4 ملفات تهدد بإسقاط حكومة نتنياهو خلال أيام
قد يكون الأسبوع الجارى أسبوعًا مصيريًا فى إسرائيل، إذ سيقرر الوزير فى حكومة الحرب بينى جانتس ما إذا كان سيستقيل من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أم لا، فيما ينتظر وزراء اليمين المتطرف رد «نتنياهو» على مقترح الرئيس الأمريكى جو بايدن لوقف إطلاق النار، مع الضغط عليه لرفض المقترح، فيما توشك أزمة تجنيد «الحريديم» على الانفجار.
إلى جانب ذلك، يثور بعض المشكلات داخل حزب «الليكود»، الذى يتزعمه «نتنياهو»، ضد سياسته، فيما يحاول بعض أحزاب المعارضة التوحد ضده، مع الدعوة لانتخابات مبكرة فى إسرائيل.
وتضع كل هذه التهديدات الحكومة الحالية فى تحديات كبيرة، ويمكن أن يؤدى كل واحد منها، أو كلها مجتمعة، إلى تفكيك الائتلاف الحاكم وحل حكومة «نتنياهو»، رغم اختلاف تأثير كل منها وقوته، وهو ما نستعرضه فى السطور التالية.
انسحاب جانتس والوزراء المتطرفين من الحكومة بسبب «صفقة بايدن»
يتمثل التهديد الأول لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، فى الانسحاب المرتقب لحزب «معسكر الدولة»، بقيادة بينى جانتس، من الحكومة، خلال ساعات.
يأتى هذا بعد أن تلقى «جانتس» العديد من الانتقادات، لإصراره على البقاء فى الحكومة الحالية، وكان رده فى حينها أن إسرائيل فى حالة حرب، وأن مصلحة الدولة أهم من مصلحته الشخصية.
عمليًا، وحتى دون «معسكر الدولة»، يمكن لـ«نتنياهو» الاستمرار فى الحكم بائتلافه الأصلى المكون من ٦٤ مقعدًا، لكن التقديرات فى تل أبيب تشير إلى أن استقالة «جانتس» ستدفع الإسرائيليين إلى مزيد من الاحتجاجات ضد الحكومة والمطالبة بإسقاطها، وستخلق وضعًا يجعل من الصعب عليها الاستمرار فى الحكم. هذا يمكن أن يتصاعد إلى حد التفكك الكامل للحكومة وحل الكنيست، خاصة أن «جانتس» يعد الجانب المعتدل فى الحكومة الحالية أمام العالم، خاصة فى الولايات المتحدة، التى ستجد صعوبة فى التعامل مع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة.
«جانتس» ليس وحده من يهدد الحكومة، بل هناك أيضًا أعضاء الكنيست من حزب «الليكود»، وشركاء آخرون لـ«نتنياهو» من اليمين، مثل: الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذان أعلنا عن أنهما سيحلان الحكومة إذا ما قبل «نتنياهو» الاقتراح الذى كشف عنه الرئيس الأمريكى جو بايدن، منذ أسبوع، وقدم خلاله خطة من ٣ مراحل لإنهاء الحرب على غزة.
ويحاول «نتنياهو» حاليًا التفاوض مع شركائه اليمينيين، ودعا «بن غفير» لمكتبه، الإثنين الماضى، ليقدم له مسودة الاتفاق الذى يتم إعداده لصفقة تحرير المحتجزين فى قطاع غزة، رغم أنه لم يكن يطلعه على التفاصيل فى السابق، كما أوضح له أن الصفقة لا تعنى إنهاء الحرب.
وإذا حدث وقبلت حركة «حماس» الفلسطينية الصفقة الأمريكية؛ فإنه ليس من المؤكد أن يتصرف «بن غفير» مثل المرة الماضية، عندما صوّت ضد الصفقة، لكنه لم ينحسب من الحكومة، فهذه المرة قد ينسحب فعلًا، خاصة أن كلًا من «بن غفير» و«سموتريتش» توعدا بحل الحكومة، لكن لا أحد يعرف مدى جديتهما هذه المرة.
ورغم أن «نتنياهو» قد نجح حتى الآن فى التلاعب، بحيث لا يتم طرح الصفقة الكاملة على طاولة مجلس الوزراء للتصويت عليها، فإن تحرك «بايدن» العلنى الآن سيجبره على التعامل مع هذه القضية، وتنفيذ صفقة إعادة المحتجزين وإنهاء الحرب، وهو ما قد تكون له تكاليف بعيدة المدى بالنسبة لـ«نتنياهو»، الذى سيتعين عليه الاختيار بين الصفقة والحكومة.
ترتيبات المعارضة لتوحيد الصفوف والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة
مؤخرا، انتُخب يائير جولان زعيمًا لحزب «العمل» بأغلبية ٩٥٪، الذى جاء بعد فترة ضعف للحزب تحت قيادة ميراف ميخائيلى، التى كان هناك من اعتقد أنها تسير على خطى رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين، إلا أنها لم تصل بالحزب إلى أى مكان، بل أوصلته إلى ما دون نسبة الحسم فى الانتخابات الأخيرة.
صحيح أنه من الصعب أن نتوقع ماذا ينتظر حزب «العمل» برئاسة «جولان»، لكن من الواضح أن رئيس الحزب الجديد سيعمل على توحيد كل أحزاب اليسار فى إسرائيل ضمن كتلة واحدة.
ومؤخرًا، دعا «جولان» زعماء الاحتجاج فى الساحات والمؤيدين لهم إلى الانضمام إلى حزب «العمل» برئاسته، وسيكون هدفه الواضح- كما يبدو- هو إسقاط حكومة «نتنياهو».
