رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عصام الزهيري: معركة نصر حامد لم تكن في مواجهة الدين

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

تحدث الكاتب عصام الزهيري، خلال ندوة نصر حامد، بمكتبة مصر الجديدة العامة، عن سبب اختياره لعنوان الندوة ليكون "حاجتنا إلى نصر حامد أبو زيد" مردًا أنه أراد إبراز قيمة وحجم دكتور نصر حامد أبوزيد كمفكر وباحث علمي نابغ في مجال علوم الدين التي ظلت لفترة طويلة.

وأكد أنه ربما منذ نهاية القرن التاسع عشر زمن الإمام محمد عبده، تستعصي على محاولات الدراسة عبر تطبيق منهجيات العلوم الإنسانية الحديثة، وتجابه كل محاولة لدراستها في ضوء التطور المنهجي والعلمي والمعرفي بمقاومة شرسة وتكفيرية وعنيفة من حراس الجمود والإيديولوجية الدينية.

معركة نصر حامد أبو زيد لم تكن في مواجهة الدين

وتابع “الزهيري”: "معركة نصر أبوزيد الحقيقية لم تكن في مواجهة الدين كما حاول خصومه المدلسون أن يصوروا، بل كان حريصا على إثبات أن دراسة النصوص المقدسة دراسة علمية منهجية لا يأتي على حساب الإيمان بمصدرها الإلهي المقدس، وكان حريصا حرصا دالا على التفرقة بين الإيمان بالمصدر الإلهي للوحي المفارق بقداسته للمكان والزمان وبين الفهم البشري الملتبس بسياقات الواقع الاجتماعي والسياسي والمنغمس كذلك في شئونه وانحيازاته وصراعاته.


واستدرك “الزهيري”: لكن معركة نصر الأساسية كانت في مواجهة التفسير الايديولوجي - الذي يمكن وصفه بأنه لا علمي ولا معرفي - لنصوص القرآن والسنة، وفي مواجهة إسباغ قداسة الخطاب القرآني على الفهم البشري له. وهو الحقل الذي عكف المفكر الباحث على دراسته وتطوير فرضياته في اطاره، منذ كتابه "مفهوم النص" الذي يقدم أعمق قراءة تجديدية في علوم القرآن في القرن العشرين بعد قرون من الجمود والركود، ومرورا بكتبه عن "الإمام الشافعي وتأسيس الإيديولوجية الوسطية" الذي كشف فيه عن عوامل الصراع الفكري والقومي والاجتماعي التي تحكمت في صياغة الإيديولوجية الوسطية عند الإمام الشافعي وتطورت فيما بعد على يد الإمام الأشعري في مجال العقائد والإمام الغزالي في مجال الفلسفة والتصوف، وتم اسباغ القداسة على كثير من مقولاتها الإيديولوجية بعد أن انفردت بساحة الفكر والعقل الإسلامي كما لو أنها هي الممثل التاريخي الأوحد للإسلام أو أنها هي والقرآن الكريم “النص المقدس” سواء بسواء، وليست مجرد فهم اجتهادي بشري له.

نتاجان نصر حامد أبو زيد 

وتابع “الزهيري”: وتوالت نتاجات أبوزيد الفكرية العظيمة رغم العاصفة التكفيرية الشرسة التي تعرض لها خلال قضية الحكم بردته ومحاولة التفريق بينه وبين زوجته د. ابتهال يونس، ولم تكن في حقيقتها غير محاولة ظلامية لتدمير فكر نصر بقيمه العلمية المعرفية التجديدية بل ومحاولة لتدميره هو شخصيا. 

وكان حاضرا فيها الإنحياز الإيديولوجي الذي طالما ألقى نصر الضوء على خطورته في أبحاثه، فلم يكن د. عبدالصبور شاهين غير مستشار لشركات توظيف الاموال التي شن عليها نصر هجوما قويا في الصحف واتهمها باستغلال الإسلام للنصب على البسطاء وسرقة أموالهم، كما استنكر أن يضع أستاذ جامعي أكاديمي نفسه في خدمة تلك الشركات، ولم يضع شاهين فرصة الانتقام من نصر وهو يكتب تقييمه الإيديولوجي لنتاج نصر العلمي الذي تقدم به للترقية.

واختتم “الزهيري”: استمر نصر حامد فيما بعد خروجه من مصر وذهابه إلى منفاه بهولندا نتاجات فكرية هامة وقيمة كان منها كتب "النص والسلطة والحقيقة" الذي أصدره في قلب العاصفة، ومن بعده كتب "التفكير في زمن التكفير.. ضد الجهل والزيف والخرافة"، و"إشكاليات القراءة وآليات التاويل" و"دوائر الخوف" الذي يعد من أهم واعمق الكتابات التحليلية التي تناولت قضية المرأة.