تدخل حاسم من وزير البترول قبل مؤتمر التعدين
تحتضن أرض مصر كنوزًا غنية من المعادن الثمينة التي تتطلب خبرات استثنائية لاستخلاصها واستغلالها بما يناسب قيمتها العظيمة. ومع اقتراب انعقاد مؤتمر مصر للتعدين في السادس عشر من يوليو الجاري، تتجه الأنظار إلى ضرورة اتخاذ إجراءات محورية وحاسمة لتحديث هذا القطاع الحيوي وفقًا لأعلى المعايير العالمية وأفضل السياسات المستدامة.
أولى هذه الخطوات الملحة تتمثل في مراجعة وتحديد المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر. السؤال المهم هنا: من يقرر هوية هؤلاء المتحدثين وعلى أي أساس يتم اختيارهم؟ من الضروري أن يتم تفويض هذه المهمة للمتخصصين في هيئة الثروة المعدنية وليس للأفراد ذوي الخلفيات القانونية أو الإدارية الذين قد لا يملكون الخبرة الكافية بخصوصيات هذا القطاع الحيوي. هذا التوجه سيضمن تحقيق التعاون الفعال والمنظم الذي يعكس مكانة مصر التعدينية على الساحة العالمية.
كما تتطلب هذه الخطوة مراجعة دقيقة وشاملة لآليات اختيار المتحدثين في المؤتمر، مع التركيز على ضرورة الاعتماد على خبراء حقيقيين في علوم الجيولوجيا والتعدين ذوي خلفيات أكاديمية وعملية. بالإضافة إلى ذلك، يجب إتاحة الفرصة للشركات الخاصة والعالمية العاملة في مجال التعدين لعرض رؤيتهم في تطوير منظومة التعدين في مصر من خلال الخبرات العالمية والعملية. هذا بدلًا من الاعتماد على الوجوه التقليدية التي قد تفتقر إلى النظرة الابتكارية اللازمة لتحقيق تغيير حقيقي.
إن دور هيئة الثروة المعدنية يجب أن يتعزز في هذا الإطار لتقود بثبات تنظيم هذه الفعاليات بالتعاون الوثيق مع الشركات المتخصصة، وليس مجرد التعاون مع الأقسام القانونية أو المكاتب الفنية التي قد تكون أبعد ما تكون عن التفاصيل الدقيقة والعميقة للتعدين.
وتتجلى التحديات التي يواجهها الوزير الجديد للبترول، كريم بدوي، في ضرورة إزالة الستار عن نهج جديد يتماشى مع الأفكار المعاصرة والرؤى المستقبلية. وهو نهج يتعارض مع الممارسات القديمة التي كانت تحكم القطاع بعقلية بيروقراطية محدودة الأفق. هذه الممارسات القديمة، التي كانت تدور في فلك القوانين والإدارة دون أي رابط حقيقي بالخبرة العملية الضرورية لتعدين مثمر ومستدام، قد أسهمت في رسم صورة قاتمة قد تؤدي إلى تراجع الاستثمار الأجنبي والمحلي في هذا القطاع الواعد.
من الضروري الآن أكثر من أي وقت مضى أن يدرك وزير البترول الجديد الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه هيئة الثروة المعدنية إذا مُنحت الفرصة لتسليط الضوء على الكفاءات العلمية والجيولوجية القائمة ضمن صفوفها. هذه الكفاءات، إذا ما استُخدمت بشكل صحيح، قادرة على تحويل القطاع بأكمله نحو مستقبل مزدهر يجذب الاستثمارات الكبرى ويحقق التنمية المستدامة التي تحتاجها مصر.
الوزير الجديد للبترول، كريم بدوي، يمتلك رؤية وفكرًا أكثر تطورا من سابقيه، ومع تحديات الانتقال في القيادة والتحكم، تظل هناك حاجة ماسة لتجديد النهج الإداري والتقني للقطاع، وذلك بدمج أصحاب الخبرات الجيولوجية والعلمية من أبناء قطاع التعدين ذاته. هؤلاء الأفراد هم الأقدر على توجيه القطاع نحو تحقيق التنمية الشاملة وجذب الاستثمارات العالمية.
كما يجب على الحكومة المصرية أن تتخذ خطوات سريعة وحاسمة لتحسين وتطوير قطاع التعدين. فمع الدعم الكامل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، يمكن لهذا القطاع أن ينعم ببيئة محفزة للنمو والابتكار، مما سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ويعزز من مكانة مصر كلاعب رئيسي في سوق التعدين العالمي.