رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصطفى السويسى: الشعب حكم على تنظيم الإخوان الإرهابى قبل انطلاق «تمرد».. والحملة لم تكن ممولة من أى جهة

مصطفى السويسى
مصطفى السويسى

أكد مصطفى السويسى، منسق حركة «تمرد» بمحافظة السويس، أن الحملة لم تطلب من الشعب الثورة على حكم الإخوان فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، بل كان الشعب هو من طلب الثورة على حكم الجماعة حتى قبل انطلاق «تمرد»، وهو من أدار معركة عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى، مشددًا على أن الحملة لم تكن ممولة من أى جهة، وكان هذا هو سر ثقة الشعب فيها.

وأوضح «السويسى»، خلال حواره لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «إكسترا نيوز»، أن الجماعة استهانت كثيرًا بحملة «تمرد» فى البداية، وراهنت على عدم تجاوب الشعب معها، لذا فقد كان الإقبال الشعبى على تأييد الحملة وجمع التوقيعات لإسقاط النظام الإخوانى مفاجئًا لها، لافتًا إلى أن عناصر الإخوان حاولوا بعد ذلك حرق أماكن تخزين استمارات «تمرد»، التى لم يصل بعضها إلى مقر الحملة إلى بعد انتهاء الثورة.

وأشار إلى أن بيان ٣ يوليو كان قويًا ومفاجئًا فى توقيته، رغم تأكد الجميع من وقوف الجيش مع الشعب، الذى خرج فى طوفان بشرى ليطالب بإسقاط حكم الإخوان، منوهًا إلى أن ثورة ٣٠ يونيو لا علاقة لها بالمشكلات التى تمر بها البلاد حاليًا، خاصة أن هذه المشكلات والأزمات تمر على بلد يقف على أرضية ثابتة، ويحافظ على ملامحه وقيمه وهويته.

 

■ بداية ما سبب تسمية حملة «تمرد» بهذا الاسم، وكيف جاءت فكرتها؟

- بعد وصول جماعة الإخوان لكرسى الحكم كان الأمر يشغل بالى بشدة، لأنى بعد قراءة الكثير فى تاريخ هذه الجماعة عرفت كيف يلعبون من أجل مصلحتهم الشخصية، وأدركت أن جماعة الإخوان ارتكبت الكثير من الجرائم التى كانت تعجل بسقوطها، وأسهمت فى التفاف الشعب المصرى بكل طوائفه حول الحملة التى كانت بمثابة طوق نجاة لهم.

وفى الحقيقة الشعب حكم على الإخوان منذ البداية وليس بعد انطلاق حملة «تمرد» فقط، فقبلها بأشهر كنا نفكر فى تظاهرات ضد الجماعة، وتطور الأمر إلى أن جاءت فكرة ثورة ٣٠ يونيو.

وقد تحدثت مع محمود بدر، الشريك الرئيسى فى إنجاح حملة «تمرد»، يوم ٢٦ أبريل بمقر نقابة الصحفيين، من أجل التحرك ضد الجماعة، واستقررنا على فكرة جمع ١٥ مليون توقيع من أجل إسقاط الجماعة، وتسمية هذه الحركة باسم «تمرد» كانت مستوحاة من اسم مجلة سورية.

الحملة كان مقررًا لها أن تكون لمدة شهر، وكان هذا ما اتفقنا عليه، لكنها استمرت لأن الشعب المصرى أسهم بشكل كبير فى إنجاحها على أرض الواقع، بعدما شعر المواطن بأنها قشة يمكن أن يتشبث بها من أجل التخلص من جماعة الإخوان.

وبعد أسبوع من انطلاق الحملة، استطعنا جمع ٢ مليون توقيع، ثم قررنا أن يتحول الأمر لثورة، وحينها قلت لمحمود بدر إن يوم ٣٠ يونيو سيكون يومًا أسود على جماعة الإخوان.

والحقيقة أن حملة «تمرد» لم تطلب من الشعب أن يثور على الإخوان، بل إن الشعب هو من طلب الثورة على الجماعة.

وبعد الاستقرار على «تمرد» عدت إلى محافظتى السويس، وعملت هناك بكل جهد على توعية المواطنين هناك، وجمع التوقيعات، ومحافظة السويس كانت منذ يوم ٢٥ يناير عام ٢٠١١ فى حالة ثورة، واستمر الأمر حتى يوم ٣ يوليو، لذا كان التفاعل كبيرًا من المواطنين، ورغم قلة الكثافة السكانية فى المحافظة استطعنا أن نجمع ١٠٠ ألف توقيع منها، لأن كل الناس فى السويس كانت متجاوبة مع الحملة.

