القمة الكورية الإفريقية
تحت شعار «المستقبل الذى نصنعه معًا.. مشاركة النمو والاستدامة والتضامن»، استضافت كوريا الجنوبية، أمس وأمس الأول، الثلاثاء والأربعاء، «القمة الكورية الإفريقية» الأولى، التى استهدفت تعزيز الشراكة، والبناء على ما تحقق منذ بداية العلاقات بين الجانبين، سنة ١٩٤٨، خاصة فى ضوء التحديات المتعددة، والمعقدة، التى تواجهها الجهود التنموية فى مختلف دول العالم.
بدأت العلاقات الكورية الإفريقية، حين اعترفت مصر باستقلال الدولة الصديقة، وسبقها «إعلان القاهرة»، الصادر سنة ١٩٤٣، الذى لفت انتباه المجتمع الدولى إلى ضرورة ذلك الاستقلال. وفى إطار محاولاتها، أو رؤيتها، للعب دور أكبر على الساحة الدولية، حرصت كوريا الجنوبية، منذ سنوات، على استكشاف سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول القارة السمراء، بعد أن أدركت، وفقًا لبيان أصدره المكتب الرئاسى للدولة الصديقة، أن «التعاون مع إفريقيا لم يعد خيارًا، بل ضرورة حتمية».
القمة، التى ترأسَّها الرئيس الكورى الجنوبى يون سوك يول والرئيس الموريتانى محمد ولد الغزوانى، الرئيس الدورى للاتحاد الإفريقى، شاركت فيها ٤٨ دولة إفريقية، بمستويات تمثيل مختلفة، إضافة إلى ممثلين للاتحاد الإفريقى، ومجموعة البنك الإفريقى للتنمية، واتفاقية التجارة الحرة الإفريقية، و... و... وجرى، على هامشها، توقيع ١٢ اتفاقية و٣٤ مذكرة تفاهم. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن علاقات مصر بكوريا الجنوبية، ودول القارة الآسيوية، إجمالًا، شهدت طفرة، أو نقلة نوعية كبرى، منذ منتصف ٢٠١٤ فى ظل اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بتكوين شبكة علاقات دولية واسعة، تستعيد بها مصر ثقلها السياسى، إقليميًا ودوليًا، وتدعم من خلالها إصلاحها الاقتصادى وخططها التنموية الطموحة.
نيابة عن الرئيس السيسى، ترأست الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى، الوفد المصرى المشارك فى القمة، وتناولت فى كلمتها، كلمة مصر، رؤية الدولة لتعزيز العلاقات مع شركاء التنمية، وحشد الجهود الداعمة لتحقيق التنمية الاقتصادية، وتنفيذ تطلعات القارة الإفريقية، سواء على المستوى الثنائى، أو من خلال رئاسة الكيانات التابعة للاتحاد الإفريقى، كاللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة التنموية الإفريقية، الـ«النيباد»، التى يتولى الرئيس السيسى رئاستها، إضافة إلى ريادته لملف إعادة الإعمار فى القارة، لافتة إلى أن مصر تثمِّن الشراكة الكورية الإفريقية، وترى فيها آفاقًا رحبة للتعاون وتحقيق الآمال المشتركة، كما ترى، أيضًا، أن الشراكات الدولية، سواء بين بلدان الجنوب وبعضها البعض، أو من خلال التعاون الثلاثى بين دول الجنوب ودول الشمال، من أهم آليات تعافى الاقتصاد العالمى.
اهتمام مصر بالتعاون الاقتصادى بين دول الجنوب بصفة عامة، وبين دول قارتها الإفريقية بصفة خاصة، يرتكز على إيمان راسخ بأن الدول التى تتشابه ظروفها الاقتصادية والاجتماعية، تكون أكثر قدرة على تعزيز التعاون فيما بينها، من خلال مشاركة أنجح السياسات والممارسات، التى أثبتت فعاليتها فى مواجهة التحديات التى يأتى على رأسها التغير المناخى وتداعياته، وتراجع البقعة الزراعية، الأمر الذى يؤكد ضرورة العمل سويًا على دعم آليات التعاون لتحقيق الأمن الغذائى وتوفير المياه والتكنولوجيا الحديثة للرى والزراعة، و... و... وغيرها من مجالات التعاون الحيوى بين الجانبين الكورى والإفريقى.
على المستوى الثنائى، يحظى تطوير العلاقات المشتركة بين مصر وكوريا الجنوبية بدعم كبير من قيادتى البلدين، انعكس، مثلًا، فى اختيار مصر شريكًا استراتيجيًا لكوريا الجنوبية فى خطط التعاون الإنمائى للفترة من ٢٠٢١ إلى ٢٠٢٥، وصول محفظة التعاون الاقتصادى إلى ١.٣ مليار دولار. كما جاء افتتاح أول مكتب لبنك التصدير والاستيراد الكورى فى مصر، ليعزز الفرص المتاحة للتعاون وخلق الشراكات البناءة بين القطاع الخاص فى البلدين، ويدعم جهود توطين الصناعة والتحول إلى الاقتصاد الأخضر.
.. وتبقى الإشارة إلى أن كلمة مصر أمام «القمة الكورية الإفريقية» أكدت ضرورة العمل على ضمان حق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره، والاعتراف بدولته المستقلة ذات السيادة، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية. كما حذّرت، مجددًا، من العواقب الإنسانية الهائلة للعمليات العسكرية الإسرائيلية فى مدينة رفح الفلسطينية، موضحة أن هذا التصعيد الخطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطينى.