بوادر الخير
من الطبيعى أنه لا يجوز تقييم أداء الحكومة الجديدة إلا بعد مرور فترة معينة، قدرها البعض بثلاثة أشهر على الأقل، وهو الأمر الذى يجعلنا فى حالة انتظار وترقب وأيضًا متابعة.. ومع ذلك فإن هناك حالة من التفاؤل تسود الشارع المصرى حاليًا على أمل أن يكون أداء تلك الحكومة أفضل من سابقتها وذلك من منطلق أنها شهدت تغييرًا كبيرًا بين الوزراء والمحافظين بل هو الأكبر فى تاريخنا المعاصر بهدف الانطلاق نحو المستقبل بخطى متسارعة بهدف رفع المعاناة عن الشعب والحفاظ على الأمن القومى للبلاد.
كان مصدر التفاؤل المبدئى هو بيان الحكومة بمحاوره الأربعة الذى يمثل عقدًا اجتماعيًا بين المواطن وحكومته الذى على أساسه سوف تتم المحاسبة المستقبلية من هذا المواطن الذى يتمنى أن تحقق له الحكومة الجزء الأهم من متطلبات حياته وهو الصحة والتعليم وتأمين حاجته للغذاء بأسعار فى حدود إمكانياته.. وفى هذا الإطار جاء بيان الحكومة ليؤكد على الاهتمام بتلك المتطلبات على الرغم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية وهو ما تعهد به رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى فى عرضه لبرنامج الحكومة الطموح الذى يحمل خارطة طريق شملت رؤيتها فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية، حيث أكد أن التغيير لم يكن فقط ليشمل اختيار مجموعة جديدة من الوزراء فقط بل أن الهدف منه تغيير السياسات التى سوف تتحرك فى إطارها الوزارات المختلفة بالشكل الذى يحقق آمال وطموحات المواطن المصرى وذلك فى محاولة جادة لاستعادة وتعزيز الثقة بين الحكومة والشعب وهو أمر بالغ الأهمية،حيث تراجعت تلك الثقة بالفعل نتيجة نجاح شبكات التواصل الاجتماعى والإعلام المضاد فى تصدير الشكوك فيما يصدر عن الحكومة من بيانات ووعود..ولعل اللقاءات الصحفية الأخيرة التى تحدث فيها رئيس الوزراء كانت سببًا مباشرًا فى شعور المواطن المصرى بقدر كبير من التفاؤل، خاصة أن ما جاء فيها يمس بالفعل جوانب كثيرة يعانى منها الشعب حاليًا مثل أزمة انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار ودعم الفئات الأكثر احتياجًا وتوفير السلع ووقف التضخم وغيرها من الأمور المهمة التى تلمس حياتنا جميعًا.
ومن أسباب تفاؤلى أيضًا تلك اللجان النوعية التى تم تشكيلها من بين أعضاء مجلس النواب لمناقشة الوزراء فى المحاور التى تضمنها بيان الحكومة، حيث يتم عرضها فى حوار مفتوح يتم فيه عرض الآليات التى سوف يتخذها كل وزير لتنفيذ العهد الذى جاء فى برنامج الحكومة الذى شمل جميع الوزراء دون استثناء، وهو إجراء لم يسبق اتباعه، حيث كان يتم عرض البرنامج على النواب فى جلسة عامة وتؤخذ الأصوات فى تلك الجلسة وتتم الموافقة عليه بالإجماع تقريبًا..أما اليوم فإن كل وزير مسئول أمام نواب الشعب فى شرح رؤيته فى إدارة وزارته بالشكل الذى يحقق مطالب الرأى العام.. وقد رأينا وسمعنا العديد من الوزراء يتعهدون بالالتزام بحل العديد من القضايا العالقة التى سبق إثارتها أكثر من مرة ولم تلق استجابة أو اهتمامًا مثل قضية المصانع المتوقفة على سبيل المثال، وهنا تم الإعلان على أن هناك تحركًا فوريًا لإزالة أسباب التوقف مع طرح حوار مجتمعى مع أصحاب تلك المصانع والعمل على إعادة تشغيلها بالإضافة إلى تعزيز فرص مشاركة القطاع الخاص وذلك لخلق فرص عمل للشباب مع تدعيم الهيئات الاقتصادية المعنية لتعزيز المنافسة العادلة فى الأسواق.. كانت لقاءات النواب بالوزراء تتسم بالديمقراطية والشفافية والمكاشفة والمصارحة فى جميع الملفات التى تمت مناقشتها، وهو الأمر الذى أضفى قدرًا كبيرًا من التفاؤل من أعضاء مجلس النواب وخلق جسور اتصال بين الحكومة ونواب الشعب، وأتمنى أن تمتد تلك الجسور لتشمل الشعب نفسه من خلال النظر فى شكواه والاهتمام بها والتعامل معها بجدية والتزام.
بطبيعة الحال فإننا لن نتوقف أمام التزام كل وزارة بما جاء فى بيان الحكومة إلا أن هناك توجهًا جماعيًا من الوزراء الجدد بالالتزام بما جاء فيه، وأيضًا توجهًا مقابلًا من أعضاء مجلس النواب بتفعيل دورهم الرقابى على هذا الأداء والتعامل المباشر بينهم لتحقيق مصلحة الشعب الذى ينتظر أن تنحاز الحكومة إليه خلال الفترة المقبلة بعدما تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى والأزمات المتتالية بل إنه على استعداد أن يتحمل جزءًا من المعاناة بشرط أن تقوم الحكومة بالشرح والتوضيح بصدق وشفافية فى إطار استعادة الثقة مع الحكومة والتأكيد أن الحكومة دائمًا تنحاز للمواطن فيما تتخذه من إجراءات يكون هدفها الصالح العام وتعمل لتنفيذ ما تعهدت به من وعود وقيامها بمساءلة أى شخص مهما كانت درجته الوظيفية تسبب فى تعطيل تنفيذ ما تعهد به من إنجاز أو تغيير أو تطوير لمنظومة معينة هو المسئول عنها.
فى تقديرى أن بيان الحكومة وهذا الحراك الذى يقوم به الوزراء والمحافظون حاليًا يشير إلى إننا أمام مرحلة جديدة تتشارك فيها الدولة والشعب واضعين أمامهما رفعة الوطن وصالح المواطن كأولوية وأن هناك عزمًا على تخفيف المعاناة عن المواطن فى حياته اليومية بما يشير إلى أننا أمام مقدمات تبشر بنتائج إيجابية وأن هناك تقديرًا من الوزراء الجدد بالمسئوليات الملقاة على عاتقهم وبتطلعات الشعب إليهم وأن المطلوب منهم بذل الجهد والعطاء كما أن المطلوب من المواطن قليل من الصبر والثقة حتى يستطيع كل مسئول أن يحقق المطلوب منه..أتمنى أن نكون إزاء خطوات تصحيحية واسعة يقودها الشعب مع حكومته لتحقيق أمن وأمان ورفاهية واستقرار الوطن والمواطن.