وقف خطة تخفيف الأحمال.. كيف نتجنب العودة إلى انقطاع الكهرباء من جديد؟
تبدأ الحكومة فى وقف خطة تخفيف أحمال الكهرباء، اليوم، بعد نجاحها فى تدبير المواد البترولية اللازمة لمواجهة أزمة انقطاع التيار خلال فترة الصيف بسبب زيادة الاستهلاك، بتوجيهات مباشرة من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ولم يكن الوصول إلى هذه المرحلة ممكنًا دون جهود جبارة لأجهزة الدولة المعنية، وصرف ١.٢ مليار دولار للعبور من الأزمة خلال فترة الصيف فقط، مع وجود خطط طويلة الأمد لمنع عودة تخفيف الأحمال من جديد.
«الدستور» تحاول فى السطور التالية الإجابة عن سؤال: كيف نتجنب عودة تخفيف الأحمال مرة أخرى؟، من خلال الحديث مع مسئولين وخبراء، إلى جانب استعراض مجموعة من النصائح التى قدمها جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك للاستخدام الأمثل لبعض الأجهزة الكهربائية، من أجل ترشيد الاستهلاك.
وقف سرقات التيار والوصلات غير الشرعية.. واستمرار تركيب العدادات مسبقة الدفع
قال الدكتور أيمن حمزة، المتحدث الرسمى باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إن إجمالى ما تحملته الحكومة لتوفير المواد البترولية الإضافية اللازمة لعمل محطات إنتاج الكهرباء، وتحقيق وعدها بوقف تخفيف الأحمال، يصل إلى ١.٢ مليار دولار.
وأضاف «حمزة»، لــ«الدستور»: «المواد البترولية التى تم توفيرها هى كميات إضافية لتغطية ارتفاع الاستهلاك خلال فصل الصيف، وليست كل ما تحتاجه المحطات لإنتاج الكهرباء، التى يتم توريدها يوميًا، وهى بمئات الملايين من الدولارات».
ونبه متحدث «الكهرباء» إلى أن ارتفاع الاستهلاك يؤثر بشكل مباشر على شبكات التوزيع والنقل التى بادرت الوزارة إلى تطويرها، إلى جانب محطات الإنتاج، على مدار السنوات الماضية، لاستيعاب أى ارتفاع فى الاستهلاك.
فى السياق ذاته، قدّر مصدر فى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة الخسائر التى تسببها سرقات التيار الكهربائى، على مستوى الجمهورية، بأكثر من ٤٠ مليار جنيه سنويًا، مشيرًا إلى أن هذا الرقم يرتفع سنويًا.
وأضاف المصدر: «فى نطاق بعض الشركات، تجاوزت نسب الفقد التجارى ٤٥٪ بسبب السرقات، والتى تشمل تلاعب المشتركين فى العدادات، وتوصيل غير المشتركين الخدمة بشكل غير قانونى».
وأشار إلى عمل وزارة الكهرباء على وقف هذه السرقات بالعديد من الإجراءات والقرارات، من بينها تنظيم حملات توعوية لتوضيح تأثير السرقات على الشبكة، خاصة ما يتعلق بارتفاع الاستهلاك، وتأثيره على المواطن المشارك بشكل قانونى.
وشرح: «السرقة تتم من محول فى عمارة أو فى منزل محدد له قدرة معينة، وعند حدوث السرقة تزيد تلك الأحمال، ما يؤدى إلى حدوث أعطال وعدم استقرار فى الشبكة، علاوة على حدوث حرائق فى بعض الأحيان».
بالعودة إلى الدكتور أيمن حمزة قال إن وزارة الكهرباء تواجه هذه الظاهرة عبر عدة طرق، أبرزها التعاون مع شرطة الكهرباء، للمرور على المناطق المختلفة، سواء التى بها مشتركون أو غير مشتركين، فى ظل أن بعض المناطق عشوائية، ويلزم وجود أفراد من قوة الشرطة لإنفاذ القانون بها.
وأضاف «حمزة»: «يمر أعضاء الضبطية القضائية العاملون فى القطاعات التجارية لشركات التوزيع على مناطق متنوعة، وينجحون فى ضبط آلاف من وقائع السرقة سنويًا، إلى جانب تركيب الشركات العدادات الكودية مسبقة الدفع للمبانى المخالفة، بما لا يقنن المبنى، بل يحسب استهلاك الكهرباء بشكل دقيق».