وقد تم جمع التوقيعات من الناس على استمارات «تمرد» لسحب الثقة من الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى الشوارع وفى ميدان الأربعين بالسويس، ونزل عشرات الآلاف من المواطنين فى ميادين المحافظة فى تظاهرات ٣٠ يونيو.

■ كيف نظرت جماعة الإخوان للحملة؟ وهل وصلكم أى تهديدات؟

- جماعة الإخوان استهانت بالحملة، وقالت: «يعنى الورقة دى هتقدر تمشى مرسى؟.. خليهم يعملوا اللى عايزينه»، وكنا فى الحملة لدينا رفض قاطع لتلقى تمويل من أى شخص، بل كنا نطلب من الداعمين لنا أن يصوروا ورقة «تمرد» على حسابهم وأن يوزعوها على المواطنين.

ومن المفارقات أن هناك عددًا كبيرًا من استمارات «تمرد» لم نستطع جمعها من المنازل، ووصلنا العشرات منها بعد ٣٠ يونيو، وهذا يدل على وعى الشعب وهمته ورفضه الجماعة وسياستها.

وفى البداية كان يتم تخزين الاستمارات فى مقر حزب «الوفد» وأحد الكافيهات الخاصة بأحد أصدقائى فى القاهرة، وفى نهاية الحملة، أخبرنا هذا الصديق أن الكافيه تم حرقه، لكن لم تصل النيران إلى مكان تخزين الاستمارات، الأمر الذى استدعى نقلها إلى إحدى مقابر العائلة.

وبعد ذلك، أبلغنا حزب «الوفد» بأنه قد تم كسر باب المقر وتمت سرقة الاستمارات، الأمر الذى يدل على أن الحملة كانت ناجحة ومؤثرة، لكن رغم ذلك تم نقل معظم الاستمارات بكل سلاسة إلى مقر حملة «تمرد» فى شارع معروف بوسط القاهرة.

ورسميًا لم نتلق أى تهديدات من الإخوان والأحزاب الموالية لهم رغم بعض المضايقات، التى لم تؤثر فينا، لكن من الناحية غير الرسمية، فقد كان هناك الكثير من الاتصالات من بعض الأفراد، التى تقوم بتهديدنا حتى توقف الحملة عن الانتشار، لكننا ظللنا مستمرين فى عملنا.

والإخوان كانوا يراهنون على أن الناس لن تستجيب لنا، وأن «حزب الكنبة» لن ينزل فى مظاهرات ٣٠ يونيو، لكن الشعب المصرى فاجأ الجميع بالنزول بهذا العدد الكبير، لأن الحملة أسهمت فى إظهار التلاحم بين جموع الشعب المصرى بكل طوائفه.

■ كيف رأيت مشهد الشارع السويسى فى ٣٠ يونيو؟

- عمومًا يمكن القول إن السويس مدينة ثورية، وعقول الشعب السويسى ثورية ولا تقبل الخضوع لأى قيادة غير عادلة، والأوضاع السياسية فى هذا التوقيت كانت تشجع أى مواطن فى جميع المحافظات على المشاركة فى «تمرد»، والشعب المصرى هو الذى أدار المعركة فى الفترة التى تم تحديدها لتنحى محمد مرسى عن الحكم.

وفى يوم ٣٠ يونيو نزلت من البيت مبكرًا ووجدت ميدان الأربعين به عدد قليل جدًا من المواطنين، لذا كنت خائفًا للغاية لكنى كنت حريصًا على عدم نقل خوفى لباقى الزملاء، ولكن بعد صلاة العصر ذهبت إلى مسجد الشهداء، وجدت المسجد مليئًا بالمواطنين المؤيدين لـ«تمرد»، وخرجنا من المسجد ووجدنا طوفانًا بشريًا، وبعد الوصول لميدان الأربعين وجدنا عشرات الآلاف من المواطنين فى كل ميادين المحافظة يؤيدون «تمرد».

والشعب المصرى دائمًا ما يخالف التوقعات، ووقت الأزمات يقف بكل قوة وشجاعة دون خوف من أجل نجدة الوطن، فالشعب المصرى هو القدوة والمعلم.

■ ماذا عن رؤيتك لردود أفعال المواطنين عندما سمعوا بيان ٣ يوليو وإيقاف العمل بالدستور إيذانًا بانتهاء حكم الإخوان؟

- التوقعات حول بيان ٣ يوليو كانت تؤكد أن الجيش المصرى سيقف مع الشعب، وأذكر أن طريقة صياغة البيان وإلقائه كانا قويين للغاية، وكانا لهما تأثير فى نفوس الشعب المصرى، لأن المواطنين لم يتوقعوا سرعة حسم القضية والتخلص من حكم الإخوان.

