رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دور وزارة التضامن الاجتماعى فى الحماية الاجتماعية

يؤكد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وتؤكد جميع الاتفاقيات الدولية الصادرة من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، كمنظمة العمل الدولية، والاتفاقيات الخاصة بمناهضة العنف ضد المرأة، والمعاهدات الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وغيرها من اتفاقيات ومواثيق صدَّقت عليها الدول- تؤكد على المساواة والمواطنة وعدم التمييز على أساس النوع "ذكر وأنثى"، وتؤكد على حق الإنسان فى المعيشة الكريمة وفى الصحة والتعليم والمياه النظيفة والعمل والسكن، كما تنص على حق كل فئات المجتمع فى حرية تكوين المنظمات النقابية للدفاع عن حقوقها وتحسين أحوالها.
وينص دستورنا المصرى 2014، الذى تم وضعه بعد ثورتى 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013، على حقوق الفلاحين، وعمال الزراعة، والصيادين، والعمالة غير المنتظمة، فى الحماية الاجتماعية والمعاش المناسب والتأمين الصحى، كما ينص على التزام الدولة بالحفاظ على حقوق العمال فى العمل اللائق والآمن والأجر العادل، وحمايتهم من مخاطر العمل بتوافر شروط الأمن والسلامة والصحة المهنية، مع حظر فصلهم تعسفيا.
وبالنسبة للمرأة، ينص الدستور على المساواة بين المرأة والرجل اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا، وحمايتها ضد أشكال العنف، وحماية الأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة، والنساء الأشد احتياجًا.
وينص الدستور على توفير خدمات التأمين الاجتماعى، ومن لا يتمتع بها له الحق فى الضمان الاجتماعى بما يضمن له حياة كريمة.
وفى المادة "78" ينص الدستور على وضع خطة قومية لمواجهة العشوائيات لتحسين نوعية الحياة، كما ينص فى المواد "80 و81 و83" على حماية الطفل واعتبار مصلحته هى الفضلى، والاهتمام بذوى الإعاقة، وكبار المسنين.
وإذا كنا سنتحدث عن وزارة التضامن الاجتماعى فنجد أن هدفها الأساسى هو تحقيق الاستقرار للأسرة، وتماسكها وحمايتها من التفكك، ومعاونتها على تحقيق وظيفتها، والقيام بدورها فى رعاية أفرادها، ورعاية الأطفال، بما يحقق تنشئة سليمة، ومن أهدافها أيضا الحفاظ على الترابط الأسرى، من خلال تقديم الرعاية الشاملة اليومية للمسنين، وتحقيق كرامة الإنسان وتعزيز التواصل بين مختلف الفئات دون تمييز.
ولذا نجد أن دور وزارة التضامن هو:
أولًا: تحقيق الحد الأدنى من الدخل الأساسى، فى شكل دعم نقدى، للأسر الفقيرة، ولذوى الإعاقة والمسنين والأيتام والمتعطلين عن العمل، والحماية التأمينية كجزء من الحماية الاجتماعية.
ثانيًا: المساهمة فى تأمين الخدمات الاجتماعية الأساسية فيما يتعلق بالرعاية الصحية، والتعليم، ومياه الشرب والصرف الصحى، والسكن الصحى، والأمن الغذائى.
ثالثًا: الإدماج الاجتماعى عن طريق التشغيل وإتاحة فرص زيادة دخل الأسرة، عن طريق تنمية مهاراتها فى مجالات الإنتاج الحرفى واليدوى، والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، والتوسع فى المشروعات كثيفة العمالة لتوفير فرص العمل.
رابعًا: العمل على تشجيع وتحفيز القطاع الأهلى والقطاع الخاص على أداء دورهما الاجتماعى الخيرى والتنموى.
ويتضح مما سبق أن مهام كبيرة تنتظر وزارة التضامن الاجتماعى، حيث يعانى الشعب المصرى من قلة الدخل وضعف الأجور ونسبة بطالة عالية، مع تركز عدة ملايين فى المناطق العشوائية التى ينقصها معظم الخدمات. هذا بجانب أن 33% من الشعب المصرى تحت خط الفقر وثلث الأسر المصرية تعولها امرأة، كما يعانى الأطفال قبل سن السادسة من الأنيميا والتقزم والسمنة نتيجة لسوء التغذية.
وتعانى المرأة حتى الآن من ثقافة مجتمعية تقوم على التمييز ضد المرأة ولا تؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة، كما تعانى الفتيات والسيدات من العادات والتقاليد المتجذرة الضارة بالمرأة والمجتمع، ومنها ختان الإناث، والزواج المبكر، والحرمان من الميراث، والعنف الأسرى والمجتمعى بكافة أشكاله النفسية والبدنية والجنسية، والعنف فى أماكن العمل.
ومن ضمن المشكلات أيضا التى تعانى منها الأسرة: ضعف الأجور والمرتبات، والمعاشات، التى لا تكفى الاحتياجات الضرورية، نتيجة للتضخم والغلاء وارتفاع الأسعار.
إننا أمام مهام ضخمة تقع على عاتق وزارة التضامن الاجتماعى، ولكى تقوم الوزارة بتحقيق أهدافها لا بد من تعاونها مع منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية فى العمل على محو الأمية جنبا إلى جنب مع نشر ثقافة العمل التطوعى، وأيضا لا بد من إنشاء مفوضية عدم التمييز المستقلة، كما لا بد من الإسراع بمناقشة وإصدار قانون المحليات وإجراء انتخابات المحليات.
وهناك عدد من القوانين والتشريعات التى لا بد من مناقشاتها وإصدارها، كى تسهم فى تحقيق أهداف استقرار الأسرة واستقرار المجتمع والنهوض به، وهى قانون الأسرة المصرية "الأحوال الشخصية"، وقانون العمل، وقانون حماية العاملات فى المنازل، والقانون الموحد لمناهضة العنف ضد المرأة.
إننا نطالب بمناقشة هذه القوانين مناقشة مجتمعية مع إصدارها، كما نطالب بزيادة الحد الأدنى للمعاشات مثل الحد الأدنى للأجور، ونطالب بتعديل قانون التأمينات "148"، لما به من عوار أدى إلى حرمان الآلاف من العمال من صرف معاشهم.
ونطالب بتقديم المزيد من التسهيلات للمجتمع الأهلى لتقديم خدماته التنموية والصحية والتوعوية. وليت وزارة التضامن وكل وزارة تضع خطة لمهامها وخطة لحل المشكلات المعنية بها، على أن تشتمل هذه الخطة على إطار زمنى وآليات تفعيلها ومصادر تمويلها، حتى يمكن أن نتقدم خطوة للأمام فى حل مشكلات وأزمات المجتمع، فالمشكلة ليست فى تغيير الأشخاص ولكن فى تغيير السياسات وتحديد الأولويات واختيار أصحاب الكفاءة والخبرة وليس أهل الثقة.