وأكد متحدث «الكهرباء» الاهتمام بتركيب العدادات مسبقة الدفع، التى وصل عددها إلى ١٨ مليون عداد مسبق الدفع، خلال السنوات التسع الماضية، حتى منتصف العام الجارى ٢٠٢٤. وتلقت المنصة الإلكترونية الموحدة لخدمات الكهرباء ٤.١ مليون طلب لتركيب عدادات كودية مسبقة الدفع، وتم تركيب ٣.٥ مليون عداد منها بالفعل، وجار استكمال الدراسات الفنية لـ٦٠٠ ألف طلب، تجرى مراجعتها وإجراء المقايسات الفنية الخاصة بها حاليًا. ووصل عدد المشتركين فى شركات التوزيع التسع على مستوى الجمهورية وهى: جنوب القاهرة، شمال القاهرة، البحيرة، الإسكندرية، جنوب الدلتا، شمال الدلتا، مصر الوسطى، مصر العليا والقناة، إلى ٤٠ مليون مشترك.
توفير مخزون من الغاز لمواجهة أى اضطرابات.. واستبدال الأجهزة مرتفعة الاستهلاك
ذكر الدكتور حافظ سلماوى، الرئيس السابق لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، أن إجراءات الحكومة الأخيرة تأتى فى إطار ما يسمى «إدارة الأزمة»، لكى تحقق الاستقرار فى التغذية الكهربائية حتى انتهاء الصيف، الذى يرتفع فيه استهلاك الكهرباء نظرًا لارتفاع درجات الحرارة، مشيرًا إلى أنه مع دخول الشتاء تنخفض الأحمال ويُحل جزء كبير من الأزمة.
وأضاف «سلماوى»، فى تصريحات، لـ«الدستور»: «لا بد من تدعيم قرارات الحكومة بعدة إجراءات أخرى، خاصة مع اعتمادنا فى حل الأزمة على إمدادات وقود من الدول المجاورة، وبالتالى فإن حدوث أى اضطراب يمكن أن يؤثر على درجة الاستقرار فى التغذية الكهربائية».
وأوضح أن هذه الإجراءات المطلوبة تتنوع بين إجراءات عاجلة ومتوسطة وطويلة الأجل، بداية من التفاوض مع الشركاء الأجانب فى قطاع البترول لـ«جدولة» المديونيات المتراكمة، ورفع إنتاج الحقول القائمة.
وأضاف: «لا بد كذلك من توفير مخزون استراتيجى للغاز الطبيعى على وجه السرعة، بحيث يكون لدينا مخزون غاز يسمح بمواجهة أى اضطراب فى الإمدادات خلال الفترة المقبلة، خاصة أن سعر الغاز متغير بصفة مستمرة».
وواصل: «سعر الغاز يرتفع بشكل كبير فى الفترة التى تسبق الشتاء، ثم ينخفض جدًا فى نهاية فترة الشتاء، بينما يكون شبه مستقر فى باقى العام، لذا من المهم وجود مخزون استراتيجى يسمح لنا بشراء الغاز فى الفترات التى ينخفض فيها السعر، لمواجهة الاضطرابات الطارئة الوارد حدوثها».
وفيما يتعلق بخطوات المدى الطويل، قال مسئول «الكهرباء» السابق: «لا بد أن تتضمن تكثيف خطط زيادة نسبة مساهمة الطاقات الجديدة والمتجددة، إلى جانب ترشيد الطاقة بشكل مستمر، وليس فى وقت الأزمات فقط، ويعتمد هذا على تغيير سلوك المشتركين، ما يتطلب وقتًا طويلًا مدعومًا بمبادرات وحملات توعية».
وأضاف: «ثانى خطوات الترشيد هى الاستثمار فى ترشيد الطاقة، لأن الطاقة لن تُرَشد دون الاستثمار فى مشروعات ترشيدها، مثل منح حوافز تشجيعية أو قروض ميسرة لاستبدال الأجهزة منخفضة الكفاءة الموجودة لدى المستهلكين، مثل الثلاجات والتكييفات القديمة، بجانب نشر نظم الطاقة الشمسية أعلى المبانى السكنية والصناعية».
وواصل: «لا بد أيضًا من مواجهة السرقات فى التيار، وتقليل الفقد الذى بلغ متوسطه بين ١٠٪ و١٥٪، وهى نسبة كبيرة، ولا بد أن تصاحبها خطة لتغيير العدادات القديمة التى انتهى عمرها الافتراضى، التى تسهم بنسبة من ١٪ إلى ١.٥٪ من نسبة الفقد، بسبب أخطاء فى حساب الاستهلاك».