وبالتالى كانت هناك مفاجأة قوية فى توقيت البيان، ويجب أن أذكر بأن المواطنين كانوا ينزلون بأطفالهم فى المظاهرات دون خوف، لأنهم يعلمون جيدًا أنهم فى حماية الجيش للمصرى.

وفى السويس، كانت القوى السياسية كأنها أسرة واحدة متكاتفة، وكان الوطن هو هدفنا الأول، فقد كنا نقيم اجتماعات «تمرد» فى الحزب الناصرى أو حزب «الوفد»، وكانت جميع الأطياف السياسية فى السويس متعاونة معنا، فيما كان الإخوان قبل ٣٠ يونيو يسخرون منا، وبعدها بدأنا نتلقى منهم تهديدات مباشرة، حتى إنهم أقاموا العديد من الاحتجاجات أمام المبنى الذى كنت أؤدى فيه امتحانات الجامعة. 

■ كيف يستفيد الشباب من تجربتك ضد الإخوان؟

- أؤكد أن الوعى مهم لبناء الإنسان وهو يبدأ من الأسرة، كما أن الدراما الهادفة لها أيضًا دور كبير فى نشر الوعى. 

ففى البيت مثلًا، تربيت منذ صغرى على أن هناك قضايا معينة لا بد أن نهتم بها، مثل القضايا الوطنية، فلا يمكن مثلًا أن نقبل الفساد، فأنا من أسرة مصرية بسيطة جدًا، لكن لديها ثوابت تعلمها لنا، وكان والدى يحدثنى عن أشياء كثيرة لها علاقة بالشأن العام، ومن هنا جعلنى مهتمًا ولدىّ رغبة فى المشاركة، رغم أنه لم يكن له أى نشاط سياسى، بل هو رجل بسيط جدًا، لكنه يهتم ويقرأ ويناقشنى دائمًا. 

وحاليًا أرى أن هناك الكثير من الأسر التى لا تهتم بالجانب العام، بل يعتبرونه غير مهم، لذا نجد الكثير من الأطفال يهتمون بتطبيق «التيك توك» و«البلوجرز» أكثر من اهتمامهم بالشأن الذى يخصهم.

والوعى أيضًا نشأ لدينا من التليفزيون، فعندما كنا صغارًا تربينا على التليفزيون المصرى، ولم تكن هناك فضائيات، لكن حتى برامج الأطفال كان بها جزء تربوى، يساعد الطفل على الوعى بما حوله.

وهذا الوعى أيضًا كان يمكن تحصيله فى المدرسة والسينما والدراما، فقد كان لكل هؤلاء دور فى بناء الوعى، فالدراما على أيامى كانت تتمثل فى مسلسلات مثل «الراية البيضا» و«أرابيسك»، وهى مسلسلات بها رسائل تغرس الوعى والمبادئ لدى المشاهد، وتربط النشأة بالهوية المصرية، وتعلم الكثير من القيم.

كما كانت مساحة انشغال الأطفال عن الأشياء المهمة ليست كبيرة، فكانت الأفلام والمسلسلات لها مواعيد، والبرامج الترفيهية لها مواعيد، وكان لدى الطفل وقت ومساحة لأن يذاكر ويقرأ ويضيف أشياء إلى ذهنه من خارج مقررات الدراسة، وكنا نجد مصادر كثيرة للتعلم والثقافة.

وحاليًا أصبحت مصادر الثقافة موجودة ومفتوحة بشكل أكبر لكنها غير منظمة، وقد ذهبت مثلًا إلى معرض الكتاب الأخير، ووجدت أن هناك الكثير من الأطفال والشباب الذين لديهم رغبة فى القراءة، لكنهم لا يعرفون ماذا يقرأون، لأن حرية الفكر والإبداع مهمة لكن التوجيه أيضًا يظل أمرًا فى غاية الأهمية أيضًا، على الأقل فى مرحلة النشء. 

■ اعتدت العمل منذ سن صغيرة.. فهل أثر ذلك فى شخصيتك؟ وهل تحملك المسئولية جعلك قادرًا على المشاركة فى عمل كبير مثل «تمرد»؟

- عملت مع والدى فى محله قبل الجامعة، وهذا ساعدنى على تحمل المسئولية، وأثر فى نفسى بشكل كبير، والفضل فى ذلك يعود إلى والدى أيضًا، لأنه عودنى على العمل وتحمل المسئولية منذ الصغر. 

