مصطفي البلكي يكشف للدستور أصل صيحة "أكلنا عقيرة ومكلناش لحمة"
تكاد ذكريات المصريين عن الأعياد بصفة عامة وعيد الأضحي ، بصفة خاصة أن تكون مشتركة بين المصريين بجميع أطيافهم. حتي أن طقوس العيد واحدة يمارسها الجميع ويحرص علي أداءها جيلا بعد جيل وعلي مدار السنين.
مظاهر عيد الأضحي وطقوسه
الملابس الجديدة، صلاة العيد، تبادل الزيارات والتهاني بين الأهل والأصدقاء والجيران، تقديم الأضاحي ــ للقادرين ــ وطهي اللحوم وتناولها بطرق عديدة متنوعة، وتناول “فتة الخل والثوم”، وصواني الرقاق، أشهر الأكلات المشتركة علي موائد الشعب المصري بمختلف طبقاته، وفي كل مناطق مصر الحضرية والريفية تجتمع علي هذه هذه الطقوس والمظاهر.
المثقفون والكتاب هم أيضا وكجزء من المجتمع المصري لهم نفس الطقوس والعادات التي يمارسونها ويحرصون عليها. ويحدثنا الكاتب الروائي مصطفي البلكي عن ذكرياته وطقوسه في عيد الأضحي مستهل حديثه بالإشارة إلي: الأيام بها الكثير من الأشياء الجميلة، حينما نصغي إليها، نملأ الفراغات التي أوجدها هذا العصر، ومن أجل هذا الهدف، قد يخوننا الوقت، كونه يمضي بوتيرة متسارعة، لا تكون فيه صفة الاستقرار دائمة، لذلك نحتاج إلى محفز، لنكون هناك ونحن هنا، بكسر الحاجز، لنحصل على السعادة، وكلمة (العيد) أكثر الكلمات المحفزة التي تأخذنا إلى ذكريات تظهر وتصبح أكثر طزاجة، وكأنها كقمر يستدير، يصبح كامل الاستدراة إذا ما اقتربنا منه.
ويوضح “البلكي”: وكل شيء مرتبط بالعيد الكبير، يطل علينا، من حوار قصير، كنا طرفا فيه ونحن صغار.
الابن: عاوز جلبية جديدة.
الوالد: ده عيد لحمة
كأن كلمة (اللحمة) بها السكر، فهي الزائر الذي كنا نراه في نهاية كل أسبوع، نكرم وفادته، وفق الطقوس الثابتة، وتلك الكلمة هي التي يتراكم عليها كل الاهتمامات، والأحمق منا من يظل يلح على طلب الجلباب، فيفوته الاستمتاع بالقمر، فهو يكون ما زال متمسكا بالشمس التي خانته، وقمرنا كان يظهر بعد العصر من اليوم الأول من العيد، فبعد أن نفني العيدية القليلة في قيمتها بالمقارنة بعيدية العيد الصغير، وتلك يكون البراح لها من الصباح إلى العصر، أثناء ذلك، يصر أحدنا على أن يأتي بالاضحية وهو يمتطي ظهرها، ونظل بجوار الكبار وهم يقومون بالذبح والسلخ، والتقسيم، وحمل مناب الأهل، وحينما نعود تكون النساء قد انضجن الكبدة، فنأخذ نصيبنا منها، لا نتذمر لأننا بعد العصر سوف يصبح الزائر الأسبوعي، ملاصقا لنا لساعات طويلة
ويستكمل “البلكي”: بعد العصر، يحمل كل واحد منا ملعقته، يضعها في جيبه، وننتظر الكلمة السر، العقيرة، تخرج من صاحب البيت وهو يضع الصحن الكبير، المتسربة منه الأبخرة التي تحمل رائحة الدشيشة، نحيط بالصحن الكبير، وندخل في مبارة طاحنة، سرعان ما نمسح ما في الصحن، وننتظر خروج صاحب البيت ليوزع علينا اللحمة، ويا ويل من تسول له نفسه ليجعل المنابات صغيرة، نقف أمام بيته ونعمل له جرسة: “كلنا عقيرة ومكلناش لحمة”.