هل يجوز قص الأظافر قبل الأضحية؟.. إليك الأحكام بالتفصيل
تعتبر الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة فرصة لكل مسلم لينال الأجر الوفير وأن يدرك سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومغفرة الله-عز وجل-، إذ ينبغي للمسلم أن يغتنم هذه الفرصة ويتقرب إلى الله بالصيام والصدقات وقراءة القرآن والأذكار.
ومع بداية أول أيام ذي الحجة، كثر تساؤل المسلمين حول هل يجوز قص الأظافر قبل الأضحية؟، وهو ما تُجيب عنه "الدستور" وفقًا للأحكام الشرعية وآراء الفقهاء بالأدلة القرآنية والسنة النبوية.
هل يجوز قص الأظافر قبل الأضحية؟
يقول ابن الباز رحمه الله: "من أراد أن يضحي وقد دخل شهر ذي الحجة إما لرؤية الهلال أو لمضي ثلاثين يوما من ذي القعدة، فإنه يحرم عليه أن يأخذ من شعره شيئا، أو أظفاره أو جلده حتى يذبح الأضحية، مستدلًا بحديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة - وفي لفظ آخر - في أيام العشر. ابدأوا، وإذا أراد أحدكم أن يضحي، فليكف عن شعره وأظفاره). (رواه أحمد ومسلم)
وفي أول شهر ذي الحجة (1 ذو الحجة) فيسن لمن أراد الأضحية أن لا يقص شعره من رأسه أو وجهه أو جسده، وكذلك أظفاره حتى تتم عبادة الأضحية، وهذا مطابق لحديث أم سلمة رضي الله عنها حيث سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ"
“من كان معه هدي ممن يذبحه، ودخل شهر ذي الحجة، فلا يقص شعره ولا يقلم أظفاره حتى يضحي”.
قال الإمام النووي في كتابه المنهاج شرح صحيح مسلم: وأما الحديث المتقدم فقد فهمه بعض أهل العلم على النهي عن قص الشعر وشعر الجسم والأظافر، وهذا قول سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وداود الظاهري وإسحاق وبعض علماء أصحاب الشافعي، وأما الإمام الشافعي وغيره من أصحابه فإنهم يقولون: "إن القيد مكروه تنزيهًا وليس تحريمًا".
الإمام الشافعي وأصحابه: يسن المنع حتى تتم الأضحية
وعلى ما تقدم من الأقوال، نبين هنا أنه لمن نوى الأضحية، فإنه يسن في الأول من ذي الحجة ألا يقص أظافره، وشعر الجسم أيضًا، حتى تتم أضحيته، وهذا رأي الإمام الشافعي وأصحابه، وكذلك القول النهائي للمذهب الشافعي.
ومن الحكمة التي ذكرها الإمام النووي رحمه الله في كتابه (السيارة) حصر قص الأظافر والشعر لمن أراد الأضحية، حتى ينجو كل جزء من جسده من عذاب النار، وعلى قول ضعيف أن من يريد التضحية فهو مثل المحرم حيث يحرم عليه قص شعره وشعر جسده وأظافره وغير ذلك من المحرمات. والله أعلم.
رأي دار الإفتاء المصرية
في وقت سابق، كانت قد أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد إليها يقول: "ما مدى سنية أو بدعية عدم أخذ المضحي من شعره وأظافره بعد دخول شهر ذى الحجة؟، وجاء رد الدار كالآتي:
الأضحية: ما يُذَكَّى من النَّعم تقرُّبًا إلى الله تعالى في أيام النحر، وهي سنة مؤكدة على القادر عليها؛ لما روى مسلم في "صحيحه" عن أنس رضي الله عنه قال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا"، وأيضًا لما جاء في "سنن" ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا»، وروى البيهقي عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: "لَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَمَا يُضَحِّيَانِ عَنْ أَهْلِهِمَا خَشْيَةَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهِمَا"، مخافة أن يُرى ذلك واجبًا.
ويُسن للمضحي إذا أراد الأضحية، ولمن يعلم أن غيره يضحي عنه، ألَّا يزيل شيئًا من شعر رأسه أو بدنه بحلق أو قص أو غيرهما، ولا شيئًا من أظفاره بتقليم أو غيره، وذلك من ليلة اليوم الأول من ذي الحجة إلى الفراغ من ذبح الأضحية، ودليل هذا ما أخرجه مسلم في "صحيحه" عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»، وفي رواية أخرى في "مسلم" أيضًا: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ»، فيكره له إزالة شعره أو تقليم أظفاره، ولا يَحْرُم؛ لما أخرجه البخاري في "صحيحه" عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قالت: "كُنْتُ أَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَيَبْعَثُ هَدْيَهُ إِلَى الكَعْبَةِ، فَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِمَّا حَلَّ لِلرِّجَالِ مِنْ أَهْلِهِ، حَتَّى يَرْجِعَ النَّاسُ".
نقل الإمام النووي في "المجموع" (8/ 392، ط. دار الفكر) عن الإمام الشافعي قوله: [البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية، فدل على أنه لا يحرم ذلك.
وبناءً على ما سبق: فإنه يسن لمن يريد التضحية ألَّا يأخذ شيئًا من شعره ولا ظفره إذا دخل شهر ذي الحجة حتى يُضحي، ولا يَحْرُم عليه هذا، وعدم الأخذ أولى؛ خروجًا من خلاف الحنابلة.