وقد عملت فى محل والدى حتى التحقت بالجامعة، وبعدها بدأت العمل فى كثير من الأعمال وفى المحلات والمطاعم، ثم بعد ذلك كانت لدىّ رغبة فى العمل كصحفى فى فترة ما قبل الثورة، ثم عملت فترة صحفيًا فى موقع «تمرد»، لكنى بعد ذلك انقطعت عن الصحافة والسياسة واتجهت للعمل فى مجال البرمجة.

وأنا أرى أن العمل هو سُنة الحياة بالنسبة لكل الناس، والعمل زرع فى داخلى المسئولية والالتزام، وجعلنى أقوى، وقادرًا على تحمل الظروف الصعبة.

■ لو عاد بك الزمن.. هل ستكرر ما فعلت؟

- سأفعل كل شىء فعلته، فقد كنت مؤمنًا بمشاركتى فى ثورة ٢٥ يناير، كما أنى كنت مؤمنًا بمشاركتى فى ثورة ٣٠ يونيو، وسأظل مؤمنًا بها، لأنى أرى أن الإخوان هم من ألقوا بأنفسهم إلى التهلكة، لأنهم عندما تولوا مقاليد الحكم بدأوا يمارسون سلطتهم بالعنف، حتى إنه بعد مرور ١٠٠ يوم فقط على توليهم الحكم خرج الناس فى مظاهرات ضدهم، وكانت ردود أفعالهم على تلك المظاهرات عنيفة جدًا، وقوبلت بالقمع الشديد. 

وأذكر أن أكثر ما دفعنى إلى التفكير فيما ينبغى عمله حتى يرحل الإخوان عن الحكم هو صديقى الصحفى الحسينى أبوضيف، رحمه الله، الذى قُتل غدرًا، وهذا الغدر هو الذى أضرم النيران فى داخلى ودفعنى للتخلص من الإخوان، فما ذنب شخص نزل ليؤدى عمله بدون تظاهر أو أى شىء ومن ثم يُقتل غدرًا وبدم بارد.

ومقتل الحسينى أبوضيف كان المحرك الأساسى والحاسم لى، ودفعنى لأن أتخذ موقفًا ضد الإخوان، لكنى قبل ذلك كنت فى بعض الأوقات أقول إن علينا أن نمهلهم فرصة لأنهم ربما يقدمون شيئًا مفيدًا للبلد.

■ هل تراجع نفسك عندما تسمع دعوات مغرضة ضد ثورة ٣٠ يونيو مع تعمد البعض التشكيك فيها؟

- لا إطلاقًا.. لكن أرى أن بعض الناس تنسى، ولو عادوا وبحثوا قليلًا لعرفوا ما الذى كان يدور وقتها، وساعتها ستثبت أفكارهم ويدركون أن رد الفعل تجاه الإخوان كان مناسبًا جدًا لما كان يحدث.

ولا بد هنا أن يحدث الفصل بين ما حدث فى ٣٠ يونيو إلى ٣ يوليو، وبين ما يحدث الآن، لأننا إذا كنا نتعرض فى الوقت الحالى لبعض الظروف والمشكلات فإننا فى النهاية نتحدث عن بلد يقف على أرض ثابتة وواضحة، وليس بلدًا مخطوفًا من قِبل جماعة الإخوان التى كانت تسعى لهدم هويته. 

وثورة ٣٠ يونيو كانت لمحاربة الإرهاب وبناء الدولة، ونعم يوجد الكثير من العقبات والمشكلات لكنها ستمر، وفى النهاية سيبقى البلد قائمًا ومحتفظًا بملامحه وهويته.

لماذا انتشرت حملة «تمرد» بهذه السرعة داخل المجتمع المصرى؟

- الحملة لم تكن ممولة من أى جهة، وكان أهم ما يميز القائمين عليها هو الثقة المتبادلة، وهذا هو السبب فى نجاح الحملة، بالإضافة إلى ثقة الشعب فينا، فالكل كان يعرف جيدًا أهداف حركة «تمرد»، ورغم أن كل محافظة كانت لها استراتيجية خاصة بها، فإن الناتج النهائى كان يصب فى اتجاه واحد.

والحركة أرادت استرجاع فكرة المقاومة الشعبية، ورمز هذه المقاومة الشعبية فى السويس كان مسجد الشهداء، وقبلها كانت التجمعات دائمًا ما تكون فى ساحة ميدان الأربعين، وبالتالى حرصنا على أن تنطلق «تمرد» من مسجد الشهداء.