مليارا مسلم يتطلعون لدعوات الحجيج على صعيد عرفات
"لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك".. بهذه التلبية الصادرة من قلوب راجية مغفرة الله تعالى، وقف اليوم الحجيج، الذين جاءوا من كل فج عميق على جبل عرفات؛ ليؤدوا الركن الأعظم في الحج، رافعين أيديهم إلى السماء، داعين الله عز وجل أن يجعل حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا، وأن يغفر الله ما تقدم وما تأخر من ذنبهم.
سيؤدي ضيوف الرحمن صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم بأذانين وإقامة واحدة، ثم يقومون بالنفرة الى المزدلفة عقب أذان المغرب مباشرة، لأداء صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير والمبيت بها، وجمع الجمرات قبل التوجه إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى، والتوجه إلى المسجد الحرام لأداء طواف الإفاضة والسعي والتحلل من الإحرام.
ورصدت وكالة أنباء الشرق الأوسط، وصول جميع حجاج بعثة الحج المصرية؛ حيث كان حجاج بعثة القرعة أول من وصلوا إلى عرفات الله أمس الجمعة، بعد أن تم تصعيدهم في سهولة ويسر في إطار ما يسمى بخدمة "الرد الواحد"، بعد أن تم تقسيمهم إلى مجموعات، بواقع 49 حاجا بكل حافلة، وتلاهم وصول حجاج بعثة الجمعيات، ثم حجاج بعثة السياحة، والذين قضوا يوم التروية بمشعر منى قبل التوجه إلى عرفات الله.
الخدمات المقدمة للحجاج
قام أعضاء بعثة حج القرعة، بتقديم وجبات ساخنة لحجاج البعثة داخل مخيماتهم المكيفة بعرفات، والتي تتميز بموقعها بالقرب من مسجد نمرة، لتضاف إلى الوجبة الجافة التي سبق وأن أهدتها البعثة لحجاجها لاستخدامها في طعام الإفطار خلال يوم عرفة وأيام التشريق.
وجبل "عرفة" هو سهل منبسط محاط بقوس من الجبال ووتره وادي عرنة، ويقع على الطريق بين مكة والطائف شرقي مكة المكرمة بنحو 22 كيلومترًا، وعلى بعد 10 كيلومترات من مشعر منى، و6 كيلو مترات من المزدلفة بمساحة تقدر بنحو 4ر10 كيلو متر مربع، وليس بعرفة سكان أو عمران إلا أيام الحج، باستثناء بعض المنشآت الحكومية.
ويوم عرفة خير يوم طلعت عليه الشمس، بل هو خير أيام الله جميعا، وعلى صعيد هذا المكان الطاهر، تقف اليوم جموع الحجيج في زمان ومكان واحد، تشرأب فيه الأعناق، وترتفع الأيادي بالضراعة لله، طلبا لمغفرته ورحمته، وقد أتوا من كل أصقاع الدنيا بلباس واحد، لا فرق بين غني وفقير ولا بين رئيس ومرؤوس.
وروى جابر- رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله "إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ فَيُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا، ضَاحِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ"، فلم ًُير يومٌ اكثر عتقا من النار من يوم عرفة، وبعرفة نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".
ومن الأماكن بمشعر عرفة، "نمرة"، وهو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة، ثم خطب فيه بعد زوال الشمس وصلى الظهر والعصر قصرا وجمعا "جمع تقديم"، وبعد غروب الشمس، تحرك منها إلى مزدلفة.
وفي أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري، بنى مسجدًا في موضع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يعرف الآن بمسجد نمرة، فيما توالت توسعات المسجد التي تمت على مر التاريخ وصولًا للوقت الحالي.
وأصبحت مقدمة مسجد نمرة خارج عرفات، ومؤخرة المسجد في عرفات، وهناك لوحات إرشادية تشير إلى ذلك.
وفي شرق عرفة، يقع جبل الرحمة وهو جبل صغير يتكون من حجارة صلدة يصعد عليها بعض الحجاج يوم الوقوف، ولا يعد الوقوف على الجبل من واجبات الحج، وللجبل أسماء أخرى منها "القرين"، وجبل الدعاء، وجبل الرحمة، وجبل الآل على وزن هلال، والحكمة من الوقوف بعرفات كما يقول العلماء، هو التشبه بحال الواقفين في فسيح القيامة، والواجب على الحاج في هذا الموطن، أن يتضرع إلى الله تعالى ويلجأ إليه في المغفرة، ليتحقق الرجاء في الرحمة.