الكنيسة المارونية تحتفل بذكرى مار برتلماوس الرسول
تحتفل الكنيسة المارونية بذكرى مار برتلماوس الرسول، الذي وُلد في الجليل وهو من الرسل الاثني عشر. ومعظم الشرّاح يقولون إنّه نثنائيل الذي كان تلميذ يوحنّا المعمدان وأضحى تلميذ المسيح.
بعد القيامة، انطلق برتلماوس يبشّر في آسية الصغرى وأرمينيا والهند. مضى إلى بلاد فارس ثمّ عاد إلى أرمينيا حيث ردّ الكثيرين إلى الإيمان المسيحيّ. حنق عليه الوثنيّون وأمسكوه وجلدوه جلدًا عنيفًا وهو صابر يشكر اللّه. سلخوا جلده كلّه وأخيرًا قطعوا رأسه فنال إكليل الشهادة سنة 71. دفنَ المؤمنون جسده وصار قبره مزارًا يؤمّونه تبرّكًا وطلبًا للنعم. نُقلت رفاته إلى صقليّة حيث بُنيت كنيسة على اسمه وُضعت فيها ذخائره.
وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: يخبرنا يوحنّا الإنجيلي أنّه عندما "رأَى يسوعُ نَتَنائيلَ آتِيًا نَحَوه فقالَ فيه: هُوَذا إِسرائيليٌّ خالِصٌ لا غِشَّ فيه". هذا المديح يذكّرنا بنصّ المزمور القائل: "طوبى لِمَن... ليس في روحِه خِداع"، وأثار هذا الأمر فضوليّة نَتَنائيل الذي أجاب بدهشة: "مِن أَينَ تَعرِفُني؟". لم يكن جواب المسيح قابلاً للفهم بسرعة حيث قال: "قبلَ أَن يَدعوَكَ فيلِبُّس وأَنتَ تَحتَ التِّينَة، رأَيتُك". نحن لا ندري ما حصل تحت التينة. لكن من الواضح أنّ هذه اللحظة كانت حاسمة في حياة نَتَنائيل. لقد تأثّر نَتَنائيل في أعماق قلبه بكلام المسيح، وشعر بأنّه يُفهَم وبأنّه قد فَهِم: هذا الرجل يعرف كلّ شيء عنّي. إنّه يعلم ويعرف طريق الحياة وأستطيع حقًّا أن أثق بهذا الرجل. وهكذا أجاب بإيمان واضح وجميل قائلاً: "راِّبي، أَنتَ ابنُ الله، أَنتَ مَلِكُ إِسرائيل".
في هذا الاعتراف، ظهرت أوّل خطوة مهمّة في طريق الانضمام إلى المسيح لقد سلّطت كلمات نَتَنائيل الضوء على الجانب المكمّل لهويّة المسيح: لقد عرّفت عنه بعلاقته المميّزة مع الله الآب والذي هو ابنه الوحيد، كما عرّفت عنه بعلاقته بشعب إسرائيل إذ أعلنت أنّه الملك وهو صفة خاصّة بالمسيح المنتظر. يجب علينا ألاّ نغفل أيّ من هاتين الصفتين، لأنّه لو أعلنّا فقط الصفة السماويّة للرّب يسوع، نكون قد خاطرنا بكلام عن "كائن" أثيري متغيّر. وبالعكس، إذا لم نعترف إلاّ بوجوده الملموس في التاريخ، ننتهي عندها بإغفال البعد الإلهي الذي يتحلّى به بالتحديد.