رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدرع السيبرانية.. أسرار نجاة مصر من «شاشات الموت الزرقاء»

جريدة الدستور

العالم هش للغاية، فخلال لحظات قليلة، صباح أمس، انهارت جميع الأنظمة الإلكترونية والرقمية فى الولايات المتحدة والعديد من دول أوروبا، إلى جانب بلدان فى قارة آسيا، بفعل عطل تقنى ناتج عن تحديثات كانت تجريها إحدى الشركات الإلكترونية العالمية.

ورغم التأثيرات الكاسحة التى شلت جميع مناحى الحياة فى الغرب، مثل حركة الطيران والقطارات والبنوك والبورصات والخدمات الصحية والإدارية وغير ذلك، فقد وقفت مصر صامدة أمام ذلك العطل التقنى العالمى، فلم تتأثر أنظمتها الإلكترونية بأى شكل، ولم تتعرض لأى أضرار أو تأثيرات كالتى أصابت الدول الكبرى فى أوروبا. 

إذن: ما الذى فعلته الدولة خلال السنوات الماضية من أجل امتلاك نظام سيبرانى بهذه القوة والحماية؟.. هذا ما يجيب عنه عدد من الخبراء لـ«الدستور» فى السطور التالية. 

 

شاكر الجمل: نظامنا الرقمى قوى ولم يتعرض إلى أعطال مشابهة 

كشف المهندس شاكر محمد الجمل، الخبير فى أمن المعلومات، عن أن شركة «كراود سترايك» العالمية ومقرها فى الولايات المتحدة، المسئولة عن الأمن السيبرانى فى عدد من دول العالم كانت تجرى بعض أعمال التطوير والإعدادات فى الأنظمة لديها، وتسبب ذلك فى حدوث عطل تقنى عالمى، ضرب جميع الشركات والبورصات الأجنبية، فضلًا عن البنوك وغيرها من المصالح.

وأضاف «الجمل» أن مصر لم تتأثر بأى شكل بهذا العطل، نظرًا لاستخدامها برامج تقنية أخرى غير البرامج التى تستخدمها شركة «كراود سترايك»، التى تسببت فى العطل العالمى، إلى جانب بدء الدولة، قبل سنوات قليلة، فى «رقمنة» جميع الخدمات والمصالح الحكومية بأفضل وأحدث الوسائل التكنولوجية الممكنة، وظهر هذا جليًا فى تحويل جميع الخدمات إلى الأنظمة الرقمية، وفى ظل ذلك لم تتعرض تلك الخدمات أو الأنظمة لأى عطل مشابه لما حدث فى الساعات الماضية فى أوروبا.

وأرجع عدم حدوث أى اختراق للأمن السيبرانى، أو تعرض أنظمتنا لأعطال فنية، إلى قوة وتحكم النظام الرقمى فى مصر، خاصة مع عمل مركز دعم المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء على التصدى لأى هجمات من الممكن أن تحدث أو تضرب نظم التحكم و«الرقمنة» فى المصالح والخدمات.

وعن كيفية تجنب الهجمات السيبرانية، نصح خبير أمن المعلومات المواطنين بالحفاظ على كلمات المرور الخاصة بالحسابات والبنوك والمحافظ المالية، وعدم توحيد كلمات المرور على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، وعدم تداولها والحفاظ على سريتها، من أجل تجنب أى اختراق أو هجمات من الممكن أن تتسبب فى مشكلات أو خسائر مادية ونفسية وجرائم ابتزاز.

