رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقيقة العلمين ومهرجانها!


في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، ابُتلينا بحقول ألغام ممتدة لمئات الكيلو مترات بطول سواحلنا الشمالية لحوالي 500 كيلو، تضم أجمل شواطئ الدنيا برمالها الحرير ومياهها الفيروز، وجوها الربيعي طول السنة، هذه المساحات كان يجب أن تكون كنزا لا يتوقف عند الشواطئ والمصايف، بل إنه كنز حقيقي إذا استغلت مساحاته الشاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة والاستثمار وإقامة المجتمعات للملايين من أبناء مصر.
لأن الألغام سلاح أعمى، لا يعرف ولا يحدد ضحيته، وليس له زمن لتفجيره، فمعظم ضحاياه من الأبرياء والمدنيين، وتصيب الألغام من ليس لهم علاقة بالحرب التي زرعت من أجلها.
وهذا سر تجريم استخدامها دوليا، وأبرمت من أجلها اتفاقية حظر انتشار الألغام، وبالفعل تراجع مؤخرا الاعتماد على الألغام فى حماية الحدود بعد التطور الهائل في طرق المراقبة والرصد التي تؤدى دورها دون إصابة الأبرياء.
وتحتم الاتفاقات الدولية والأخلاق عموما على من يزرع الألغام أن يساهم في إزالتها وتعويض ضحاياها، لكن معنا حدث العكس فقد تركتنا الدول الأوروبية التي زرعتها في أراضينا نعاني من حقول الألغام التى قدرت أرقامها بنحو 17 مليون لغم وفي إحصاءات أحرى قدرت بـ 30 مليون لغم هى نتاج الحرب العالمية الثانية التي لم نكن طرفا فيها ولا مصلحة لنا فيها.
عطلتنا الألغام لأكثر من 80 عامًا، لم نجن خلالها إلا وقوع مئات الضحايا بين قتيل وعاجز ومصاب، ورفض جنرالات الحرب مساعدتنا في تطهير أراضينا لتكلفتها العالية، ورفض بعض المجرمين إمدادنا بخرائط زراعتها، وحتى لو أمدونا بالخرائط بعد مرور عشرات السنين على زراعتها كان من المستحيل تحديد أماكنها لأنها زرعت في بحور من الرمال المتحركة التي لا تنفع معها حتى  الخرائط.
المقدمة السابقة كان لابد منها لنعرف حجم الإنجاز الذي تحقق على أرض العلمين بقرار من قائد مسيرة التنمية الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي قرر تحويل كابوس الألغام في الصحراء الغربية والساحل الشمالي إلى حلم واقع يتحقق بالتنمية المستدامة، 
قد نكون لا نعرف عنه إلا مهرجان العلمين الذي يعد حدثًا سنويًا هو الأهم في منطقة حوض البحر المتوسط.
مهرجان العلمين وبرغم نجاحه للعام الثاني على التوالي ودوره في لفت الأنظار له بمجهود وفكر رجال الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، لكنه ليس كل شيء وهو أيضا ليس مهرجانا فنيا فقط، فمع الوقت نكتشف أن العلمين أصبح مصيفا لجموع المصريين بمختلف فئاتهم وهو أيضا ملتقى لضيوف مصر من السياح العرب والأجانب، وهو أيضا ملتقى ثقافي واسع تشارك فيه هيئة قصور الثقافة بـ 17 فرقة فنية تقدم باقة متميزة من العروض الفنية التي تعكس التراث المصري الأصيل تتنوع ما بين فرق الفنون الشعبية، والإيقاعات الشرقية والموسيقى والغناء الشعبي وهو ما يضمن حضور ومشاركة كبيرة لأبناء الاقاليم بفنهم وثقافتهم التي هي جزء أصيل من ثقافة المصرية وتمثل جزءا من فن وثقافة دول البحر المتوسط، ونجحنا في نقلها من خلال العروض  العالمية لفرق التنورة والإيقاعات الشرقية للعالم أجمع. ومهرجان العلمين أصبح ملتقى للأسرة المصرية يشمل ألعابا رياضية وملاهي ومسابقات وعروض مسرحية وأنشطة ترفيهية متنوعة، وهو أيضا ملتقى للنجوم المصريين والعرب، وهو أول مهرجان داعم للقضية الفلسطينية يربط بين الفن وخدمة القضايا الوطنية بعد تخصيص 60 % من أرباحه لأهلنا في قطاع غزة.
كل هذا يتزامن مع الخطة التي تنفذها الدولة لترسيم الحدود المستقبلية لمحافظات الجمهورية وما يحمله من توفير فرص تنموية واستثمارية وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة تستوعب الزيادة السكانية المتوقعة خلال العقود القادمة والتي تقدر بنحو 34 مليون نسمة  و11 مليون فرصة عمل مستهدفة ضمن خطة الدولة حتى عام 2052. وهنا نكتشف أن العلمين ليس مجرد مهرجان، بل هو مشروع ضخم لمستقبل وطن عزيز وغال.