منال رضوان: رأيت السيناريو الإيرانى عقب وصول الإخوان للحكم
تعيش مصر هذه الأيام ذكرى 30 يونيو الــ11، الثورة التي أنقذت المصريين من حكم جماعة الإخوان التي كادت تطمس الشخصية المصرية وتمحو هوية المصريين.
في هذا اللقاء تتحدث الكاتبة منال رضوان، عضو اتحاد كتاب مصر، عن عام من حكم الجماعة الإرهابية، وعن إرهاصات الثورة، وكيف جعل والدها من "محله" مقرًا لحملة "تمرد" وجمع التوقيعات على استمارة تمرد لأهالي الإسكندرية.
أين كنت يوم 30 يونيو 2013؟
في ذكرى 30 يونيو، أتذكر يوم الثلاثين من يونيو كنت لا أزال أقيم بالإسكندرية وكنت في المظاهرات التي انطلقت حتى مقر المنطقة الشمالية العسكرية بمنطقة سيدي جابر، ولم تكن التجمعات- كما أذكر- في المنطقة الشمالية فقط؛ وإنما كانت الآلاف تحتشد بمنطقة رأس التين ومحطة الرمل وعدة مناطق، وكما كان يقال وقتها، في الإسكندرية ما أن تنزل إلى الشارع حتى تجد نفسك في مظاهرة.
هل شاركت في مسيرات، مظاهرات سابقة على ثورة 30 يونيو 2013 أو اعتصام المثقفين؟
كانت مشاركتي الأولى يوم 30 من يونيو، وما تلاه من أيام حتى يوم 3/ 7، واستمعنا إلى البيان أنا ووالدي- رحمه الله- وسط المظاهرات في شوارع الإسكندرية.
هل وقعت على استمارة تمرد؟ وهل شاركت في جمع التوقيعات عليها؟
لم أوقع على استمارة تمرد فقط؛ بل اتخذت المحال التي يملكها والدي بمنطقتي ميامي والعصافرة مقرات لتوقيع وجمع استمارة تمرد، واتفقت مع شباب الحملة أن أسلمهم ما جمعته مساء كل يوم، وكنا وقتها نشعر بحماس شديد ونتسابق في تصوير أكبر كم من نموذج استمارة تمرد.
حدثينا عن شعورك/ رد فعلك عقب سماع نبأ وصول محمد مرسي لحكم مصر؟
كانت المؤشرات تتجه صوب إصرار الجماعة على فوز مرشحها وكانت تهديدات أتباعهم في الشارع السكندري والمصري بوجه عام معلومة للجميع، وبالطبع شعرت بحزن عميق ولا أخفيك سرا أنني رأيت السيناريو الإيراني أمامي وتوجست خيفة.. فكيف نخرج من ذلك المأزق دون إراقة دماء الأبرياء؛ فالجميع يعلم أن الإخوان يمتلكون جناحًا عسكريًا وهو ليس وليد تلك الأيام، بل أسسه حسن البنا 1940 وتم اكتشافه في القضية الشهيرة عام 1948 إبان حكومة النقراشي ولمن يحاول النفي فإن ذلك ما ذكره مهدي عاكف المرشد الأسبق والشيخ يوسف القرضاوي في مذكراته متحدثا عن قضية الجناح العسكري، قائلا نصًا: "لقد أحيلت هذه القضية إلى محكمة مدنية، برئاسة المستشار أحمد بك كامل، وكان قد اتهم فيها أكثر من ثلاثين شخصًا، منهم: عبدالرحمن السندي، ومصطفى مشهور، ومحمود الصباغ، وأحمد حسنين، وأحمد زكي وغيرهم...." أيضًا حادث ما يسمى بميليشيات الأزهر الذي ثبت ضلوع عناصر الجماعة فيها ولنا أن نتخيل ما الذي كان يمكن أن يحدث، سواء استمر هؤلاء في الحكم أو لم يصلوا إليه.
كمبدعة، ما السيناريو الذي تتخيله لو كان الإخوان استمروا في حكم مصر؟
هو السيناريو المطبق في دول معلومة للجميع، فعندما وصل الملالي إلى الحكم قاموا بإعدام فرخ رو بارسيا عام 1980 بطريقة وحشية، وقد كانت وزيرة للتعليم هناك.. هذا بالطبع على سبيل المثال. وغير ذلك من سيناريوهات قاتمة لا نتمنى أن نشاهدها في وطننا.
ما رؤيتك للحكم الديني الثيوقراطي لأي بلد مقارنة بأي شكل من أشكال الحكم الأخرى؟
الحكم الثيوقراطي يتعارض مع أي مفهوم لنظام الحكم السليم، ودعيني لا أحدثك عن رباعية الديمقراطية التي ذكرها دكتور مراد وهبة في مؤلفه الذي حمل الاسم ذاته وكانت يقصد بها العلمانية العقد الاجتماعي التنوير الليبرالية.
لكن كي لا نبتعد عن جوهر القضية فالإسلام لم يكرس لكهنوت أو لحكم ديني؛ وإنما قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام: "أنتم أعلم بشئون دنياكم.."، فالحكم الديني هو القناع الذي تتخفى خلفه أيديولوجيات معلومة لدى الجميع وربما بكون الدين في آخر حساباتها.
هل يفرز العيش تحت حكم ديني إبداعًا حقيقيًا؟
قولاً واحدًا، لا. وهذا المناخ يقوم على أسس من القمع والترهيب فلا يمكن أن يُنشئ إبداعات أو يحرز تقدما على جميع الأصعدة، فالأنظمة التي تحرم الفلسفة والآداب والفنون إنما تحرمها لغرض ما في نفس يعقوب، وهذا ليس مقتصرا على الإخوان كحركة دينية كما يطيب لهم أن يطلقوا على أنفسهم، بل تاريخيا حدث ذلك على سبيل المثال في فرنسا عندما أغلقت أقسام الفلسفة على سبيل المثال؛ لمحاولة السيطرة وفرض سطوة فئة محددة دون غيرها.
وتختتم "رضوان" عن ذكرى 30 يونيو، لافتة إلى: أما عن خصوصية الحالة؛ فالمناخ الثيوقراطي لا يمكنه التعاطي والاشتباك مع الإبداع لأنه يؤمن بالعزلة الشعورية والاستعلاء بالإيمان وجاهلية المجتمع. فأي إبداع يمكن أن يحيا وسط هذا المناخ الخانق.