محمود فرج:  الحكومة أسست نظامًا تقنيًا محترفًا يصعب اختراقه أو تعرضه لأى مشكلات

قال محمود فرج، خبير آمن المعلومات، إن العطل التقنى العالمى، الذى وقع خلال الساعات الماضية، سببه خلل فى أحد أنظمة شركة «كراود سترايك»، التى تعد واحدة من شركات الأمن السيبرانى المعروفة، وتستخدم برامجها بشكل واسع على أنظمة «ويندوز». وأضاف أن بعض الشركات والخدمات العالمية توقفت عن العمل نتيجة العطل أو التحديث الفنى، وأبرزها قناة «سكاى نيوز» البريطانية، وجميع مطارات إسبانيا وألمانيا، وكذلك مطار إدنبرة فى إسكتلندا، ومطارى سخيبول وأمستردام فى هولندا، إلى جانب عدة مطارات أمريكية، حيث ظهرت «شاشة الموت الزرقاء» على أنظمة «ويندز» فى كل تلك الأماكن. وواصل: «الخسائر المالية لم يتم حصرها حتى الآن، لكن بورصة لندن على سبيل المثال أعلنت عن تأثر خدماتها بسبب ما حدث. كما أعلنت شركة القطارات البريطانية عن خسائر فادحة بسبب الأعطال فى أنظمتها، وكذلك بنوك عالمية، وهيئة الإذاعة الأسترالية».

وأكد أن مصر لم تتأثر بهذا العطل التقنى العالمى لعدم تعاقدها مع نظام «كراود سترايك»، فى حين تأثرت دول كبرى وتعطلت الأنظمة فيها بشكل تسبب فى خسائر فادحة، مشيرًا إلى أن العطل جاء نتيجة تحديث تم إرساله إلى البرنامج، وأدى إلى أعطال ضخمة ضربت الأنظمة التقنية حول العالم. ونوه إلى جهود مصر خلال الفترة الماضية فى التحول الرقمى، الذى يعد ثورة تكنولوجية حقيقية تستحق الإشادة، قائلًا: «جرى رقمنة جميع الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية والخاصة بشكل تقنى محترف يصعب اختراقه، أو وقوع أى مشاكل أو أعطال به».

هشام الناطور:نحن فى مأمن من الهجمات بفضل التطوير المستمر للأنظمة 

أكد هشام الناطور، خبير التطوير التكنولوجى، أن العطل الذى حدث فى شركة «مايكروسوفت» أثر على جميع الخوادم التى تعمل بهذا النظام، مبينًا أن هذا العطل لا يعد اختراقًا، لأن العديد من شركات الطيران وغيرها من الخدمات توقفت فقط، لكن ما حدث هو خلل تقنى وفنى أثر على عمل الأنظمة التكنولوجية نفسها.

وأضاف «الناطور» أن العطل تسبب فى خسائر سياسية واقتصادية، متابعًا: «ما حدث أصاب كبرى الشركات وأثر عليها. مثلًا توقف العمل فى شركات الطيران والمطارات ما أربك رحلات السياحة. كذلك أثر على البورصات والبنوك والأعمال التجارية».

وأشار إلى أن مثل هذه الأعطال ستؤثر على شركة «مايكروسوفت»، وستتسبب فى تراجع أسهمها لدى المستخدمين، نتيجة الخسائر التى تعرضوا لها، بعدما تسبب العطل فى توقف التشغيل المركزى للخدمات العالمية.

ونبه إلى أن شركة «كراود سترايك» المتهمة بالتسبب فى الواقعة أرسلت رسالة دعم إلى عملائها قائلة: «لدينا تقارير موسعة بشأن انتشار مشكلة توقف الحاسوب BSOD فى أجهزة الكمبيوتر التى تعمل بنظام التشغيل Windows، والتى تحدث فى العديد من إصدارات أجهزة الاستشعار».

وأضافت الشركة أنها «تعمل بنشاط مع العملاء المتأثرين بالخلل الموجود، بسبب تحديث محتوى واحد لمضيفى ويندوز. بينما لم يتأثر مضيفو أجهزة ماك ولينكس».

وأتم بأن مصر كانت فى مأمن من هذه الأعطال والهجمات السيبرانية نتيجة للتطويرات الدائمة التى تعمل عليها الدولة فى الأنظمة التكنولوجية الخاصة بالأمن السيبرانى المصرى.