ملفات أمام رئيس الحكومة
ينتظر المصريون منذ فترة التغيير الوزارى المرتقب، والذى سيعلن عنه خلال الأيام القليلة المقبلة. ما يتوقعه المصريون أن يكون التغيير شاملًا لكل مفردات الوزارة، ويشمل سياسات كانت قائمة.
يتمتع الرئيس السيسى بحس سياسى واعٍ وخلاق، يراعى فيه التطلعات العامة لجماهير المصريين، وهذا الفكر يرتكز على ضرورة تحقيق نمو اقتصادى قوى ومستدام ومتوازن، مع العمل على تعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسى فى التنمية، والتركيز على قطاعات الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسياحة، وزيادة مساهمتها فى الناتج المحلى، وكذلك زيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاجية، للمساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى لمصر، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية لتوفير الملايين من فرص العمل المستدامة، مع إعطاء الأولوية لبرامج التصنيع المحلى لزيادة الصادرات ومتحصلات مصر من النقد الأجنبى.
غير أن هناك ملفًا يحمله المصريون بضيق مكتوم ولا يصرحون به، ويعتبر نقطة عار فى جبين الدولة المصرية، وهو ملف الكهرباء بكل ما فيه من متاعب، وصلت إلى إزهاق أرواح بعض المصريين بسبب هذا الانقطاع اليومى للتيار الكهربائى.
ونرى أن مسألة قطع الكهرباء وتخفيفه هى أكبر إهانة للمصريين، واستهانة بهم، وبتاريخهم.
فقد ارتفعت معدلات انقطاع الكهرباء فى مصر خلال الأيام الأخيرة لتصل إلى أكثر من خمس ساعات فى بعض المناطق، فى ظل ارتفاع كبير فى درجات الحرارة، وخرجت الحكومة عن صمتها، يوم الثلاثاء 26 يونيو 2024، وقدم رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، اعتذارًا للشعب المصرى، لأول مرة، عن انقطاع الكهرباء بشكل مكثف خلال اليومين الماضيين، لكنه حمل بشرى غير سارة باستمرار زيادة معدلات انقطاع الكهرباء حتى نهاية الشهر.
الحقيقة أن هناك أصواتًا مثقفة وإعلامية استنكرت طريقة تعامل الحكومة مع الشعب فى مشكلة الكهرباء، وقال بعض الإعلاميين إنها تتعمد تجاهل الشعب المصرى ولا تعرف ثقافة الاعتذار، وفى اليوم التالى، ظهر رئيس الوزراء بنفسه وأعلن الاعتذار لأول مرة.
كما أن هناك معاناة لحظة انقطاع التيار أثناء صعود الأسانسير، حيث يتم سجن مستعملى المصعد لمدة طويلة، وكان من ناحية أخرى مصدر رعب مادى، خوفًا من تلف الأجهزة المنزلية التى أصبحت بآلاف الجنيهات، لاسيما وأن التيار كان يعود لمدة لا تزيد عن سبع دقائق قبل أن ينقطع من جديد.
الحقيقة ان تصريحات المسئولين كانت متناقضة مع تصريح وزير الكهرباء المصرى محمد شاكر منذ أربعة أشهر، والتى كان يشير فيها إلى انتهاء معاناة المواطن المصرى إبان عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، خلال صيف عامى 2012 و2013.
ففى الأسبوع الماضي، أكد رئيس الوزراء، مصطفى مدبولى، أن استهلاك الكهرباء فى مصر زاد بصورة كبيرة، وأدى إلى زيادة حجم استهلاك الغاز اللازم لإنتاج الكهرباء، وإلى ضغط شديد على الشبكات الخاصة به، وهو ما أدى إلى انخفاض ضغوط الغاز فى الشبكات الموصلة لمحطات الكهرباء.
الحقيقة مشكلة الكهرباء فى مصر تصعب فيها الحلول الفردية. مولدات الكهرباء باهظة الثمن، وتحتاج لوقود مرتفع الثمن أيضًا، فضلًا عما تحدثه من ضوضاء تزعج السكان. الأمر الآخر أن معظم بيوت المصريين فى المدن متعددة الطوابق وتحتوى على أسانسيرات لنقل السكان للطوابق العليا، لأجل هذا يعانى السكان الأمرين فى الصعود إلى مساكنهم فى الأدوار العليا، وبعضهم من كبار السن ولا يتحملون الصعود الطويل.
الحل الآخر وهو تجميع أشعة الشمس، بالألواح، فهو حل مكلف، وله حساباته، فضلًا عن الجو المصرى الملىء بالغبار، مما يجعل تنظيف تلك الألواح من الغبار المتراكم عبئًا يضاف على تكاليفها العالية.
وهناك ملف آخر لا يقل خطورة نتمنى أن يعالجه رئيس الحكومة بحكمة واقتدار وصبر، وهو ملف اللاجئين، ومصر إحدى الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين 1951 وبروتوكولها عام 1967، وبناء عليه تقع على عاتقها مسئولية حماية اللاجئين الفارين إليها، كما تؤكد المادة 91 من دستور 2014 على حق الدولة فى منح اللجوء السياسى لكل أجنبى اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب، وأيضًا تُلزِم المادة 93 من الدستور المصرى بالالتزام بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وتفوض الحكومة المصرية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين ومكتبها فى القاهرة منذ عام 1954 فى تسجيل اللاجئين عن طريق تقدمهم شخصيًّا إلى المفوضية أو إبداء رغبتهم فى التسجيل عبر الهاتف لتقنين إقامتهم، ما يعطيهم حرية التنقل فى مصر، وكانت المفوضية قد بتت فى 11 ألف طلب لجوء عام 2022 كأكثر المكاتب التى حددت وضع اللاجئ حول العالم. كما تشير المفوضية إلى أن هناك 473 ألف لاجئ مسجل من 62 جنسية، وفى نوفمبر 2023، كان عدد اللاجئين من السودان حوالى 162 ألفًا، بينما السوريون 152 ألفًا، يليهم جنوب السودانيين بـ35 ألفًا، ثم إريتريا بـ30 ألفًا، ويشكل الأطفال 38% من إجمالى اللاجئين.