك، لنوضح أن أساساتها بُنيت على صخرة إيمان البطاركة والأساقفة مع الكهنة والرهبان الذين توالوا على خدمة ورعاية الكنيسة المارونية والأبرشية المارونية في مصر.
وها نحن نضع بين أيديكم هذه الحقبة التاريخية في مسيرة ابرشية القاهرة المارونية لتكون شهادة حية لحضورنا وعلامة عن الرسالة التي نقوم بها في قلب الكنيسة المصرية الجامعة وفي قلب المجتمع المصري.
رعايانا هي شاهدة على ذلك، وأيضًا مؤسسّاتنا التربوية والإستشفائية والإجتماعية والجهود التي يبذلها كهنتنا وأباء الرهبنة المارونية المريمية كما ابنائنا الموارنة المنتشرين في مصر.
قدّرنا الله لنُتابع عملنا ورسالتنا ليستمر هذا التاريخ العريق فاعلًا ومضيئًا، وليبقى صورة حية للوجود الماروني في أرض الكنانة أرض مصر الحبيبة.
تحية لكل من عمل وساهم في بناء هذا التاريخ أحياء وأموات، وهنيئًا للإنسان الذي يعرف كيف يبني التاريخ ويكون جزءً منه.