أوقفوا الحرب وأعلنوا الانتصار
التقطوا صورة بابتسامة مُصطنعة، وقولوا انتصرنا، لكى ننتهى من كل هذا، لكى توقفوا الحرب، لكى تخرجوا من غزة، لكى نوقف هذا الألم. إسرائيل ستعلن فى الأيام القريبة المقبلة عن تصفية الذراع العسكرية لحماس فى غزة، وعن تحقيق انتصار فى الحرب لكى توقفها، لا يمكن أن توقف الحرب دون إعلان الانتصار، كل طرف سيقول إنه انتصر، سنبتلع هذا، فليقولوا كيفما يشاءون، المهم أن الحرب تتوقف.
الإعلان الإسرائيلى سيكون حول تدمير قدرات حماس العسكرية، والقضاء على بنيتها التحتية والسلطوية، والهدف واضح، إخراج القوات من غزة، ونقلها للشمال، لبدء حملة جديدة، لكن غير معلوم كيف وإلى أى مدى ومتى ستنتهى؟.. يسمونها «حرب يوم القيامة». لكن قبل هذا سيكون هناك احتفال النصر.. أى نصر؟ لا أعرف! الوضع ضبابى، وغير واضح، كلنا نعرف ماذا حدث بالأمس، لكن لا أحد يعرف ما الذى سيحدث غدًا.
حماس ضُربت عسكريًا، لكنها لا تزال هناك، لم تعد تستطيع أن تطلق مئات الصواريخ على سديروت وعسقلان، لكن لا تزال لديها القدرة على إزعاج إسرائيل.. والأهم من ذلك أن الحرب أضرت إسرائيل أكثر مما توقع أى شخص، فإسرائيل تعرضت لضربة قاصمة اجتماعيًا وسياسيًا وأخلاقيًا واقتصاديًا.
الحرب تُختبر بنتائجها، وهذه النتائج كانت معروفة مسبقًا: الغرق فى الوحل الغزى، الضحايا الفلسطينيون من النساء والأطفال، خسائر فى صفوف الجنود الإسرائيليين، تحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة، تخرج الجماهير ضدها فى مظاهرات بكل دول العالم.
رغم الحديث المتوقع عن الانتصار، لا أحد يعرف ماذا تريد حكومة نتنياهو، لكن يمكن التكهن.
لدى حكومة إسرائيل رغبة جزئية فى إعادة الرهائن، لا توجد لديها رغبة واضحة فى إنهاء الحرب، وبالتأكيد، لا توجد رغبة فى منح «حماس» رسالة استسلام من أجل إنهاء الحرب، خصوصًا دون التزام واضح بتحرير المخطوفين. هناك رغبة فى استبدال «حماس»، لكن ليس بالسلطة الفلسطينية الحالية، لكن لا أحد يعرف بمن!. أمام إسرائيل ٣ خيارات لغزة: استمرار حكم حماس «حتى وإن كان ضعيفًا ومراقبًا»، أو نموذج صومال فى غزة، أو احتلال إسرائيلى أبدى. ليس هنالك احتمال رابع.
أقلها سوءًا هو الأول، هو خيار مثير للغضب، سيئ لإسرائيل وأيضًا لغزة، ولكن بدائله أسوأ منه. إذا كان هو الوضع من الواضح أنه حان الوقت للخروج من غزة بالاتفاق مع حماس، لوضع نهاية للحرب والدفع قدمًا بتحرير المخطوفين وتحرير آلاف الأسرى، اتفاق كهذا يمكن التوصل له غدًا. لكن من سيدفع ثمن الإهانة لإسرائيل المتمثلة فى بقاء حماس فى السلطة؟ من سيسمح بذلك؟ نتنياهو؟ لا أعتقد.
وماذا عن الشمال؟ هناك إدراك فى إسرائيل أن الحرب فى الشمال مشكلة كبيرة، متصاعدة وتزداد خطورة، لكن لا أحد يعرف ماذا سيكون القرار حيال ذلك، لا توجد رغبة إسرائيلية فى شنّ حرب واسعة فى الشمال، لكن توجد أيضًا رغبة فى ضرب «حزب الله»؟ كيف يمكن تحقيق ذلك؟ لا أحد يعرف.
الخيارات المطروحة أمام إسرائيل ليست خيارات بين جيد وأفضل، إنما هو بين السيئ والكارثى؛ فبقاء حركة «حماس» فى السلطة يُعد كارثة استراتيجية، وإحلال السلطة الفلسطينية، بالتعاون مع آخرين، مكان حركة «حماس»، فى ظل شروط تُحدَد فى معاهدة دولية، هو حل أقل سوءًا كثيرًا من الخيار الأول، والحرب مع حزب الله هى كارثة، وعدم الحرب وترك الوضع كما هو فى الشمال هو سيئ.