وإذا تمكنت كتلة اليسار برئاسته من سرقة مقاعد من حزبى الوسط، «هناك مستقبل» و«معسكر الدولة»، فإن المعركة بين زعماء الأحزاب الثلاثة، «جولان» و«جانتس» و«لابيد»، ستكون حول من سيقود اليسار فى إسرائيل.
وهناك حاليًا من يريد أن يقدم يائير جولان على أنه الشخص الذى سينافس «نتنياهو»، لكن عمليًا فإن التنافس سيكون فى اللحظة التى تلى إسقاط الحكومة، كما أنه من المشكوك فيه أن ينجذب الجمهور الإسرائيلى إلى مرشح يسارى بالكامل بعد هجوم ٧ أكتوبر، الذى، حسب استطلاعات الرأى، قد تسبب فى انحراف الإسرائيليين نحو اليمين.
من ناحية أخرى، فإن هناك ترتيبات تجرى حاليًا بين أفيجدور ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، وزعيم المعارضة يائير لابيد، ورئيس حزب «اليمين الوطنى» جدعون ساعر، بهدف وضع خطة لإسقاط حكومة «نتنياهو»، وتقديم موعد الانتخابات.
وغرفة العمليات هذه، التى يبادر «ليبرمان» إلى تشكيلها، ربما تكون نواة لتشكيل حزب يمينى ليبرالى جديد، قد يجمع مئات الآلاف من ناخبى «الليكود» وأحزاب اليمين، الذين خذلتهم حكومة «نتنياهو»، الذين يواجهون صعوبة فى تأييدها، أو التصالح مع هذه الحكومة، التى يفرض جدول أعمالها كل من «بن غفير» و«سموتريتش»، فضلًا عن سلوك رئيس الحكومة «نتنياهو» ووزراء الليكود.
لكن ليس واضحًا حتى الآن مدى تأثير هؤلاء، ولا مدى تقبل الجمهور اليمينى الإسرائيلى لهم كبديل عن «الليكود».
وبشكل عام، فإن هذه الترتيبات ستكون ذات جدوى فيما بعد إسقاط الحكومة، لكنها حتى تلك اللحظة لا تشكل التهديد الذى قد يتسبب فى إسقاط حكومة «نتنياهو».
تشكيل جبهة موحدة للمعارضين
منذ فترة طويلة، هناك أنباء متداولة عن توتر داخل حزب «الليكود»، وكان هناك بعض الشائعات أن الحزب سيتخلى عن زعيمه «نتنياهو»، لكن خلال السنوات الأخيرة ترددت هذه الأنباء كثيرًا، وفى اللحظة الحرجة تمسك الحزب بـ«نتنياهو»، أو استطاع هو أن يتخلص من محاولات بعض «الليكوديين» لتنفيذ انقلاب ضده أولًا بأول.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أصبح هناك الكثير من الليكوديين الذين ينتقدون سلوك «نتنياهو» بشكل معلن، مثل أعضاء الكنيست عميحاى شيكلى ودان إيلوز وموشيه سعادة، الذين أصبحوا يشكلون جبهة موحدة ويتفقون فى انتقادهم لـ«نتنياهو»، وإزاء قضايا يمينية مختلفة، بما فى ذلك قضية تجنيد «الحريديم». إلى جانبهم، يتخذ وزير الدفاع يوآف جالانت، ورئيس لجنة الخارجية والأمن يولى إدلشتين، موقفًا مستقلًا، وكثيرًا ما يتحديان «نتنياهو» علانية.
ومؤخرًا، انضم الوزير نير بركات إلى انتقاد سياسة ما قبل ٧ أكتوبر، وكذلك دانى دانون، وحتى ديفيد بيتان، الذى لديه العديد من الانتقادات عن سلوك «الليكود» فى عدد من القضايا.
ولكن رغم أن كلًا منهم لديه غضب ما من «نتنياهو»، فإن احتمال أن يتحدوا جميعًا ويشكلوا جبهة ضده أو الانقلاب عليه ليس كبيرًا، وربما ليس هذا هو التهديد الحقيقى الذى قد يطيح بحكومة «نتنياهو».
قرب انفجار احتجاجات تجنيد «الحريديم»
احتجاجات تجنيد اليهود المتشددين دينيًا «الحريديم» تعد هى التهديد الأكثر قابلية للانفجار، فطالما انهارت ائتلافات سابقة فى إسرائيل، ولـ«نتنياهو» نفسه؛ بسبب تلك الأزمة التى كما يبدو لا حل لها. وحاليًا، هناك العديد من الاضطرابات التى يسببها قانون التجنيد فى أوساط «الحريديم»، وخلال الأسابيع الماضية ظل المسئولون فى مكتب «نتنياهو» والمقربون منه يحاولون إيجاد الصيغة السحرية التى تسمح بحل المشكلة، بينما أصبحت احتياجات الجيش إلى مزيد من المجندين أكثر إلحاحًا من أى وقت مضى، بسبب الحرب المستمرة منذ ٨ أشهر.
ورغم الجهود يبدو أنه من المستحيل التوصل إلى صيغة يتفق عليها الطرفان، أى «الحريديم» من جهة، ووزير الدفاع يوآف جالانت والوزير فى حكومة الحرب بينى جانتس من جهة أخرى،
لكن إذا تم حرمان «الحريديم» من مخصصاتهم المالية، فربما يكون هذا هو الانفجار الكبير الذى سيطيح بالحكومة.