كتاب "سرديات الحروب والنزاعات".. أدب الحرب في العالم العربي
صدر كتاب "سرديات الحروب والنزاعات.. تحولات الرؤية والتقنية" للدكتورة أماني فؤاد، عن الدار المصرية اللبنانية.
الكتاب صدر في 279 من القطع الكبير ويحتوي على خمسة فصول أساسية هي "أدب الحرب مفهومه وخصائصه، اللابطل في روايات أدب الحرب، الراوي وبنية النص، سرديات الحروب وواقعية الفن، سرديات الحروب والتقنيات الفنية".
عن كتاب سرديات الحروب والنزاعات
الكتاب يعتبر حاوية حقيقية لكل ما يتعلق بأدب الحرب من ناحية الخصائص والأسلوب ومن ناحية البنية المعرفية لما طرح في هذا الصدد من قبل، وتوضح الدكتورة أماني فؤاد ان أدب الحرب من أقدم النوعيات التي التفت إليها الأدباء حتى في مهد الادب مثل إلياذة هوميروس وإلياذة فيرجيل، ومرورا بكل ما كتب في الرواية منذ روايات تحت النار لهنري باربوس وعاصفة الصلب لإرنست جونجر، وعودة الجندي لريبيكا ويست، والجنود الثلاثة لجون دوس باسوس، والحرب الأهلية لمايكل شارا، ود زيفاجو لبوريس باسترناك، ورواتب الجنود لويليم فوكنر".
رواية الحرب
وعرفت رواية الحرب قديما بسبب محاولة التعبير عن هذه الحروب المأساوية فالكثير من الأعمال الأدبية أرخت للحربين العالميتين والحرب الباردة وفيتنام والعراق وغيرها، وكما ان هناك العديد من الحروب بين الدول فبالتأكيد هناك الكثير من الحروب بين أبناء الدولة الواحدة وهو الذي يقف فيه الجندي في وجه أخيه وكليهما يحمل قناعة معينة تجعله يقف أمام شقيقه مصوبا إليه بندقيته.
وأوردت المؤلفة 73 مرجعًا للاستشهاد بهم في الكتاب، كما أوردت 52 رواية عربية " تحريت في هذه الدراسة أن أتقصى الكثير من سرديات الحروب التي زادت عن خمسين نصا روائيا تحليلا ونقدا للمنتج الروائي العربي في تنوعه الجغرافي والثقافي والاجتماعي في الأقطار العربية المختلفة " مصر، سوريا، العراق، فلسطين، الأردن، لبنان، تونس، الجزائر، المغرب، دول الخليج العرب".
ومن هنا يتضح كم الجهد في محاولة استخلاص بنية معرفية ونتائج لما كتب في الفترة الحديثة عن الحروب وتأثيرها على الشعوب وتعبير الكتاب في أعمالهم عن هذه الحروب وكيف يرونها وكم المآسي التي حملتها الأعمال الأدبية.
وتتعرض المؤلفة لتعريفات أدب الحرب والتي لا تحيط بأدب الحرب بشكل أشمل، كما تفصل اقتران أدب الحرب بمفهوم الثورة، فالكثير من الثورات ما تشكل ساحة للنزاع المسلح والنزاعات المذهبية والطائفية أو الصراعات السياسية على السلطة وغيرها.
كما أن هروب الأفراد ورؤيتهم لبلدانهم ورؤيتهم لأنفسهم أنه لا مكان لهم كان سببا في انتشار نوع أدبي هو أدب الدستوبيا، او أدب المدينة الجحيمية أو عالم الواقع المرير، وكيف تشكل أدب الدستوبيا من مشكلات سياسية وبيئية واقتصادية وهي قضايا موجودة في العالم الواقعي وكيف خرج هذا النوع من رحم الخيال العلمي وكيف ساهمت عوامل عديدة في ظهوره مثل الانتفاضات والثورات الشعبية والحروب في العالم العربي.
وتتعرض المؤلفة لعالم الرواية وتعريفاته من ميلان كونديرا لهوسرل وهايدجر وتخلص على أن الرواية هي نص الحياة وفي سرديتها تنصهر كل العلاقات التي تعني البشر وتشكل حياتهم.
كما تجيب عن سؤال لماذا تعد الرواية أفضل الاشكال الأدبية التي تتجسد فيها الحروب، والسبب أن الرواية هي أكثر الأنواع الأدبية التي رصدت التحولات والأوضاع المعاصرة وجسدتها فنيا فمن شان الرواية ان تستوعب تداخل المواقف وتشابكها.
البطل في سرديات الحروب والنزاعات
وتتطرق المؤلفة لمناقشة البطل في سرديات الحروب والنزاعات، وكيف تغير البطل في السرديات نتيجة للكثير من العوامل لتي حدثت في الواقع، ومنها ما يعود للحروب والنزاعات الأخيرة ولأسباب أخرى سادت العالم، نظريات فلسفية، وتيارات فكرية برزت منذ منتصف القرن الماضي.
يظهر البطل تائهًا وضائعًا في البلدان يفقد الأمل، ولا يطمح لمستقبل، وتتبدد في ذهنه المعاني والقيم، ويشعر بهشاشة وجوده في هذا العالم، وتدلل المؤلفة بعدد من الروايات والتعريفات لهذا البطل من خلال روايات عربية وغيرها.
تناقش الدكتورة أماني فؤاد في الفصول التالية من الرواية وظيفة الراوي وتحولات موقع الراوي، والسرد والراوي العليم، ورواية الحرب والعودة إلى الواقعية، والرؤية في رواية الحرب، والزمان والمكان في سرديات الحروب، واللغة والمشهد في سرديات الحروب، وأخيرًا تخلص المؤلفة على نتائج منها ان المنطقة العربية تمر منذ أكثر من عقد بإعادة تقييم، وأنه في الفترة الأخيرة تعد النصوص التي تعالج تجربة الثورات والحروب هي الأكثر حضورًا في السرديات، وأن الضياع الناتج عن الحروب أحد أهم أسباب أدب الدستوبيا وغيرها من النتائج.
في الأخير، فإن سرديات الحروب والنزاعات عبارة عن ثمرة جهد كبير قدمته الدكتورة أماني فؤاد للمكتبة العربية عن أدب الحرب بكل اشكاله وحضوره في الأدب العربي، ويعد أحد أهم وأشمل الكتب التي تناولت هذا الموضوع من كافة الزوايا.
