طلاب القاهرة يودعون المدينة الجامعية.. ومغتربون: هى ذكريات لا تُنسى
كانت ومازالت مدينة الطلبة بجامعة القاهرة الواقعة في منطقة بين السريات موطنًا وملاذًا للكثير من المغتربين، القادمين من محافظات الجمهورية كافة ممن هجروا منازلهم وأسرهم بقصد العلم وتحقيق الذات.
ومع انقضاء أعوام الدراسة تصبح المدينة بالنسبة لهم موجة من موجات الذكريات، لا تنفصل عنهم ما عاشوا، لعل ذلك ليس إلا حنينًا لاستعادة أحلام المرحلة الجامعية.
طلاب المدينة الجامعية
قال محمد الليبي، طالب بالفرقة الثالثة بكلية تجارة جامعة القاهرة، إن الأنظار تتجه مع دخول المدينة إلى تلك المباني الـ15 الضخمة المكونة من 5 طوابق وقاطنيها من الطلبة المغتربين الذين لا ينقطعون عنها طوال مدة دراستهم إلا أشهر معدودات، ليقضوا فترة العطلة الصيفية بين أسرهم ولكل فرد منهم واجبات ملقاه على عاتقه؛ حيث يغادرون الفراش عادةً عند الثامنة، استعدادًا لمحاضرة التاسعة ولا يرجعون للمدينة من الحرم الجامعي إلا قبيل العصر بقليل، على موعد الغداء في مطعم المدينة، أما نمط معيشتهم بقية اليوم فيمارسونه بشكل طبيعي.
ذكر أحمد العباسي خريج إعلام القاهرة، أن حياة الطلبة بالمدينة مرتبطة دائما بالأفنية الواسعة كالمسجد والمطعم والاستراحة، وقاعة المذاكرة عدا غرف المعيشة الضيقة، التي لم يكن لنا من مهرب فيها إلا شرفة، وهي تطل على حديقة واسعة ترى فيها الطلاب لا يكفون على المذاكرة.. وكنا إذا لمسنا ضيقًا دعونا صديقًا من الأصدقاء؛ ليشاركنا لهوى الحديث، ويؤنس وحشتنا، أو نمضي وثبًا لشيخ المسجد؛ لنصغي إليه في صمت، وكان إذا وجد فرصة مناسبة أخذ يلقننا بعضًا من مبادئ الدين، كأهمية المحافظة على الصلاة.
وأشار عباسي إلى أن ذكريات تلك المرحلة لا تُنسى، ومنها يوم إعلان رئيس الجامعة عن نقل جميع مباريات كأس العالم للطلبة المغتربين بالمجان، كما أتذكر تفاصيل ذلك اليوم كأنه الأمس، عندما أثارت تلك الأنباء شجنًا في المدينة حتى ابتسمت لها قلوب الذين يعشقون متابعة كرة القدم، فقد تضاءلت نفقتهما، واقتصرت المسافات؛ حيث كنا لنشاهد مباراة واحدة نقطع شوطًا طويلًا في عبور الطرقات لنصل لأحد المقاهي المحيطة بالمدينة، فضلًا عن مبالغة أصحابها في أسعار المشروبات.
وأوضح إبراهيم نبيل، خريج كلية الحقوق جامعة القاهرة أن المدينة الجامعية لا تجعله عادةً ينفق المال بغير ضرورة ملحة، فهي توفر له المسكن والطعام وقاعات المذاكرة التي يتردد عليها باستمرار؛ للقراءة في شتى الثقافات إلى جانب دراسة المواد القانونية الشاقة.
وأضاف نبيل أن وداع المدينة كان غاية في الصعوبة؛ لأن ذكريات ذاك العهد الجامعي لا تنفصل عنها، فما المدينة بعمارات وأبنية وشبكة طرقات، ولكنها صرح ثابت من الزمان تحوم حوله ذكرياته الجميلة التي لاتزال تعلق بالأذهان؛ لذلك شاهدنا بعين الحسرة عناق الرفاق ومشهد الحقائب وهي تعد؛ استعدادًا للرحيل.. فكانت الأعوام التي قضيناها بالمدينة كالحلم، ولكن الأحلام لا تدوم.