صيف مصرى أكثر وحشية!
ارتفاع درجات الحرارة فى مصر، كان محل اهتمام بالغ، ومبالغ فيه، من وكالة «بلومبرج»، التى ذكرت فى تقرير، نشرته أمس الأول، الأربعاء، أن «خبراء هيئة الأرصاد الجوية المصرية» يشعرون بالقلق من أن يكون هذا الصيف «أكثر وحشية من السنة الماضية»، ويتوقعون أن «يحدث دمارًا فى الحياة اليومية» للمصريين. ولكونها «من أكثر الدول تأثرًا بتغير المناخ»، رأت الوكالة أن ما تشهده مصر يقدّم لمحة عما ينتظر الاقتصادات فى جميع أنحاء العالم خلال الصيف المقبل ومستقبلًا!
بالفعل، يتوقع خبراء المناخ ارتفاعًا شديدًا فى درجات الحرارة، هذا الصيف، فى أجزاء كثيرة من العالم، بسبب «الاحتباس الحرارى»، غير أن تقرير «بلومبرج» يرى أن هذه الظاهرة تمثل مشكلة خطيرة بشكل خاص لمصر، التى وصفها بـ«الدولة الصحراوية»، موضحًا أن تركيبتها الجغرافية ومواردها المائية المحدودة تجعلان ارتفاع درجات الحرارة فيها أسرع مرتين من باقى أنحاء الكوكب. كما أشار التقرير إلى أن «مسئولى المناخ»، الذين لم يذكر أسماءهم أو صفاتهم، يخشون من أن تتضرر بعض محاصيل هذه السنة بشدة، كما حدث مع البرتقال والمانجو والذرة، خلال السنة الماضية.
مع ترجيحها أن يؤدى انخفاض إنتاج محصول القمح، مثلًا، إلى زيادة الاعتماد على الواردات لإطعام المصريين، ذكرت الوكالة أن انقطاع التيار الكهربائى يؤدى إلى تأثيرات حادة على معدلات الإنتاج، إذ يتم إغلاق أجهزة الكمبيوتر المحمولة أثناء الاجتماعات الافتراضية، الـ«أونلاين»، ويسرع الموظفون إلى منازلهم مبكرًا، عندما يتم الإعلان عن تخفيف الأحمال، بشكل مسبق، لتجنب الوقوع فى المصاعد، التى نقلت الوكالة عن «تقارير وسائل الإعلام المحلية» أنها تسببت فى مقتل عدد من الأشخاص خلال محاولاتهم الخروج منها، وقت الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائى.
صيف آخر من انقطاع التيار الكهربائى على نطاق واسع، سيؤدى، بحسب التقرير، إلى زيادة الضغوط على ميزانية الدولة، وعلى السكان، الذين يعانون بالفعل من ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار الوقود. كما ذكرت الوكالة أن الحرارة المرتفعة ضربت مناطق العطلات، لافتة إلى أن أسوان، المدينة ذات الآثار والمعابد الفرعونية، وواحدة من الوجهات السياحية الأكثر شعبية فى البلاد، سجلت يوم ٦ يونيو الجارى أعلى درجة حرارة لها على الإطلاق، بلغت ٤٩.٦ درجة مئوية فى الظل.
بسبب ارتفاع درجات الحرارة، شهدت تايلاند، خلال هذه السنة، عددًا من الوفيات يزيد عما شهدته طوال سنة ٢٠٢٣ بأكملها، وتواجه المكسيك والمغرب موجات جفاف حادة، وتزايدت احتمالات حدوث حرائق فى غابات اليونان وإسبانيا والريفيرا الفرنسية، ويتوقع خبراء أن تشهد الولايات المتحدة موسمًا نشطًا للغاية من الأعاصير المدارية والفيضانات المفاجئة و... و... ويؤكد كارلو بونتيمبو، مدير خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ فى المركز الأوروبى للأبحاث، أن معدلات الوفيات المرتبطة بارتفاع درجة الحرارة زادت بنسبة ٣٠٪، فى الغالبية العظمة من دول أوروبا، خلال السنوات العشرين الماضية.
مع ذلك، نقل التقرير «مخاوف» أميرة ناصر، «عالمة الأرصاد الجوية بالقاهرة»، من حدوث تداعيات محتملة أخرى فى مصر، من بينها «استقبال فئة من الوفيات بسبب ارتفاع درجات الحرارة». ومع أن الأستاذة أو «الدكتورة» أميرة، التى تشغل منصب «نائب مدير المكتب الفنى بالهيئة العامة للأرصاد الجوية»، أوضحت للوكالة أن درجات الحرارة لم تصل فى مصر، مطلقًا، إلى ٥٠ درجة مئوية، إلا أنها أكدت ضرورة «أن نكون مستعدين وأن تكون لدينا خطط طوارئ، مثل خطط مواجهة الفيضانات».
.. أخيرًا، وبغض النظر عن اختلافك، أو اتفاقك، مع بعض أو كل ما سبق، نرى أن الطقس المتطرف فى مختلف أنحاء العالم، وليس فى مصر وحدها، يحتاج إلى تسليط مزيد من الضوء على أزمة تغير المناخ وتأثيراتها، التى خرجت عن السيطرة، والتى تجعلنا نرجِّح أن يشهد كوكب الأرض حالات غير مسبوقة من الظواهر الجوية القصوى، التى قد تكون لها عواقب غير مسبوقة فى تاريخ البشرية.