"رسالة فى الطريق إلى ثقافتنا".. سعد مصلوح يكشف تفاصيل رسالته لمحمود شاكر
كشف الدكتور سعد مصلوح رائد الدراسات الأسلوبية وأستاذ اللغة العربية واللسانيات وعضو المجمع اللغوي في أكثر من دولة عربية عن تفاصيل الرسالة التي رد بها على مقال محمود شاكر.
رسالة فى الطريق إلى ثقافتنا
يقول دكتور سعد مصلوح:" لهذه الرسالة المهمة وردي عليها قصة جديرة بالرواية؛ فقد قُدِّر لي أن أعيش عقديْ الستينيات والسبعينيات في القاهرة إبان طلبي للعلم في دار العلوم وإعدادي أطروحة الماجستير تخللتها حقبة الابتعاث إلى موسكو. وقد دعيت غير مرة من زملاء وأصدقاء ـ منهم محمود الطناحي وعبد الحميد البسيوني رحمهما الله ـ إلى الالتحاق بمجالس الشيخين العظيمين العقاد وشاكر. بيد أني ـ لأسباب لا محلّ للإفاضة في بيانها - لم أجد في نفسي ارتياحا للأمر، وآثرت أن تظل العلاقة مقصورة على علاقة قارئ بكاتب.
ولقد قرأت الرسالة التي وسمها الأستاذ شاكر بعنوان: " رسالة في الطريق إلى ثقافتنا " غير مرة، طربا معجبا بلسانه القرشي الصريح، ومتوقفا بين الحين والحين في قبول بعض ما تضمنته من أنظار بنيت على رؤية أحادية لا يسوغ اعتمادها في ظني مفسرا أوحد لحركة التاريخ وقصة الصراع بين الشرق والغرب.
مجلة العربى
ويضيف أستاذ اللغة العربية لـ"الدستور":" وكان أن جمعني في الكويت مجلس ممتع بالصديق الأستاذ محمد أبو المعاطي أبو النجا رحمه الله؛ وهو من العاملين في هيئة تحرير مجلة " العربي “، وجرى ذكر الشيخ ورسالته فأفضيت له ببعض ما كان فيه نوع تحفظ مني، قال لي الأستاذ أبو المعاطي: ولم لا تحرر رأيك هذا كتابة وتنشره في مجلة سيارة مثل "العربي"؟ قلت: لا أجد في نفسي حماسة للنشر، وللشيخ تلاميذ ومريدون كثر، وبعضهم من أحب الناس إلي، وربما ساءهم ذلك إن فهم الأمر على غير الوجه الذي أردت. وإني لأعد نفسي من خُلَّصِ تلاميذه وأشدهم إعجابا به وإن لم أكن من جلسائه، بيد أن مفهوم التلمذة عندي لا يلتبس بالعصبية، بل يسمح لي عند الاقتضاء بفسحة للخلاف مع أساتذتي وشيوخي، ثم إنك تعلم ويعلم الناس أن الشيخ شديد السطوة، وأن له قلما فَرّاسا ولسانا فاتكا، وما أغناني عن التعرض لمثل ما تعرض له أخي وصديقي عبد الغفار مكاوي رحمه الله، حين ألقت به غضبته البريئة في طريق الشيخ فناله منه ما ناله من قوارص الكلم.
ويواصل أستاذ اللغة العربية:" غير أن أبا المعاطي ما زال بي حتى زين لي المخاطرة، وأجاد الولوج إلى ذات صدري، وهو القاص المحترف، بحديثه عن أداء الأمانة وإبراء الذمة، فكتبت الرد الصريح احتسابا لوجه الله وما أعتقده حقا، واتخذ طريقه للنشر في مجلة العربي على يد أبي المعاطي، وفيه إعظام خالص للشيخ الجليل غير ملبوس بإدهان ولا شبهة نفاق، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به بعض عباده، ولقد علمت أن المجلة قد تلقت تعليمات مشددة بنشر ما قد يأتي من رد للشيخ والتنبيه إلى ذلك على الغلاف، ولكن الشيخ لم يبعث برد وحدثني أخي الراحل الدكتور محمد حماسة - ولا كذب عليه وهو في جوار كريم - أنه قرأ مقالي بتكليف من الشيخ على الحضور في مجلسه، وأن الشيخ الجليل ما عبس ولا بسر، وإن بقي مستمسكا بما أداه إليه اجتهاده. وكذلكم يكون فَعال الكبار، ولا تزال خلاصة الدرس المستفاد من هذه التجربة هي أن التلمذة للكبار لا تعني الاستسلام لجميع أطروحاتهم، وأن ثمرة الإخلاص الحق للشيوخ تقتضي المثاقفة الجادة المنتجة مع هذه الأطروحات.