بعد تجاوز الـ 105 ملايين نسمة.. هل تتجه مصر لتطبيق تجربة الصين للحد من الزيادة السكانية؟
في ظل التحديات الناجمة عن الزيادة السكانية المطردة في مصر، والتي وصلت إلى 105.858 مليون نسمة بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في الأول من يناير الماضي، تسعى الحكومة المصرية جاهدةً لإيجاد حلول جذرية للحد من هذه الزيادة، ومن بينها مبادرة "اتنين كفاية" التي تهدف إلى توجيه المواطنين نحو الالتزام بإنجاب طفلين فقط كحد أقصى.
وفي هذا السياق، كشف الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، عن دراسة الوزارة لتقديم حوافز إيجابية للسيدات الملتزمات بهذه المبادرة، حيث تعمل الوزارة على إقرار وديعة مالية تُمنح لكل سيدة عند بلوغها سنًا معينة، شريطة التزامها بإنجاب طفلين كحد أقصى فقط.
وتأمل الحكومة المصرية أن تسهم هذه المبادرة في خفض معدلات الزيادة السكانية تدريجيًا خلال السنوات المقبلة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة المواطنين
بحسب أحدث إحصائيات صندوق الأمم المتحدة للسكان، في 2022م، تحتل مصر المرتبة الأولى على مستوى الدول العربية من حيث عدد السكان، والثالثة أفريقيًا، والرابعة عشرة عالميًا.
وكانت الدولة بدأت بالفعل في حملات التوعية بأهمية تحديد النسل للنهضة بالبلاد، مستعينة بالتجربة الصينية، وتمثل ذلك في إطلاق وزارة التضامن الاجتماعي مشروع "2 كفاية" منذ عام 2018م، بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان وبتمويل جزئي من صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وهدف المشروع لترسيخ مفهوم الأسرة الصغيرة بواقع طفلين لكل أسرة، وتعزيز المفاهيم المجتمعية الإيجابية للحد من ممارسات كثرة الإنجاب، إلى جانب توفير المعلومات الصحيحة حول تنظيم الأسرة، وذلك باستهداف نحو مليون سيدة في 10 محافظات تعاني من ارتفاع معدلات الخصوبة والفقر مثل سوهاج وأسيوط والأقصر، بالتنسيق مع 108 جمعية أهلية في 2257 قرية ونجع.
برلمانية: التجربة الصينية نجحت على مدار 35 عامًا
وفي محاولة لتطبيق التجربة الصينية في المجتمع المصري، تقدمت النائبة رانيا الجزايرلي، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب المصري، بمقترح مشروع قانون لتنظيم النسل في مصر، بهدف مواجهة خطر الزيادة السكانية التي تؤثر على الأمن القومي والاقتصاد.
وتضمن مقترحها إقرار عدة حوافز لتشجيع السيدات على الالتزام بتنظيم النسل، منها حوافز مالية تصرف من خلال بطاقات التموين، ومنح تعليمية للدراسة في الخارج، بالإضافة إلى برنامج حوافز مالية للسيدات الملتزمات يتضمن وثيقة ادخارية مؤجلة تصرف مبلغ 60 ألف جنيه للسيدة عند بلوغ سن 45 سنة بشرط إنجاب طفلين على الأكثر، مستشهدة بنجاح التجربة الصينية التي استمرت لمدة 35 عامًا.
وفي 5 سبتمبر الماضي، أشار الرئيس السيسي إلى التجربة الصينية في التعامل مع قضية الزيادة السكانية، خلال المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية 2023، لافتًا إلى أن الوصول لهذا الأمر استغرق عدة سنوات، هي نفسها المدة التي أطلقت فيها الدولة المصرية برنامجها.
أستاذ اقتصاد: يجب الالتزام ببرنامج سكاني يتسم بالكفاءة
وعن تلك الأزمة، تحدث الدكتور ماجد عثمان، أستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن لديه عدة توصيات لتحسين فاعلية السياسات والاستراتيجيات السكانية في مصر، داعيًا كل الجهات الحكومية وغير الحكومية إلى الالتزام ببرنامج سكاني يتسم بالكفاءة في استخدام الموارد المحدودة.
ويرى "عثمان" ضرورة ترجمة الإرادة السياسية الداعمة لضبط النمو السكاني من المستوى المركزي إلى المحلي، بحيث تنعكس على صياغة السياسات والتشريعات القطاعية ذات الصلة، مؤكدًا أهمية مراعاة الاقتصاد السياسي للقضية السكانية، وتأثير جماعات المصالح الاقتصادية والسياسية والثقافية المختلفة على استراتيجيات ضبط النمو السكاني.
واقترح استحداث إطار مؤسسي متكامل ومرن يعالج المحاور المختلفة للقضية السكانية بشكل متوازن، ويضمن تحمُّل كل الشركاء لمسؤولياتهم. ويدعو إلى تطبيق آلية مستقلة للمتابعة والتقييم على المستوى المحلي، تعتمد على مؤشرات يتم قياسها وفقًا للقواعد المنهجية المتعارف عليها دوليًا.
أمين الفتوى: تنظيم النسل أصبح من الضرورات
وفي رأي الشرع، قال الدكتور عمرو الوردانى أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن تنظيم النسل قديم من قدم التشريع ولا مانع فيه، مؤكدًا أن الزيادة السكانية قد تتسبب فى مجاعات وتغييب العقل وتهديد الدين.
وأوضح "الورداني"، في تصريحات متلفزة، أن دار الإفتاء أصدرت فتوى بجواز تنظيم النسل، لأنه أصبح من الضرورات.